[ ص: 197 ]    3 - باب في  تثنية الإقامة   
حديث   أبي محذورة     - من ذهب إليه - حديث  أنس     - من ذهب إليه - آخر الأمرين .  
أخبرنا  أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد ،  أخبرنا  أبو الفتح العبدوسي ،  أخبرنا  الحسين بن علي بن سلمة ،  أخبرنا  محمد بن أحمد الحافظ ،  أخبرنا   أحمد بن شعيب ،  أخبرنا  إبراهيم بن الحسن ،  حدثنا   حجاج عن ابن جريج ،  عن  عثمان بن السائب ،  قال : أخبرني أبي وأم  عبد الملك بن أبي محذورة ،  عن   أبي محذورة ،  قال :  لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من  حنين   خرجت عاشر عشرة من  أهل  مكة    لطلبهم ، فسمعناهم يؤذنون بالصلاة ، فقمنا نؤذن نستهزئ بهم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : قد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت ، فأرسل إلينا ، فأذنا رجلا رجلا وكنت آخرهم ، فقال حين أذنت : تعال . فأجلسني بين يديه ، فمسح ناصيتي ، وبرك علي ثلاث مرات ، ثم قال : اذهب فأذن عند البيت الحرام . فقلت : كيف يا رسول الله ؟ فعلمني كما يؤذن الآن بها " الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن  محمدا   رسول الله ، أشهد أن  محمدا   رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، في أول الصبح ، قال : علمني الإقامة مرتين : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن  محمدا   رسول الله ، أشهد أن  محمدا   رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله     . قال      [ ص: 198 ]  ابن جريج     : أخبرني  عثمان  هذا الخبر كله عن أبيه ، وعن أم  عبد الملك بن أبي محذورة  أنهما سمعا ذلك من   أبي محذورة     .  
هذا حديث حسن على شرط  أبي داود   والترمذي   والنسوي ،  وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب : فذهبت طائفة إلى أن الإقامة مثل الأذان مثنى ، وهو قول   سفيان الثوري ،  وأبي حنيفة ،  وأهل  الكوفة ،    واحتجوا في هذا الباب بهذا الحديث ، ورأوه محكما وناسخا لحديث  بلال     .  
أخبرنا   أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي ،  أخبرنا  أحمد بن علي بن عبد الله  في كتابه ، أخبرنا   الحاكم أبو عبد الله ،  أخبرنا   أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار الزاهد ،  حدثنا   إسماعيل بن إسحاق القاضي ،  حدثنا   هدبة بن خالد ،  حدثنا  وهيب ،  حدثنا   خالد الحذاء ،  عن  أبي قلابة ،  عن  أنس ،  أنهم ذكروا الصلاة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : نوروا نارا ، أو اضربوا ناقوسا ، فأمر  بلالا  أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة     .  
 [ ص: 199 ] هذا حديث صحيح متفق عليه ، أخرجه  مسلم  في الصحيح من حديث وهيب ، وأخرجاه من حديث   عبد الوهاب الثقفي ،  عن   خالد الحذاء  قالوا : وهذا ظاهر في النسخ ؛ لأن  بلالا  أمر بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان   على ما دل عليه حديث  أنس     .  
وأما حديث   أبي محذورة  كان عام  حنين   وبين الوقتين مدة مديدة .  
وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم ؛ فرأوا أن الإقامة فرادى ، وإلى هذا المذهب ذهب   سعيد بن المسيب ،   وعروة بن الزبير ،   والزهري ،   ومالك بن أنس ،  وأهل  الحجاز ،     والشافعي  وأصحابه ، وإليه ذهب   عمر بن عبد العزيز ،  ومكحول ،   والأوزاعي ،  وأهل الشام ،   وإليه ذهب   الحسن البصري ،   ومحمد بن سيرين ،   وأحمد بن حنبل ،  ومن تبعهم من العراقيين ، وإليه ذهب  يحيى بن يحيى ،   وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ،  ومن تبعهما من الخراسانيين ، وذهبوا في ذلك إلى حديث  أنس  وقالوا : أما حديث   أبي محذورة  فالجواب عنه من وجوه نذكر بعضها :  
منها : أن من  شرط الناسخ   أن يكون أصح سندا ، وأقوم قاعدة في جميع جهات الترجيحات على ما قررناه في مقدمة الكتاب ، وغير مخفي على من الحديث صناعته أن حديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس في جهة واحدة في الترجيح ، فضلا عن الجهات كلها .  
ومنها : أن جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة ؛ بدليل ما أخبرنا به  أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه ،  أخبرنا  أبو عبد الله محمد بن الفضل ،  أخبرنا  أحمد بن الحسين ،  أخبرنا  أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ،  أخبرنا  أبو زرعة عبد الله   [ ص: 200 ] محمد بن الطيب ،  أن  محمد بن المسيب بن إسحاق  أخبرهم ، حدثنا   محمد بن إسماعيل البخاري  بخسروجرد ،   حدثنا  عبد الله بن عبد الوهاب ،  أخبرني  إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ،  أخبرني جدي  عبد الملك بن أبي محذورة ،  أنه  سمع  أبا محذورة ؛  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة .  وقال   عبد الله بن الزبير الحميدي  عن  إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك  قال : أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون : " الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله " .  ونحو ذلك حكى   الشافعي  عن ولد   أبي محذورة ،  وفي بقاء   أبي محذورة  وولده على إفراد الإقامة دلالة ظاهرة على وهم وقع فيما روي في حديث   أبي محذورة  من تثنية الإقامة .  
وقال بعض أئمة الحديث : إنما ورد في تثنية كلمة التكبير وكلمة الإقامة فقط ، فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها ، وفي رواية   حجاج بن محمد  وعبد الرزاق ،  عن   ابن جريج ،  عن  عثمان بن السائب ،  عن أبيه ، وعن أم  عبد الملك بن أبي محذورة  كليهما عن   أبي محذورة  ما يدل على ذلك .  
ثم لو قدرنا أن هذه الزيادة محفوظة ، وأن الحديث ثابت ، ولكنه منسوخ ، وأذان  بلال  هو آخر الأذانين ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عاد من حنين ورجع إلى  المدينة   أقر  بلالا  على أذانه وإقامته .  
قرأت على  المبارك بن علي البيع  ، أخبرك  أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف  إذنا ، عن   أبي إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي ،  عن  عبد العزيز بن جعفر ،  أخبرنا   أبو بكر أحمد بن محمد الخلال ،  أخبرني  محمد   [ ص: 201 ] بن علي ،  حدثنا  الأثرم  قال : قيل  لأبي عبد الله :  أليس حديث   أبي محذورة  بعد حديث  عبد الله بن يزيد ؛  لأن حديث   أبي محذورة  بعد فتح  مكة ؟   فقال : أليس قد رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى  المدينة ؟   فأقر  بلالا  على أذان   عبد الله بن زيد     .  
وبالإسناد قال  الخلال     : أخبرني   عبد الملك بن عبد الحميد  قال : ناظرت  أبا عبد الله  في أذان   أبي محذورة     : فقال : نعم ، قد كان   أبو محذورة  يؤذن ، وثبت أذان   أبي محذورة ،  ولكن أذان  بلال  هو آخر الأذان .  
				
						
						
