الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن حمل لذمي خمرا فإنه يطيب له الأجر عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: يكره له ذلك ) ; لأنه إعانة على المعصية ، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم { لعن في الخمر عشرا : حاملها والمحمول إليه } ، له أن المعصية في شربها وهو فعل فاعل مختار وليس الشرب من [ ص: 167 ] ضرورات الحمل ولا يقصد به ، والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الخامس والثلاثون : وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم { لعن في الخمر عشرة : حاملها ، والمحمولة إليه }; قلت : روي من حديث ابن عمر ; ومن حديث ابن عباس ; ومن حديث ابن مسعود ; ومن حديث أنس . فحديث ابن عمر : أخرجه أبو داود في " سننه " عن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي [ ص: 167 ] وأبي علقمة ، مولاهم ، أنهما سمعا ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { لعن الله الخمر ، وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وعاصرها ، وآكل ثمنها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه }" ، انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد ، وابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، والبزار في " مسانيدهم " ، قال المنذري في " مختصره " : سئل ابن معين عن عبد الرحمن الغافقي ، فقال : لا أعرفه ، وذكره ابن يونس في " تاريخه " ، وقال : إنه روي عن ابن عمر ، وروى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وعبد الله بن عياض ، وأنه كان أمير الأندلس ، قتلته الروم بالأندلس سنة خمسة عشر ومائة ، وأبو علقمة مولى ابن عباس ، ذكر ابن يونس أنه روى عنه ابن عمر ، وغيره من الصحابة : وأنه كان على قضاء أفريقية ، وكان أحد فقهاء الموالي انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الحاكم في " المستدرك في الأشربة " من طريق ابن وهب أخبرني عبد الرحمن بن شريح الخولاني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قصة ، وقال : صحيح الإسناد انتهى .

                                                                                                        ورواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا أبو عامر العقدي ثنا محمد بن أبي حميد عن أبي حميد عن أبي توبة المصري ، سمعت ابن عمر ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله لعن الخمر ، وغارسها ، لا يغرسها إلا للخمر ، ولعن مجتنيها ، ولعن حاملها إلى المعصرة ، وعاصرها ، وشاربها ، وبائعها ، وآكل ثمنها ، ومديرها ، }انتهى .

                                                                                                        وفي هذا اللفظ ما يؤيد قول المصنف ، والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية ، فليتأمل ذلك ، والله أعلم . وأما حديث أنس : فأخرجه الترمذي ، وابن ماجه عن أبي عاصم عن شبيب بن بشر عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم { لعن في الخمر عشرة } ، فذكره ، إلا أن فيه ، عوض : [ ص: 168 ] الخمر ، والمشتراة له ; قال الترمذي : حديث غريب من حديث أنس . وأما حديث ابن عباس : فرواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع التاسع والمائة ، من القسم الثاني ، عن مالك بن سعيد التجيبي أنه سمع ابن عباس يقول : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أتاني جبرائيل ، فقال لي : يا محمد إن الله لعن الخمر } ، فذكره باللفظ الأول ، إلا أن فيه عوض : { وآكل ثمنها ، والمسقاة له }; ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وشاهده حديث عمر ، ثم أخرج حديث عمر .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " . وأما حديث ابن مسعود : فرواه أحمد ، والبزار في " مسنديهما " حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ثنا عيسى بن أبي عيسى عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله مرفوعا ، بلفظ أبي داود ، سواء .




                                                                                                        الخدمات العلمية