الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 373 - 374 ] كتاب الديات

                                                                                                        قال : ( وفي شبه العمد دية مغلظة على العاقلة وكفارة على العاقل ) وقد بيناه أول الجنايات .

                                                                                                        قال : ( وكفارته عتق رقبة مؤمنة ) لقوله تعالى{ فتحرير رقبة مؤمنة }الآية { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين }بهذا النص ( ولا يجزئ فيه الإطعام ) لأنه لم يرد به نص ، والمقادير تعرف بالتوقيف ، ولأنه جعل المذكور كل الواجب بحرف الفاء أو لكونه كل المذكور على ما عرف ( ويجزئه رضيع أحد أبويه مسلم ) لأنه مسلم به والظاهر بسلامة أطرافه ( ولا يجزئ ما في البطن ) لأنه لم تعرف حياته ولا سلامته . قال : ( وهو الكفارة في الخطإ ) لما تلوناه ( وديته عند أبي حنيفة وأبي يوسف رضي الله عنهما مائة من الإبل أرباعا خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ) وقال محمد والشافعي رضي الله عنهما : أثلاثا ثلاثون جذعة وثلاثون حقة وأربعون ثنية كلها خلفات في بطونها أولادها لقوله عليه الصلاة والسلام : { ألا إن قتيل خطإ العمد قتيل السوط والعصا وفيه مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها }. [ ص: 375 ]

                                                                                                        وعن عمر رضي الله عنه : ثلاثون حقة وثلاثون جذعة ولأن دية شبه العمد أغلظ وذلك فيما قلنا ، ولهما قوله عليه الصلاة والسلام : { في نفس المؤمن مائة من الإبل }وما روياه غير ثابت لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في صفة التغليظ وابن مسعود رضي الله عنه قال بالتغليظ أرباعا كما ذكرنا وهو كالمرفوع فيعارض به .

                                                                                                        قال : ( ولا يثبت التغليظ إلا في الإبل خاصة ) لأن التوقيف فيه ، فإن قضي بالدية في غير الإبل لم تتغلظ لما قلنا .

                                                                                                        [ ص: 374 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 374 ] كتاب الديات

                                                                                                        الحديث الأول : قال عليه السلام : { ألا إن قتيل خطإ العمد : قتيل السوط والعصا ، وفيه مائة من الإبل : أربعون منها في بطونها أولادها }; قلت : تقدم في " الجنايات " رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ألا إن دية الخطإ شبه العمد ، ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل : منها أربعون في بطونها أولادها } ، انتهى . وصححه ابن القطان في " كتابه " . [ ص: 375 ]

                                                                                                        قوله : وهذا غير ثابت لاختلاف الصحابة في صفة التغليظ ، وابن مسعود قال بالتغليظ أرباعا ; قلت : أما حديث ابن مسعود ، فأخرجه أبو داود عن علقمة ، والأسود ، قالا : قال عبد الله : في شبه العمد ، خمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وخمس وعشرون بنات لبون ، وخمس وعشرون بنات مخاض انتهى . وسكت عنه أبو داود ، ثم المنذري بعده .

                                                                                                        وأما اختلاف الصحابة :

                                                                                                        فمنه ما أخرجه أبو داود عن أبي عياض عن عثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت في المغلظة أربعون جذعة خلفة ، وثلاثون حقة ، وثلاثون بنات لبون ، وفي الخطإ ثلاثون حقة ، وثلاثون بنات لبون ، وعشرون بنو لبون ذكور ، وعشرون بنات مخاض انتهى . وأبو عياض ثقة ، احتج به البخاري في " صحيحه "

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود أيضا عن مجاهد ، قال : قضى عمر في شبه العمد ثلاثين حقة ، وثلاثين جذعة ، وأربعين خلفة ، ما بين ثنية إلى بازل عامها ، كلها خلفة انتهى . إلا أن مجاهدا لم يسمع من عمر ، فهو منقطع . [ ص: 376 ]

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        أخرجه أبو داود أيضا عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه قال : في شبه العمد أثلاث : ثلاث وثلاثون حقة ، وثلاث وثلاثون جذعة ، وأربع وثلاثون ثنية ، إلى بازل عامها ، كلها خلفة انتهى . وعاصم بن ضمرة فيه مقال ; ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا الثوري عن منصور عن إبراهيم ، قال علي نحوه .

                                                                                                        { حديث آخر } :

                                                                                                        قال ابن أبي شيبة : حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي ، قال : كان أبو موسى ، والمغيرة بن شعبة ، يقولان : في شبه العمد ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة ، ما بين ثنية إلى بازل عامها انتهى . ورواه عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن مغيرة به سواء . الحديث الثاني :

                                                                                                        قال عليه السلام : { في نفس المؤمن مائة من الإبل }; قلت : تقدم في " الزكاة في كتاب عمرو بن حزم " قال : { وإن في نفس المؤمن مائة من الإبل } ، رواه ابن حبان في " صحيحه " .




                                                                                                        الخدمات العلمية