الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وهي عندهما على أربعة أوجه إن كانت الأرض والبذر لواحد والبقر والعمل لواحد جازت المزارعة ) ; لأن البقر آلة العمل فصار كما إذا استأجر خياطا ليخيط بإبرة الخياط ( وإذا كانت الأرض لواحد والعمل والبقر ، [ ص: 25 ] والبذر لواحد جازت ) ; لأنه استئجار الأرض ببعض معلوم من الخارج فيجوز كما إذا استأجرها بدراهم معلومة ( وإن كانت الأرض والبذر والبقر لواحد والعمل من آخر جازت ) ; لأنه استأجره للعمل بآلة المستأجر فصار كما إذا استأجر خياطا ليخيط ثوبه بإبرته أو طيانا ليطين بمره ( وإن كانت الأرض والبقر لواحد والبذر والعمل لآخر فهي باطلة ) وهذا الذي ذكره ظاهر الرواية ، وعن أبي يوسف رحمه الله : أنه يجوز أيضا ; لأنه لو شرط البذر والبقر عليه يجوز ، فكذا إذا شرط وحده وصار كجانب العامل وجه الظاهر أن منفعة البقر ليست من جنس منفعة الأرض ; لأن منفعة الأرض قوة في طبعها يحصل بها النماء ومنفعة البقر صلاحية يقام بها العمل كل ذلك بخلق الله تعالى فلم يتجانسا فتعذر أن تجعل تابعة لها بخلاف جانب العامل ; لأنه تجانست المنفعتان فجعلت تابعة لمنفعة العامل ، وها هنا وجهان آخران لم يذكرهما . أحدهما : أن يكون البذر لأحدهما والأرض والبقر والعمل لآخر فإنه لا يجوز ; لأنه يتم شركة بين البذر والعمل ولم يرد به الشرع .

                                                                                                        والثاني : أن يجمع بين البذر والبقر وأنه لا يجوز أيضا ; لأنه لا يجوز عند الانفراد فكذا عند الاجتماع ، والخارج في الوجهين لصاحب البذر في رواية اعتبارا بسائر المزارعات الفاسدة ، وفي رواية لصاحب الأرض ، ويصير مستقرضا للبذر قابضا له لاتصاله بأرضه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية