( وإن ) ( لبس ثوبا مخيطا أو غطى رأسه يوما كاملا  فعليه دم ، وإن كان أقل من ذلك فعليه صدقة ) وعن  أبي يوسف  رحمه الله أنه إذا لبس أكثر من نصف يوم فعليه دم ، وهو قول  أبي حنيفة  رحمه الله أولا . وقال  الشافعي  رحمه الله : يجب الدم بنفس اللبس ; لأن الارتفاق يتكامل بالاشتمال على بدنه ولنا أن معنى الترفق مقصود من اللبس فلا بد من اعتبار المدة ليحصل على الكمال ويجب الدم ، فقدر باليوم ; لأنه يلبس فيه ثم ينزع عادة ، وتتقاصر فيما دونه الجناية فتجب الصدقة غير أن  أبا يوسف  رحمه الله أقام الأكثر مقام الكل ( ولو ارتدى بالقميص أو اتشح به أو ائتزر بالسراويل  فلا بأس به ) ; لأنه لم يلبسه لبس المخيط . 
( وكذا لو أدخل منكبيه في القباء ولم يدخل يديه في الكمين    ) خلافا  لزفر  رحمه الله ; لأنه ما لبسه لبس القباء ، ولهذا يتكلف في حفظه . والتقدير في تغطية الرأس من حيث الوقت ما بيناه ، ولا خلاف أنه إذا غطى جميع رأسه يوما كاملا يجب عليه الدم ; لأنه ممنوع عنه . ولو غطى ، بعض رأسه فالمروي عن  أبي حنيفة  رحمه الله أنه اعتبر الربع اعتبارا بالحلق والعورة  [ ص: 233 ] وهذا ; لأن ستر البعض استمتاع مقصود يعتاده بعض الناس . 
وعن  أبي يوسف  رحمه الله أنه يعتبر أكثر الرأس اعتبارا للحقيقة ( وإذا حلق ربع رأسه أو ربع لحيته فصاعدا  فعليه دم ، فإن كان أقل من الربع فعليه صدقة ) وقال  مالك  رحمه الله : لا يجب إلا بحلق الكل ، وقال  الشافعي  رحمه الله . يجب بحلق القليل اعتبارا بنبات الحرم . ولنا أن حلق بعض الرأس ارتفاق كامل ; لأنه معتاد فتتكامل به الجناية وتتقاصر فيما دونه بخلاف تطيب ربع العضو ; لأنه غير مقصود ، وكذا حلق بعض اللحية معتاد بالعراق  وأرض العرب    ( وإن حلق الرقبة  كلها فعليه دم ) ; لأنه عضو مقصود بالحلق ( وإن حلق الإبطين أو أحدهما  فعليه دم ) ; لأن كل واحد منهما مقصود بالحلق لدفع الأذى ونيل الراحة فأشبه العانة . 
ذكر في الإبطين الحلق هاهنا وفي الأصل النتف ، وهو السنة ( وقال  أبو يوسف   ومحمد    ) رحمهما الله( إذا حلق عضوا فعليه دم ، وإن كان أقل فطعام ) أراد به الصدر والساق وما أشبه ذلك ; لأنه مقصود بطريق التنور فتتكامل بحلق كله وتتقاصر عند حلق بعضه ( وإن أخذ من شاربه  فعليه طعام حكومة عدل ) ومعناه أنه ينظر أن هذا المأخوذ كم يكون من ربع اللحية ، فيجب عليه الطعام بحسب ذلك حتى لو كان مثلا مثل ربع الربع تلزمه قيمة ربع الشاة . ولفظة الأخذ من الشارب تدل على أنه هو السنة فيه دون الحلق . والسنة أن يقص حتى يوازي الإطار . 
قال : ( وإن حلق موضع المحاجم  ، فعليه دم عند  أبي حنيفة    ) رحمه الله ( وقالا     : عليه صدقة ) ; لأنه إنما يحلق لأجل الحجامة ، وهي ليست من المحظورات ، فكذا ما يكون وسيلة إليها إلا أن فيه إزالة شيء من التفث فتجب الصدقة ،  ولأبي حنيفة  رحمه الله أن حلقه مقصود ; لأنه لا يتوسل إلى المقصود إلا به وقد وجد إزالة التفث عن عضو كامل فيجب الدم ( وإن حلق رأس محرم بأمره أو بغير أمره  ، فعلى الحالق الصدقة وعلى المحلوق دم ) وقال  الشافعي  رحمه الله : لا يجب إن كان بغير أمره بأن كان نائما ; لأن من أضله أن  [ ص: 234 ] الإكراه يخرج المكره من أن يكون مؤاخذا بحكم الفعل ، والنوم أبلغ منه وعندنا بسبب النوم والإكراه ينتفي المأثم دون الحكم وقد تقرر سببه ، وهو ما نال من الراحة والزينة فيلزمه الدم حتما بخلاف المضطر حيث يتخير ; لأن الآفة هناك سماوية وههنا من العباد ثم لا يرجع المحلوق رأسه على الحالق ; لأن الدم إنما لزمه بما نال من الراحة فصار كالمغرور في حق العقر ، وكذا إذا كان الحالق حلالا لا يختلف الجواب في حق المحلوق رأسه . وأما الحالق تلزمه الصدقة في مسألتنا في الوجهين . وقال  الشافعي  رحمه الله : لا شيء عليه ، وعلى هذا الخلاف إذا حلق المحرم رأس حلال    . له أن معنى الارتفاق لا يتحقق بحلق شعر غيره وهو الموجب . ولنا أن إزالة ما ينمو من بدن الإنسان من محظورات الإحرام لاستحقاقه الأمان بمنزلة نبات الحرم ، فلا يفترق الحال بين شعره وشعر غيره إلا أن كمال الجناية في شعره 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					