الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 334 - 346 ] قال ( والإبراد بالظهر في الصيف ، وتقديمه في الشتاء ) لما روينا ، ولرواية أنس رضي الله عنه : قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في الشتاء بكر بالظهر ، وإذا كان في الصيف أبرد بها }( وتأخير العصر ما لم تتغير الشمس في الصيف والشتاء ) لما فيه من تكثير النوافل لكراهتها بعده ، والمعتبر تغير القرص ، وهو أن يصير بحال لا تحار فيه الأعين ، هو الصحيح ، والتأخير إليه مكروه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث عشر : روى أنس { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الشتاء بكر بالظهر ، وإذا كان في الصيف أبرد بها }قلت : رواه البخاري من حديث خالد بن دينار ، قال : صلى بنا أميرنا الجمعة ، ثم قال لأنس : { كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر ؟ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث خباب بن الأرت : { شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الرمضاء فلم يشكنا } ، أخرجه مسلم ، وزاد في رواية ، قال زهير : قلت لأبي إسحاق في تعجيل الظهر ، قال : نعم انتهى .

                                                                                                        فقال ابن القطان في " كتابه " : وقد اختلف في معنى هذا ، فقيل : لم يعذرنا . وقيل : لم يحوجنا إلى الشكوى بعد ، ولكن رويت فيه زيادة مثبتة للأول ، قال ابن المنذر : حدثنا عبد الله بن أحمد ثنا خلاد بن يحيى ثنا يونس بن أبي إسحاق ثنا سعيد بن وهب أخبرني خباب بن الأرت ، قال : { شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء فما أشكانا ، وقال : إذا زالت الشمس فصلوا }انتهى .

                                                                                                        وبهذا اللفظ رواه البيهقي في " السنن " ، وفي لفظ : له { شكونا حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا ، قلت : ويؤيد الثاني }حديث أبي هريرة : { إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم }أخرجاه ، وانفرد البخاري بحديث الخدري { أبردوا بالظهر ، فإن شدة الحر من فيح جهنم }. أحاديث لمذهبنا في تأخير العصر ، أخرج الدارقطني في " سننه " عن عبد الواحد [ ص: 347 ] بن نافع ، قال : دخلت مسجد المدينة فأذن مؤذن بالعصر ، وشيخ جالس فلامه ، وقال : إن أبي أخبرني { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخير هذه الصلاة } ، فسألت عنه ، فقالوا : هذا عبد الله بن رافع بن خديج انتهى .

                                                                                                        ورواه البيهقي في " سننه " ، وقال : قال الدارقطني فيما أخبرنا عنه أبو بكر بن الحارث : هذا حديث ضعيف الإسناد ، والصحيح عن رافع . وغيره ضد هذا ، وعبد الله بن رافع ليس بالقوي ، ولم يروه عنه غير عبد الواحد ، ولا يصح هذا الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصحابة انتهى .

                                                                                                        وقال ابن حبان : عبد الواحد بن نافع يروي عن أهل الحجاز المقلوبات ، وعن أهل الشام الموضوعات ، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه انتهى .

                                                                                                        ورواه البخاري في " تاريخه الكبير " في " باب العين في ترجمة عبد الله بن رافع " حدثنا أبو عاصم عن عبد الواحد بن نافع به ، وقال لا يتابع عليه " يعني عبد الله بن رافع " والصحيح عن رافع غيره ، ثم أخرجه عن رافع ، قال : { كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ، ثم ننحر الجزور } ، وسيأتي بتمامه ، وقال ابن القطان في " كتابه " : عبد الواحد بن نافع أبو الرماح مجهول الحال مختلف في حديثه ، انتهى .

                                                                                                        أثر في ذلك ، أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن زياد بن عبد الله النخعي ، قال : كنا جلوسا مع علي رضي الله عنه في المسجد الأعظم فجاء المؤذن ، فقال : الصلاة يا أمير المؤمنين ، فقال . اجلس فجلس ، ثم عاد فقال له ذلك ، فقال علي : هذا الكلب يعلمنا السنة ، فقام علي فصلى بنا العصر . ثم انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنا فيه جلوسا فجثونا للركب ، لنزول الشمس للغروب نتراءاها انتهى .

                                                                                                        وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى وأخرجه الدارقطني كذلك عن العباس بن ذريح عن زياد بن عبد الله النخعي به . ثم قال : وزياد بن عبد الله هذا مجهول لم يروه عنه غير العباس بن ذريح انتهى .

                                                                                                        قلت : وهذا الأثر في حكم المرفوع ، أو قريب منه ، لذكر السنة فيه . أحاديث الخصوم في أفضلية التعجيل : منها حديث أبي برزة { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 348 ] يصلي العصر ، ثم يرجع أحدنا إلى رحله والشمس حية } ، رواه البخاري . ومسلم .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه البخاري . ومسلم أيضا عن أنس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر ، ثم يذهب أحدنا إلى العوالي ، والشمس مرتفعة ، قال الزهري : والعوالي على ميلين من المدينة . وثلاثة ، وأحسبه قال : وأربعة } ، انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } أخرجه البخاري . ومسلم أيضا عن رافع بن خديج ، قال : { كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ، ثم ننحر الجزور ، فنقسم عشر قسم ، ثم يطبخ فيؤكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس ، }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية