الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        باب في الأولياء والأكفاء ( وينعقد نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي بكرا كانت أو ثيبا عن أبي حنيفة وأبي يوسف ) رحمهما الله( في ظاهر الرواية .

                                                                                                        وعن أبي يوسف ) رحمه الله ( أنه لا ينعقد إلا بولي وعند محمد ينعقد موقوفا ) وقال مالك والشافعي رحمهما الله: لا ينعقد النكاح بعبارة النساء أصلا ; لأن النكاح يراد لمقاصده والتفويض إليهن مخل بها ، إلا أن محمدا رحمه الله [ ص: 341 ] يقول : يرتفع الخلل بإجازة الولي ، ووجه الجواز أنها تصرفت في خالص حقها وهي من أهله لكونها عاقلة مميزة ولهذا كان لها التصرف في المال ولها اختيار الأزواج وإنما يطالب الولي بالتزويج كي لا تنسب إلى الوقاحة ثم في ظاهر الرواية لا فرق بين الكفء وغير الكفء ولكن للولي الاعتراض في غير الكفء . [ ص: 342 ] وعن أبي حنيفة وأبي يوسف : أنه لا يجوز في غير الكفء ; لأنه كم من واقع لا [ ص: 343 ] يرفع ، ويروى رجوع محمد إلى قولهما .

                                                                                                        [ ص: 340 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 340 ] باب في الأولياء والأكفاء

                                                                                                        الحديث الأول : أحاديث الأصحاب في عدم اشتراط الولي : أخرج الجماعة إلا البخاري عن نافع بن جبير عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها }" انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم : { الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر ، وإذنها سكوتها }انتهى . ووجهه أنه شارك بينها وبين الولي ، ثم قدمها بقوله : أحق ، وقد صح العقد منه ، فوجب أن يصح منها ، قال ابن الجوزي في " التحقيق " : والجواب أنه أثبت لها حقا ، وجعلها أحق ; لأنه ليس للولي إلا المباشرة ، ولا يجوز له أن يزوجها إلا بإذنها .

                                                                                                        { حديث آخر } : قال ابن الجوزي : قال سعيد بن منصور : ثنا أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : { جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أبي أنكحني رجلا ، وأنا كارهة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيها : لا نكاح لك ، اذهبي ، فانكحي من شئت }انتهى . قال ابن الجوزي : والجواب : إن الموجود في " الصحيح " إن أباها أنكحها ، وهي كارهة ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، [ ص: 341 ] وهو من حديث خنساء بنت خذام ، وأما قوله : انكحي من شئت ، فرواه أبو سلمة مرسلا . هذا ، والمرسل ليس بحجة ، ولو قلنا : إنه حجة فالمراد تخيير الأكفاء ، والله أعلم .

                                                                                                        أحاديث الخصوم : أخرج أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { لا نكاح إلا بولي }" انتهى ، قال الترمذي هذا حديث فيه اختلاف ، رواه إسرائيل ، وشريك بن عبد الله ، وأبو عوانة ، وزهير بن معاوية ، وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ; ورواه أسباط بن محمد ، وزيد بن حباب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ; وروى أبو عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن أبي إسحاق ، وقد روي عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى شعبة ، والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مرسلا ، وأسنده بعض أصحاب سفيان عن أبي إسحاق ، ولا يصح ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق [ ص: 342 ] عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا نكاح إلا بولي } ، عندي أصح ; لأن سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة ، وإن كان شعبة ، والثوري أحفظ ، وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث ، فإن رواية هؤلاء عندي أشبه وأصح ; لأن شعبة ، والثوري سمعا هذا الحديث عن أبي إسحاق في مجلس واحد ، يدل عليه ما حدثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود ثنا شعبة ، قال : سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لا نكاح إلا بولي }" ؟ قال : نعم ، فدل هذا الحديث أن سماع شعبة ، والثوري هذا الحديث في وقت واحد ، وإسرائيل هو ثبت في أبي إسحاق ، انتهى كلام الترمذي .

                                                                                                        وأخرجه الحاكم في " المستدرك " عن النعمان بن عبد السلام عن شعبة ، وسفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " { لا نكاح إلا بولي }" انتهى .

