الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وما أصابه المعراض بعرضه لم يؤكل وإن جرحه يؤكل ) لقوله عليه الصلاة والسلام فيه { : ما أصاب بحده فكل وما أصاب بعرضه فلا تأكل }" ولأنه لا بد من الجرح ليتحقق معنى الذكاة على ما قدمناه . قال : ( ولا يؤكل ما أصابته البندقة فمات بها ) ; لأنها تدق وتكسر ولا تجرح فصار كالمعراض إذا لم يخرق وكذلك إن رماه بحجر وكذلك إن جرحه ، قالوا : تأويله إذا كان ثقيلا وبه حدة ، لاحتمال أنه قتله بثقله ، وإن كان الحجر خفيفا وبه حدة يحل لتعين الموت بالجرح ، ولو كان الحجر خفيفا وجعله طويلا كالسهم وبه حدة ، فإنه يحل ; لأنه يقتله بجرحه ، ولو رماه بمروة حديدة ولم تبضع بضعا لا يحل ; لأنه قتله دقا ، وكذا إذا رماه بها ، فأبان رأسه أو قطع أوداجه ; لأن العروق تنقطع بثقل الحجر كما تنقطع بالقطع فوقع الشك أو لعله مات قبل قطع الأوداج ، ولو رماه بعصا أو بعود حتى قتله لا يحل ; لأنه يقتله ثقلا لا جرحا اللهم إلا إذا كان له حدة يبضع بضعا فحينئذ لا بأس به ; لأنه بمنزلة السيف والرمح . والأصل في هذه المسائل : أن الموت إذا كان مضافا إلى الجرح بيقين كان الصيد حلالا ، وإذا كان مضافا إلى الثقل بيقين كان حراما ، وإن وقع الشك ولا يدري مات بالجرح أو بالثقل كان حراما احتياطا ، وإن رماه بسيف أو بسكين فأصابه بحده فجرحه حل ، وإن أصابه بقفا السكين أو بمقبض السيف لا يحل ; لأنه قتله دقا ، والحديد وغيره فيه سواء ، ولو رماه فجرحه ومات بالجرح إن كان الجرح مدميا يحل بالاتفاق ، وإن لم يكن مدميا فكذلك عند بعض المتأخرين ، سواء كانت الجراحة صغيرة أو كبيرة ; لأن الدم قد يحتبس بضيق المنفذ أو غلظ [ ص: 261 ] الدم ، وعند بعضهم يشترط الإدماء لقوله عليه الصلاة والسلام : { ما أنهر الدم وأفرى الأوداج فكل }" شرط الإنهار ، وعند بعضهم إن كانت كبيرة حل بدون الإدماء ، وإن كانت صغيرة لا بد من الإدماء ولو ذبح شاة ولم يسل منه الدم قيل : لا تحل وقيل : تحل ، ووجه القولين دخل فيما ذكرناه وإذا أصاب السهم ظلف الصيد أو قرنه فإن أدماه حل ، وإلا فلا وهذا يؤيد بعض ما ذكرناه .

                                                                                                        [ ص: 260 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 260 ] الحديث الرابع : { قال عليه السلام في المعراض : ما أصاب بحده فكل ، وما [ ص: 261 ] أصاب بعرضه فلا تأكل }; قلت : أخرجه الأئمة الستة في " كتبهم " { عن عدي بن حاتم ، قال : قلت : يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة ، فيمسكن علي ، وأذكر اسم الله ، قال : إذا أرسلت كلبك المعلم ، وذكرت اسم الله ، فكل ما أمسك عليك ، قلت : وإن قتل ؟ قال : وإن قتل ، ما لم يشركه كلب ، ليس معه ، قلت : فإني أرمي بالمعراض الصيد ، فأصيد ، قال : إذا أصاب بحده ، فكل ، وإذا أصاب بعرضه ، فقتل ، فلا تأكل ، فإنه وقيذ }انتهى .

                                                                                                        الحديث الخامس : قال عليه السلام : { ما أنهر الدم ، وأفرى الأوداج فكل }" ; قلت : مر في " الذبائح " .




                                                                                                        الخدمات العلمية