الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 164 ] قال : ( ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس ) لقوله عليه الصلاة والسلام : " { لا تسعروا فإن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق }" ولأن الثمن حق العاقد ; فإليه تقديره فلا ينبغي للإمام أن يتعرض لحقه إلا إذا تعلق به دفع ضرر العامة على ما نبين ، وإذا رفع إلى القاضي هذا الأمر يأمر المحتكر ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله على اعتبار السعة في ذلك ، وينهاه عن الاحتكار ، فإن رفع إليه مرة أخرى حبسه وعزره على ما يرى زاجرا له ، ودفعا للضرر عن الناس ، فإن كان أرباب الطعام يتحكمون ويتعدون عن القيمة تعديا فاحشا ، وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير ، فحينئذ لا بأس به بمشورة من أهل الرأي والبصيرة ، فإذا فعل ذلك وتعدى رجل عن ذلك وباع بأكثر منه أجازه القاضي ، وهذا ظاهر عن أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه لا يرى الحجر على الحر وكذا عندهما إلا أن يكون الحجر على قوم بأعيانهم ، ومن باع منهم بما [ ص: 165 ] قدره الإمام صح ; لأنه غير مكره على البيع ، وهل يبيع القاضي على المحتكر طعامه من غير رضاه ؟ قيل : هو على الاختلاف الذي عرف في بيع مال المديون ، وقيل : يبيع بالاتفاق ; لأن أبا حنيفة رحمه الله يرى الحجر لدفع ضرر عام وهذا كذلك .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الرابع والثلاثون : قال عليه السلام " { لا تسعروا ، فإن الله هو المسعر ، القابض الباسط الرازق }" ; قلت : روي من حديث أنس ; ومن حديث أبي جحيفة ; ومن حديث ابن عباس ; ومن حديث الخدري . [ ص: 165 ] فحديث أنس : أخرجه أبو داود ، والترمذي في " البيوع " ، وابن ماجه في " التجارات " عن حماد بن سلمة عن قتادة ، وثابت ، وحميد ، ثلاثتهم عن أنس ، { قال الناس : يا رسول الله غلا السعر ، فسعر لنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله هو المسعر ، القابض الباسط الرازق ، وإني لأرجو أن ألقى الله ، وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة من دم ، ولا مال }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح انتهى .

                                                                                                        ورواه الدارمي ، والبزار ، وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " لم يذكر فيه : المسعر ، هكذا وجدته في نسختين . وأما حديث أبي جحيفة : فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي ثنا غسان بن الربيع ثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن أبي جحيفة ، قال : قالوا : يا رسول الله سعر لنا ، الحديث . إلا أنه قال : في عرض ، ولا مال . وأما حديث ابن عباس : فرواه الطبراني في " معجمه الصغير " حدثنا [ ص: 166 ] محمد بن يزيد بن عبد الوارث ثنا يحيى بن صالح الوحاظي ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس ، بلفظ حديث أبي جحيفة .

                                                                                                        وأما حديث الخدري : فرواه الطبراني في " معجمه الأوسط " حدثنا محمد بن محمد التمار ثنا أبو معن الرقاشي ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ، { قال : غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله سعر لنا ، فقال : إن الله هو المسعر ، إني لأرجو الله أن ألقاه ، وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دين ، ولا دنيا }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية