الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 91 - 93 ] فصل في نواقض الوضوء ( المعاني الناقضة للوضوء : كل ما يخرج من السبيلين ) :

                                                                                                        لقوله تعالى{ أو جاء أحد منكم من الغائط }{ وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الحدث ؟ قال : ما يخرج من السبيلين }وكلمة " ما " عامة فتتناول المعتاد وغيره ( والدم والقيح إذا خرجا من البدن فتجاوزا إلى موضع يلحقه حكم التطهير ، والقيء ملء الفم ) وقال الشافعي رحمه الله : الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء ، لما روي { أنه عليه الصلاة والسلام قاء فلم يتوضأ }; ولأن غسل غير موضع الإصابة أمر تعبدي فيقتصر على مورد الشرع ، وهو المخرج المعتاد ، ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : { الوضوء من كل دم سائل }. [ ص: 94 ] وقوله عليه الصلاة والسلام : { من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم }; ولأن خروج النجاسة مؤثر في زوال الطهارة ، وهذا القدر في الأصل معقول ، والاقتصار على الأعضاء الأربعة غير معقول ، لكنه يتعدى ضرورة تعدي الأول ، غير أن الخروج إنما يتحقق بالسيلان إلى موضع يلحقه حكم التطهير ، وبملء الفم في القيء ; لأن زوال القشرة تظهر النجاسة في محلها ، فتكون بادية لا خارجة ، بخلاف [ ص: 95 ] السبيلين ; لأن ذلك الموضع ليس بموضع النجاسة فيستدل بالظهور على الانتقال والخروج ، وملء الفم : أن يكون بحال لا يمكن ضبطه إلا بتكلف ; لأنه يخرج ظاهرا فاعتبر خارجا . [ ص: 96 - 101 ] وقال زفر رحمه الله تعالى: قليل القيء وكثيره سواء ، وكذا لا يشترط السيلان عنده اعتبارا بالمخرج المعتاد ، ولإطلاق قوله عليه الصلاة والسلام : { القلس حدث }.

                                                                                                        ولنا قوله عليه الصلاة والسلام : { ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا }وقول علي رضي الله عنه حين عد الأحداث جملة : أو دسعة تملأ الفم .

                                                                                                        وإذا تعارضت الأخبار يحمل ما رواه الشافعي رحمه الله على القليل ، وما رواه زفر رحمه الله على الكثير ، والفرق بين المسلكين قد بيناه .

                                                                                                        ولو قاء متفرقا بحيث لو جمع يملأ الفم ; فعند أبي يوسف رحمه الله يعتبر اتحاد المجلس ، وعند محمد رحمه الله يعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان . [ ص: 102 ] ثم ما لا يكون حدثا لا يكون نجسا ، يروى ذلك عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وهو الصحيح ; لأنه ليس بنجس حكما حيث لم تنتقض به الطهارة .

                                                                                                        ( وهذا إذا قاء مرة أو طعاما أو ماء ، فإن قاء بلغما فغير ناقض ) عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ، وقال أبو يوسف رحمه الله : ناقض إذا كان ملء الفم ، والخلاف في المرتقي من الجوف ، أما النازل من الرأس فغير ناقض بالاتفاق ; لأن الرأس ليس بموضع النجاسة .

                                                                                                        لأبي يوسف رحمه الله أنه نجس بالمجاورة ، ولهما أنه لزج لا تتخلله النجاسة ، وما يتصل به قليل ، والقليل في القيء غير ناقض .

                                                                                                        ( ولو قاء دما وهو علق يعتبر فيه ملء الفم ; لأنه سوداء محترقة ) وإن كان مائعا فكذلك عند محمد رحمه الله اعتبارا بسائر أنواعه ، وعندهما إن سال بقوة نفسه ينتقض الوضوء وإن كان قليلا ; لأن المعدة ليست بمحل الدم فيكون من قرحة في الجوف ( ولو نزل ) من الرأس ( إلى ما لان من الأنف نقض بالاتفاق ) لوصوله إلى موضع يلحقه حكم التطهير ، فيتحقق الخروج .

                                                                                                        [ ص: 93 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 93 ] فصل في نواقض الوضوء الحديث الخامس عشر : { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحدث ؟ فقال : ما يخرج من السبيلين }قلت : غريب ، وروى الدارقطني في كتابه " غرائب مالك " حدثنا الحسين بن رشيق ، ومحمد بن مظفر ، قالا : ثنا محمد بن عمير البزار بمصر ثنا أحمد بن عبد الله بن محمد اللجلاج ثنا يوسف بن أبي روح ثنا سوادة بن عبد الله الأنصاري حدثني مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من قبل أو دبر }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : وأحمد بن اللجلاج [ ص: 94 ] ضعيف انتهى . ليس في هذا مقصود المصنف ، فإنه استدل بعموم قوله : { ما يخرج من السبيلين }" على مالك في تخصيصه بالمعتاد . الحديث السادس عشر : روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاء ، فلم يتوضأ } ، قلت : غريب جدا .

                                                                                                        الحديث السابع عشر : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الوضوء من كل دم سائل }.

                                                                                                        قلت : روي من حديث تميم الداري ، ومن حديث زيد بن ثابت ، أما حديث تميم الداري ، فأخرجه الدارقطني في " سننه " عن يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن تميم الداري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { الوضوء من كل دم سائل }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : وعمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم ولا رآه ، واليزيدان مجهولان ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث زيد بن ثابت ، فرواه ابن عدي في " الكامل " في " ترجمة أحمد بن الفرج " عن بقية ثنا شعبة عن محمد بن سليمان بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الوضوء من كل دم سائل }انتهى .

                                                                                                        قال ابن عدي : هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أحمد هذا . وهو ممن لا يحتج بحديثه ، ولكنه يكتب ، فإن الناس مع ضعفه قد احتملوا حديثه انتهى .

                                                                                                        وقال ابن أبي حاتم " في كتاب العلل " : أحمد بن الفرج كتبنا عنه ، ومحله عندنا الصدق انتهى .

                                                                                                        الحديث الثامن عشر : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من قاء ، أو رعف في صلاته [ ص: 95 ] فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم }قلت : روي من حديث عائشة . ومن حديث الخدري ، فحديث عائشة صحيح ، وأعاده في " باب الحدث في الصلاة " أخرجه ابن ماجه في " سننه " في الصلاة عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أصابه قيء ، أو رعاف أو قلس ، أو مذي فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم }انتهى .

                                                                                                        ورواه الدارقطني في " سننه " ، ولفظه : قال : { إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس ، فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : الحفاظ من أصحاب ابن جريج يروونه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى . ورواه ابن عدي في " الكامل " في ترجمة " إسماعيل بن عياش " ثم قال : هكذا رواه ابن عياش مرة ، ومرة قال : عن ابن جريج عن أبيه عن عائشة ، وكلاهما غير محفوظ ، قال : وبالجملة فإسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه ويحتج به في حديث الشاميين فقط ، وأما حديثه عن الحجازيين فلا يخلو من ضعف : إما موقوف فيرفعه ، أو مقطوع فيوصله ، أو مرسل فيسنده ، أو نحو ذلك انتهى .

                                                                                                        قال الحازمي في " كتابه الناسخ والمنسوخ " : وإنما وثق إسماعيل بن عياش في الشاميين دون غيرهم ; لأنه كان شاميا ، ولكل أهل بلد اصطلاح في كيفية الأخذ من التشدد والتساهل وغير ذلك ، والشخص أعرف باصطلاح أهل بلده ، فلذلك يوجد في أحاديثه عن الغرباء من النكارة ، فما وجدوه من الشاميين احتجوا به ، وما كان من الحجازيين والكوفيين ، وغيرهم تركوه انتهى .