                                                                                                        قال الحاكم : وهذا الحديث لم يكن للشيخين إخلاء الصحيحين منه ، فإن النعمان بن عبد السلام ثقة مأمون ، وقد وصله عن الثوري ، وشعبة جميعا ، وقد رواه جماعة من الثقات عن الثوري .

                                                                                                        وعن شعبة عن جده ، فوصلوه ، فأما إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الثقة الحجة في حديث جده أبي إسحاق ، فلم يختلف عنه في وصله ، ثم أخرجه من حديث هشام بن القاسم ، وعبيد الله بن موسى ، وأبي غسان مالك بن إسماعيل ، وأحمد بن خالد الوهبي ، وعبد الله بن رجاء ، وطلق بن غنام ، كلهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق به سندا ، قال : وهذه الأسانيد كلها صحيحة ، وقد وصله عن أبي إسحاق أيضا جماعة من أئمة المسلمين غير من ذكرناهم ، منهم : الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه ، وأبو عوانة ، وزهير بن معاوية ، ورقبة بن مصقلة ، ومطرف بن طريف الحارثي ، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي ، وزكريا بن أبي زائدة ، وغيرهم ، قال : وقد وصله عن أبي بردة جماعة غير أبي إسحاق ، ثم أخرجه عن يونس بن أبي إسحاق به مسندا .

                                                                                                        وعن أبي حصين عثمان بن عاصم عن أبي إسحاق به مسندا ، قال : ولست أعلم بين أهل العلم خلافا في عدالة [ ص: 343 ] يونس بن أبي إسحاق ، وفيه دليل على أن الخلاف الذي وقع على أبيه من جهة أصحابه لا من جهة أبي إسحاق ، قال : وفي الباب عن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس ، ومعاذ بن جبل ، وعبد الله بن عمر ، وأبي ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود ، وعبد الله بن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، وأبي هريرة ، وعمران بن حصين ، وعبد الله بن عمرو ، والمسور بن مخرمة ، وأنس بن مالك ، وأكثرها صحيحة ، وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : عائشة ، وأم سلمة ، وزينب بنت جحش رضي الله عنهم انتهى كلامه .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن ; ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والأربعين ، من القسم الثالث عن ابن خزيمة ، والحاكم في " المستدرك " ، وقال : على شرط الشيخين ; ورواه ابن عدي في " الكامل في ترجمة سليمان بن موسى " ، ثم قال : قال ابن جريج : فلقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث ، فلم يعرفه ، فقلت له : إن سليمان بن موسى حدثنا به عنك ، قال : فأثنى على سليمان خيرا . وقال : أخشى أن يكون وهم علي ، قال ابن عدي : وهذا حديث جليل ، وعليه الاعتماد في إبطال النكاح بغير ولي ; وقد رواه عن ابن جريج الكبار من الناس ، منهم : يحيى بن سعيد ، والليث بن سعد ، ولا يعرف من حديث آخر بهذا الإسناد ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة غير هذا الحديث انتهى كلامه . ورواه أحمد في " مسنده " ، وزاد فيه : قال ابن جريج : ثم لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث ، فلم يعرفه ، قال الترمذي : [ ص: 344 ] وقد تكلم فيه بعض أهل الحديث من جهة ابن جريج ، قال : ثم لقيت الزهري فسألته عنه ، فأنكره ، فضعفوا الحديث من أجل هذا ، وذكر عن يحيى بن معين أنه قال : لم يذكر هذا عن الزهري إلا إسماعيل ابن علية عن ابن جريج ، وضعف يحيى رواية إسماعيل عن ابن جريج انتهى .

                                                                                                        وحكاية ابن جريج هذه أسندها الطحاوي في " شرح الآثار " أيضا ، فقال : وذكر ابن جريج أنه سأل عنه ابن شهاب ، فلم يعرفه ، حدثنا بذلك ابن أبي عمران حدثنا يحيى بن معين عن ابن علية عن ابن جريج بذلك انتهى .

                                                                                                        وقال ابن حبان في " صحيحه " : وقد أوهم هذا الخبر من لم يحكم صناعة هذا الحديث أنه منقطع بحكاية حكاها ابن علية عن ابن جريج أنه قال : ثم لقيت الزهري فسألته عن ذلك فلم يعرفه ، قال : وليس هذا مما يقدح في صحة الخبر ; لأن الضابط من أهل العلم قد يحدث بالحديث ثم ينساه ، فإذا سئل عنه لم يعرفه ، فلا يكون نسيانه دالا على بطلان الخبر ، وهذا المصطفى صلى الله عليه وسلم خير البشر صلى فسها ، فقيل له : أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ فقال : كل ذلك لم يكن ، فلما جاز على من اصطفاه الله لرسالته في أعم أمور المسلمين الذي هو الصلاة حين نسي ، فلما سألوه أنكر ذلك ، ولم يكن نسيانه دالا على بطلان الحكم الذي نسيه ، كان جواز النسيان على من دونه من أمته الذين لم يكونوا بمعصومين أولى انتهى .

                                                                                                        قال الحاكم بعد أن أخرجه عن جماعة عن ابن جريج : وقد صحت الروايات عن الأئمة الأثبات بسماع الرواة بعضهم من بعض ، فلا تعلل هذه الروايات بحديث ابن علية .

                                                                                                        وقول ابن جريج : سألت الزهري عنه فلم يعرفه ، فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدث به ، وقد اتفق ذلك لغير واحد من الحفاظ ، قال : وأخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس سمعت أحمد بن حنبل يقول : وذكر عنده حكاية ابن علية في حديث ابن جريج : { لا نكاح إلا بولي } ، فقال : ابن جريج له كتب مدونة ، وليس هذا فيها يعني حكاية ابن علية انتهى .

                                                                                                        وقال البيهقي في " المعرفة " : وقد أعل [ ص: 345 ] بعض من يسوي الأخبار على مذهبه هذا الحديث بشيئين : أحدهما : ما رواه بإسناده عن ابن علية أن ابن جريج سأل الزهري عنه فأنكره ، ثم أسند عن أحمد ، وابن معين أنهما ضعفا رواية ابن علية هذه ، قال : فهذان إمامان قد وهنا هذه الرواية مع وجوب قبول خبر الصادق ، وإن نسي من أخبر عنه .

                                                                                                        الثاني : أن عائشة رضي الله عنهاروي عنها ما يخالفه ، فروي من طريق مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير ، وعبد الرحمن غائب بالشام ، فلما قدم عبد الرحمن قال : ومثلي يفتات عليه ؟ فكلمت عائشة المنذر بن الزبير ، فقال : إن ذلك بيد عبد الرحمن ، فقال عبد الرحمن : ما كنت لأرد أمرا قضيته ، فاستقرت حفصة عند المنذر ، ولم يكن ذلك طلاقا انتهى .

                                                                                                        وكذلك رواه مالك في " الموطأ " ، كما تراه ، قال البيهقي : ونحن نحمل قوله : زوجت أي مهدت أسباب التزويج وأضيف النكاح إليها لاختيارها ذلك ، وإذنها فيه ، ثم أشارت على من ولي أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد النكاح ، قال : ويدل على صحة هذا التأويل ما أخبرنا ، وأسند عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : كنت عند عائشة يخطب إليها المرأة من أهلها ، فتشهد ، فإذا بقيت عقدة النكاح ، قالت لبعض أهلها : زوج ، فإن المرأة لا تلي عقد النكاح ، وفي لفظ : فإن النساء لا ينكحن ، قال : إذا كان مذهبها ما روي من حديث عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن المراد بقوله : زوجت ، ما ذكرناه ، فلا يخالف ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                        قال : والعجب من هذا المحتج بحكاية ابن علية في رد هذه السنة ، وهو يحتج برواية الحجاج بن أرطاة في غير موضع ، وهو يردها هاهنا عن الحجاج عن الزهري بمثله ، ويحتج أيضا برواية ابن لهيعة في غير موضع ، ويردها هاهنا عن ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري بمثله ، فيقبل رواية كل واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه ، ولا يقبل روايتهما مجتمعة ، إذا خالفت مذهبه ، ومعهما رواية ثقة ، قال البيهقي : واحتج أيضا لمذهبه بتزويج عمر بن أبي سلمة أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير ; قال : وليس فيه حجة ; لأنه لو كان جائزا بغير ولي لأوجبت العقد بنفسها ، ولم تأمر غيرها ، فلما أمرت به غيرها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها على ما جاء في بعض الروايات دل على أنها لا تلي عقد النكاح ، وقول من زعم : إنه زوجها بالبنوة يقابل بقول من قال : بل زوجها بأنه كان من بني أعمامها ، ولم يكن لها ولي هو [ ص: 346 ] أقرب إليها منه ، وذلك ; لأنه عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وأم سلمة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فتزوجه بها كان بولي ; وقد قيل : إن نكاح النبي صلى الله عليه وسلم لا يفتقر إلى ولي ، وتزويج زينب بنت جحش يدل على ذلك انتهى كلامه .

                                                                                                        قال ابن الجوزي في " التحقيق " : وإنكار الزهري الحديث لا يطعن في روايته ; لأن الثقة قد يروي وينسى ، قال أحمد بن حنبل : كان ابن عيينة يحدث ناسا ، ثم يقول : ليس هذا من حديثي ولا أعرفه ; وروي عن سهيل بن أبي صالح أنه ذكر له حديث فأنكره ، فقال له ربيعة : أنت حدثتني به عن أبيك ، فكان سهيل يقول : حدثني ربيعة عني ، وقد جمع الدارقطني جزءا فيمن حدث ونسي ، قال : والدليل على أن الزهري نسي أن هذا الحديث رواه جعفر بن ربيعة ، وقرة بن عبد الرحمن ، وابن إسحاق ، فدل على ثبوته عنه ، فحديث جعفر بن ربيعة أخرجه أبو داود عن القعنبي عن ابن لهيعة عنه .

                                                                                                        وحديث . . . قال في " التنقيح " : وسليمان بن موسى ليس من رجال الصحيح ، بل هو صدوق : وقال فيه النسائي : ليس بالقوي في الحديث ; وقد روي هذا الحديث مختلف الإسناد والمتن ، فروي كما تقدم من حديث الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا : { لا نكاح إلا بولي ، والسلطان ولي من لا ولي له }; والحجاج ضعيف ، رواها ابن ماجه ; وأخرجه الدارقطني عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا : { لا نكاح إلا بولي ، وشاهدي عدل } ، قال الدارقطني : رواه عن هشام سعيد بن خالد ، ونوح بن دراج ، وعبد الله بن حكيم ، وقالوا فيه : وشاهدي عدل ، ومحمد بن يزيد بن سنان ، وأبوه ضعيفان ; وأخرجه الدارقطني أيضا عن أبي الخصيب عن هشام به مرفوعا : { لا بد في النكاح من أربعة : الولي ، والزوج ، والشاهدين } ، وهذا حديث منكر ، والأشبه أن يكون موضوعا ، وأبو الخصيب اسمه : نافع بن ميسرة ، وهو مجهول انتهى كلامه .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البخاري عن الحسن أن معقل بن يسار زوج أختا له ، فطلقها الرجل ، ثم أنشأ يخطبها ، فقال : زوجتك كريمتي فطلقتها ، ثم أنشأت تخطبها ؟ فأبى أن [ ص: 347 ] يزوجه ، وهويته المرأة ، فأنزل الله تعالى { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن ماجه عن الحجاج بن أرطاة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا نكاح إلا بولي ، والسلطان ولي من لا ولي له } ، والحجاج ضعيف ، وفي سماعه من عكرمة نظر ، قال في " التنقيح " : قال أحمد : لم يسمع منه ، ولكن روي عن داود بن الحصين عنه ، لكن الطبراني رواه عن خالد الحذاء عن عكرمة به ; قال ابن الجوزي : وله طرق أخرى كلها ضعيفة ; قلت : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد الله بن الفضل عن عدي بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا .

                                                                                                        وقال : رجاله ثقات ، إلا أنه محفوظ من قول ابن عباس ، ولم يرفعه إلا عبد الله بن الفضل انتهى ، وأخرجه الطبراني عن أبي يعقوب بن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن جميل بن الحسن الجهضمي ثنا محمد بن مروان العقيلي ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تزوج المرأة نفسها ، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه أيضا عن مسلم بن أبي مسلم الجرمي ثنا مخلد بن الحسين ثنا هشام به ; قال ابن الجوزي : وجميل ، ومسلم هذان لا يعرفان ، قال في " التنقيح " : أما جميل فهو ابن الحسن الأزدي العتكي الأهوازي مشهور ; وروى عنه ابن خزيمة ، وابن أبي داود ، وخلف ; وروى عنه ابن ماجه ، وابن خزيمة هذا الحديث ، ووثقه ابن حبان ، وتكلم فيه غيره ; ومسلم الجرمي هو ابن عبد الرحمن ، قال ابن حبان : هو من الثقات ، روى عن مخلد بن حسين ، وروى عنه الحسن بن سفيان أيضا هذا الحديث .

                                                                                                        وقال : سألت يحيى بن معين عن رواية مخلد بن حسين عن هشام بن حسان ، فقال : ثقة ، قلت : تذكرت له هذا الحديث ؟ فقال : نعم ، كان عندنا شيخ يرفعه عن مخلد ; ورواه بحر بن نضر عن بشر بن بكر عن الأوزاعي عن ابن سيرين عن أبي هريرة موقوفا ، وهو أشبه ; وكذلك قال ابن عيينة : عن هشام بن حسان [ ص: 348 ] عن ابن سيرين ; وذكر ابن الجوزي أحاديث واهية ضعيفة ، أضربنا عن ذكرها ، والله أعلم .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا محمد بن عباس بن الوليد الريبوني ثنا عمر بن عثمان الرقي ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا : { لا نكاح إلا بولي ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن بكر بن بكار ثنا عبد الله بن محرز عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل }" انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا عبد الله بن محرز عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعا نحوه ; ومن طريق عبد الرزاق : رواه الطبراني في " معجمه " ، وهما معلولان بعبد الله بن محرز ، وفي الأول أيضا بكر بن بكار ، وهو أيضا ضعيف .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن ثابت بن زهير ، قال البخاري فيه : منكر الحديث قاله ابن عدي .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن عدي في " الكامل " عن أحمد بن عبد الله بن محمد أبي علي الكندي ثنا إبراهيم بن الجراح الحساني ثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن خصيف عن جابر بن عقيل عن علي بن أبي طالب مرفوعا نحوه : قال ابن عدي لم يحدث به إلا أحمد هذا ، وهو باطل ; وأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن عمر بن صبح بن عمران التميمي عن مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن ثمامة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أيما امرأة تزوجت بغير إذن ولي فنكاحها باطل فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له } ، وضعفه معمر بن صبيح ، قال : وقد اضطرب فيه ، فمرة رواه هكذا ، ومرة رواه عن [ ص: 349 ] مقاتل عن قبيصة عن معاذ انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن عدي عن إسماعيل بن سيف البصري ثنا هشام بن سليمان المجاشعي عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا نحوه ، وقال : إسماعيل هذا يسرق الحديث .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه ابن عدي أيضا عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا نحوه ; وأسند تضعيف سليمان بن أرقم عن أبي داود ، وأحمد ، والنسائي ، وابن معين ، وأخرجه أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ; وأسند تضعيف العرزمي عن البخاري ، والنسائي ، وابن معين ، ووافقهم ; ثم قال : وقد اختلف فيه على العرزمي ، فروي كما ذكرناه ، ومرة كما أخبرنا ، فأسند عن العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه ; ومرة كما أخبرنا ، فأسند عنه أيضا عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه ; وهذه الاختلافات في هذا الحديث كلها غير محفوظة انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " حدثنا عبد الله بن عصمة النصيبي ثنا حمزة بن أبي حمزة عن عطاء عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فإن كان دخل بها فلها صداقها بما استحل من فرجها ، ويفرق بينهما ، وإن كان لم يدخل بها فرق بينها ، والسلطان ولي من لا ولي له ، }انتهى .

                                                                                                        ومن طريق ابن راهويه رواه الطبراني في " معجمه " ، وأبو نعيم في " الحلية " ، قال أبو نعيم : تفرد به عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر ، وفي لفظه التفريق ، وقد روي عن عروة عن عائشة نحوه في إبطال النكاح ، دون لفظ التفريق انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية