[ ص: 42 ] قال : ( والعروق التي تقطع في الذكاة أربعة : الحلقوم والمريء والودجان ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { أفر الأوداج بما شئت }وهي اسم جمع ، وأقله الثلاث فيتناول المريء والودجين وهو حجة على الشافعي في الاكتفاء بالحلقوم والمريء إلا أنه لا يمكن قطع هذه الثلاثة إلا بقطع الحلقوم فيثبت قطع الحلقوم باقتضائه وبظاهر ما ذكرنا يحتج مالك رحمه الله ولا يجوز الأكثر منها بل يشترط قطع جميعها ( وعندنا إن قطعها حل الأكل وإن قطع أكثرها فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله ) وقالا : لا بد من قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين .
قال رضي الله عنه : هكذا ذكر القدوري رحمه الله الاختلاف في مختصره ، والمشهور في كتب مشايخنا رحمهم اللهأن هذا قول أبي يوسف رحمه الله [ ص: 43 ] وحده .
وقال في الجامع الصغير : إن قطع نصف الحلقوم ونصف الأوداج لم يؤكل وإن قطع أكثر الأوداج والحلقوم قبل أن يموت أكل ولم يحك خلافا فاختلفت الرواية فيه .
والحاصل : أن عند أبي حنيفة رحمه الله إذا قطع الثلاث أي ثلاث كان يحل وبه كان يقول أبو يوسف أولا ثم رجع إلى ما ذكرنا . وعن محمد رحمه الله أنه يعتبر أكثر كل فرد وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله ; لأن كل فرد منها أصل بنفسه لانفصاله عن غيره ولورود الأمر بفريه فيعتبر أكثر كل فرد منها .
ولأبي يوسف رحمه الله أن المقصود من قطع الودجين إنهار الدم فينوب أحدهما عن الآخر ; إذ كل واحد منهما مجرى الدم .
أما الحلقوم فيخالف المريء فإنه مجرى العلف والماء ، والمريء مجرى النفس فلا بد من قطعهما ، ولأبي حنيفة رحمه الله أن الأكثر يقوم مقام الكل في كثير من الأحكام ، وأي ثلاث قطعها فقد قطع الأكثر منها وما هو المقصود يحصل بها وهو إنهار الدم المسفوح والتوحية في إخراج الروح ; لأنه لا يحيا بعد قطع مجرى النفس أو الطعام ويخرج الدم بقطع أحد الودجين فيكتفى به تحرزا عن زيادة التعذيب ، بخلاف ما إذا قطع النصف ; لأن الأكثر باق فكأنه لم يقطع شيئا احتياطا لجانب الحرمة .
[ ص: 42 ]