                                                                                                        ورواه البيهقي في " سننه " من جهة ابن عدي ، وحكى كلامه المذكور ، ثم أسند البيهقي إلى أحمد بن حنبل أنه قال : حديث ابن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قاء أو رعف }الحديث ، إنما رواه ابن جريج عن أبيه ، ولم يسنده ليس فيه عائشة ، وإسماعيل بن عياش ، ما رواه عن [ ص: 96 ] الشاميين ، فصحيح ، وما رواه عن أهل الحجاز فليس بصحيح . انتهى كلام أحمد .

                                                                                                        ثم أخرجه البيهقي من جهة الدارقطني بسنده عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وقال : هذا هو الصحيح عن ابن جريج ، وكذلك رواه محمد بن عبد الله الأنصاري وأبو عاصم النبيل ، وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم ، كما رواه عبد الرزاق ، ورواه إسماعيل بن عياش مرة هكذا مرسلا ، كما رواه غيره ، ثم أسند إلى الشافعي ، قال : ليست هذه الرواية ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن صحت فيحمل على غسل الدم لا على وضوء الصلاة انتهى .

                                                                                                        وهذا الحمل غير صحيح ، إذ لو حمل الوضوء في هذا الحديث على غسل الدم فقط لبطلت الصلاة التي هو فيها بالانصراف ، ثم بالغسل ، ولما جاز له أن يبني على صلاته ، بل يستقبل الصلاة ، وإسماعيل بن عياش ، فقد وثقه ابن معين ، وزاد في الإسناد عن عائشة ، والزيادة من الثقة مقبولة ، والمرسل عند أصحابنا حجة ، والله أعلم .

                                                                                                        وأما حديث الخدري ، فرواه الدارقطني أيضا من حديث أبي بكر الداهري عن حجاج عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا قاء أحدكم أو رعف وهو في الصلاة ، أو أحدث فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليجئ فليبن على ما مضى }انتهى .

                                                                                                        وهو معلول بأبي بكر الداهري . قال ابن الجوزي في " التحقيق " قال أحمد : ليس بشيء ، وقال السعدي : كذاب .

                                                                                                        وقال ابن حبان : يضع الحديث ، وينبغي أن ينظر في حجاج هذا من هو ؟ فإني رأيت في حاشية : أن حجاج بن أرطاة لم يسمع من الزهري ولم يلقه .

                                                                                                        أحاديث الباب : احتج ابن الجوزي في " التحقيق " لأصحابنا بحديث أخرجه البخاري في " صحيحه " عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : { جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة ؟ قال : لا ، إنما ذلك عرق . وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم }. قال هشام : قال أبي : { ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت }انتهى .

                                                                                                        واعترض الخصم بأن قوله : { ثم توضئي لكل صلاة } [ ص: 97 ] من كلام عروة ، وأجيب : بأنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الراوي علقه ، وإذا لو كان من كلام عروة لقال : ثم تتوضأ لكل صلاة ، فلما قال : " توضئي " شاكل ما قبله في اللفظ ، وأيضا فقد رواه الترمذي ، فلم يجعله من كلام عروة ولفظه : { وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت } ، وصححه .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود والترمذي ، والنسائي عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير حدثني الأوزاعي عن يعيش بن الوليد المخذومي عن أبيه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء { أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له ، فقال : صدق ، أنا صببت له وضوءه }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : هو أصح شيء في هذا الباب . ورواه الحاكم في " المستدرك " وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه وأعله الخصم باضطراب وقع فيه ، فإن معمرا رواه عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء ، ولم يذكر فيه الأوزاعي ، وأجيب : بأن اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره . قال ابن الجوزي : قال الأثرم : قلت لأحمد : قد اضطربوا في هذا الحديث ، فقال : قد جوده حسين المعلم ، وقد قال الحاكم : هو على شرطهما ، والله أعلم .

                                                                                                        ونقل البيهقي عن الشافعي أنه حمل الوضوء فيه على غسل الدم ، قال : وهو معروف من كلام العرب ، ثم أسند إلى مطرف بن مازن حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي المجالد عن أبي الحكم الدمشقي أن عبادة بن نسي [ ص: 98 ] حدثه عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ بن جبل ، قال : كنا نسمي غسل الفم واليد وضوءا ، وليس بواجب ، قال البيهقي : ومطرف بن مازن تكلموا فيه ، وقد روي عن ابن مسعود أنه غسل يديه من طعام ، ثم مسح وجهه ، وقال : " هذا وضوء من لم يحدث " انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن عمرو القرشي أبي خالد الواسطي عن أبي هاشم عن زاذان عن { سليمان قال : رآني النبي صلى الله عليه وسلم وقد سال من أنفي دم ، فقال : أحدث وضوءا }انتهى .

                                                                                                        ورواه البزار في " مسنده " وسكت عنه . قال ابن القطان في كتابه : قال إسحاق بن راهويه : عمرو بن خالد الواسطي يضع الحديث ، وقال ابن معين : كذاب انتهى .

                                                                                                        . وفي " التحقيق " لابن الجوزي . قال وكيع كان في جوارنا يضع الحديث ، فلما فطن له تحول إلى واسط ، وقال أبو زرعة : كان يضع انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " عن يزيد بن عبد الرحمن بن خالد الدالاني عن أبي هاشم به وأعله بالدالاني ، وقال : إنه كثير الخطأ لا يحتج به إذا وافق ، فكيف إذا انفرد ؟ .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن عمر بن رباح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ، ثم بنى على صلاته }انتهى .

                                                                                                        وأعله الخصم بعمر بن رباح ، قال ابن عدي في " الكامل " عمر بن رباح العبدي مولى ابن طاوس يحدث عن ابن طاوس بالبواطيل لا يتابعه عليها أحد ، وأسند عن البخاري أنه قال فيه : دجال ، وفي " التحقيق " قال الدارقطني متروك ، وقال ابن حبان : يروي عن الثقات الموضوعات ، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل التعجب انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني أيضا عن سليمان بن أرقم عن عطاء عن ابن عباس [ ص: 99 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ، ثم ليعد وضوءه ويستقبل صلاته }انتهى .

                                                                                                        وأعله الخصم بسليمان بن أرقم . الآثار في ذلك : روى مالك في " الموطأ " ثنا نافع عن ابن عمر أنه كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم ، ثم رجع وبنى على ما قد صلى انتهى .

                                                                                                        وعن مالك رواه الشافعي في " مسنده " قال الشافعي : وحدثنا عبد المجيد عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنه كان يقول : من أصابه رعاف ، أو مذي ، أو قيء انصرف ، فتوضأ ، ثم رجع فيبني انتهى .

                                                                                                        وروى عبد الرزاق " في مصنفه " أخبرنا الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال : إذا وجد أحدكم رزءا أو رعافا ، أو قيئا فلينصرف فليتوضأ ، فإن تكلم استقبل ، وإلا اعتد بما مضى ، انتهى .

                                                                                                        أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي نحوه . أخبرنا الثوري عن عمران بن ظبيان الحنفي عن حكيم بن سعد الحنفي ، قال : سلمان : إذا وجد أحدكم رزءا من غائط أو بول فلينصرف فليتوضأ غير متكلم ، ثم ليعد إلى الآية التي كان يقرأ .

                                                                                                        وأخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال : إذا رعف الرجل في الصلاة أو ذرعه القيء أو وجد مذيا فإنه ينصرف فليتوضأ ، ثم يرجع فيتم ما بقي على ما مضى ما لم يتكلم انتهى .

                                                                                                        وروى مالك ، في " الموطأ " أخبرنا يزيد بن عبد الله بن قسيط أنه رأى سعيد بن المسيب رعف وهو يصلي فأتى حجرة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بوضوء فتوضأ ، ثم رجع وبنى على ما قد صلى انتهى .

                                                                                                        قال النووي في " الخلاصة " : ليس في نقض الوضوء وعدم نقضه بالدم ، والقيء ، والضحك في الصلاة ، حديث صحيح انتهى .

                                                                                                        أحاديث الخصوم : روى أبو داود في " سننه " من حديث محمد بن إسحاق حدثني صدقة بن يسار عن عقيل عن { جابر بن عبد الله ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين ، فحلف أن لا أنتهي حتى أهريق دما في أصحاب محمد ، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا ، فقال : هل رجل يكلأ ؟ فانتدب رجل من المهاجرين ، ورجل من الأنصار ، فقال : كونا بفم الشعب فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع [ ص: 100 ] المهاجري ، وقام الأنصاري فصلى ، فأتى الرجل ، فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة القوم ، فرماه بسهم فوضعه فيه ، فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ، ثم ركع وسجد ، ثم انتبه صاحبه فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب ، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال : سبحان الله ألا أنبهتني أول ما رمى ؟ قال : كنت في سورة أقرأها ، فلم أحب أن أقطعها }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخمسين من القسم الرابع . ورواه الحاكم في " المستدرك " وصححه . وعلقه البخاري في " صحيحه " في " كتاب الوضوء " فقال : ويذكر عن جابر بن عبد الله { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع ، فرمي رجل بسهم فنزفه الدم ، فركع وسجد ومضى في صلاته }انتهى .

                                                                                                        ورواه الدارقطني ، ثم البيهقي في " سننهما " إلا أن البيهقي رواه في " كتابه دلائل النبوة " وقال فيه : { فنام عمار بن ياسر ، وقام عباد بن بشر يصلي ، وقال : كنت أصلي بسورة وهي الكهف فلم أحب أن أقطعها }.

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في سننه عن صالح بن مقاتل ثنا أبي ثنا سليمان بن داود القرشي ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك ، قال : { احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ولم يتوضأ ، ولم يزد على غسل محاجمه }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني عن صالح بن مقاتل : ليس بالقوي ، وأبوه غير معروف ، وسليمان بن داود مجهول ورواه البيهقي من طريق الدارقطني . وقال : في إسناده ضعف ، انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني أيضا عن عتبة بن السكن الحمصي ثنا الأوزاعي عن عبادة بن نسي ، وهبيرة بن عبد الرحمن قالا : ثنا أبو أسماء الرحبي ثنا ثوبان { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فدعاني بوضوء فتوضأ ، فقلت يا رسول الله أفريضة الوضوء من القيء ؟ قال : لو كان فريضة لوجدته في القرآن }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : لم يروه عن الأوزاعي غير عتبة بن السكن ، وهو متروك الحديث انتهى . [ ص: 101 ]

                                                                                                        [ ص: 102 ] الحديث التاسع عشر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { القلس حدث }قلت : رواه الدارقطني في " سننه " من حديث سوار بن مصعب عن زيد بن علي عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { القلس حدث }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : لم يروه عن زيد بن علي غير سوار بن مصعب ، وهو متروك انتهى .

                                                                                                        الحديث العشرون : قال عليه السلام : " { ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون سائلا }" ، قلت : رواه الدارقطني أيضا من حديث الحسن بن علي الرزاز عن محمد بن الفضل عن أبيه عن ميمون بن مهران عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إلى آخره ، سواء قال : وخالفه حجاج بن نصير ، فرواه عن محمد بن الفضل بن عطية حدثني أبي عن ميمون بن مهران عن أبي هريرة مرفوعا نحوه ، سواء قال : وحجاج بن نصير ضعيف ، ومحمد بن الفضل بن عطية أيضا ضعيف .

                                                                                                        قوله : روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : حين عد الأحداث أو دسعة تملأ الفم ، قلت : غريب ، وأخرج البيهقي في الخلافيات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يعاد الوضوء من سبع : من إقطار البول ، والدم السائل ، والقيء ، ومن دسعة تملأ الفم ، ونوم المضطجع ، وقهقهة الرجل في الصلاة ، وخروج الدم } ، انتهى . وضعف ، فإن فيه سهل بن عفان والجارود بن يزيد ، وهما ضعيفان .




                                                                                                        الخدمات العلمية