الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 423 ] باب ما يحدث الرجل في الطريق

                                                                                                        قال : ( ومن أخرج إلى الطريق الأعظم كنيفا أو ميزابا أو جرصنا أو بنى دكانا للرجل من عرض الناس أن ينزعه ) لأن كل واحد صاحب حق بالمرور بنفسه وبدوابه ، فكان له حق النقض كما في الملك المشترك فإن لكل واحد حق النقض لو أحدث غيرهم فيه شيئا فكذا في الحق المشترك .

                                                                                                        قال : ( ويسع الذي عمله أن ينتفع به ما لم يضر بالمسلمين ) لأن له حق المرور ولا ضرر فيه فيلحق ما في معناه به إذ المانع متعنت فإذا أضر بالمسلمين كره له ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام : { لا ضرر ولا ضرار في الإسلام } .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        باب ما يحدثه الرجل في الطريق حديث :

                                                                                                        قال عليه السلام : { لا ضرر ولا ضرار في الإسلام }; قلت : روي من حديث عبادة بن الصامت ، وابن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، وأبي لبابة ، [ ص: 424 ] وثعلبة بن مالك ، وجابر بن عبد الله ، وعائشة . فحديث عبادة :

                                                                                                        رواه ابن ماجه في " سننه في الأحكام " أخبرنا أبو المغلس عبد ربه بن خالد النميري عن الفضيل بن سليمان النميري عن موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة عن جد أبيه عبادة بن الصامت { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 425 ] قضى أن لا ضرر ، ولا ضرار }انتهى .

                                                                                                        قال ابن عساكر في " أطرافه " : وأظن إسحاق لم يدرك جده انتهى . [ ص: 426 ] وحديث ابن عباس :

                                                                                                        رواه ابن ماجه أيضا أخبرنا محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا ، قال : { لا ضرر ولا ضرار } ، [ ص: 427 ] انتهى . وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " ، وعنه أحمد في " مسنده " ، ورواه [ ص: 428 ] الطبراني في " معجمه " وله طريق آخر : رواه ابن أبي شيبة حدثنا معاوية بن عمرو ثنا [ ص: 429 ]

                                                                                                        زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس ، مرفوعا ; وله طريق آخر : أخرجه [ ص: 430 ] الدارقطني في " سننه " في الأقضية عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن [ ص: 431 ] عكرمة عن ابن عباس مرفوعا قال عبد الحق في " أحكامه " : وإبراهيم بن إسماعيل هذا هو ابن أبي حبيبة ، وفيه مقال ، فوثقه أحمد ، وضعفه أبو حاتم ، وقال : هو منكر [ ص: 432 ] الحديث ، لا يحتج به انتهى .

                                                                                                        وحديث الخدري :

                                                                                                        رواه الحاكم في " المستدرك في البيوع " من حديث عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ضرر ، ولا ضرار ، من ضر ضره الله ، ومن شق شق الله عليه }انتهى .

                                                                                                        وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى . ورواه الدارقطني في " سننه " : { لا ضرر ، ولا ضرار } ، وأخرجه أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد " عن أبي علي الحسن بن سليمان الحافظ المعروف بقبيطة عن عبد الملك بن معاذ النصيبي عن الدراوردي به ، قال ابن القطان في " كتابه " : وعبد الملك هذا لا يعرف له حال ، ولا يعرف من ذكره انتهى .

                                                                                                        ورواه مالك في " الموطإ في كتاب الأقضية " عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه أبو سعيد .

                                                                                                        وعن مالك رواه الشافعي في " مسنده " ، ووهم [ ص: 433 ] شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره ، فعزاه لابن ماجه من حديث الخدري .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة :

                                                                                                        فأخرجه الدارقطني أيضا عن أبي بكر بن عياش ، قال : أراه عن ابن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا : { لا ضرر ، ولا ضرورة } وأبو بكر بن عياش مختلف فيه .

                                                                                                        وأما حديث أبي لبابة :

                                                                                                        فرواه أبو داود في " المراسيل " عن واسع بن حبان عن أبي لبابة { عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ضرر في الإسلام ، ولا ضرار } ، وذكر فيه قصة . وأما حديث ثعلبة بن مالك :

                                                                                                        فرواه الطبراني ، في " معجمه " حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا إسحاق بن إبراهيم ، مولى مزينة عن صفوان بن سليم عن ثعلبة بن مالك القرظي رضي الله عنه ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ضرر ، ولا ضرار }انتهى . وأما حديث جابر :

                                                                                                        فرواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل ثنا حبان بن بشر القاضي ، قال : ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله ، [ ص: 434 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا ضرر ولا ضرار في الإسلام }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث عائشة :

                                                                                                        فأخرجه الدارقطني في " سننه " عن الواقدي ثنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا ضرر ، ولا ضرار }انتهى . فيه الواقدي ، ورواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا أحمد بن رشدين ثنا روح بن صلاح ثنا سعيد بن أبي أيوب عن أبي سهيل عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : لا ضرر ولا إضرار }انتهى . سكت عنه ; ورواه أيضا : حدثنا أحمد بن داود المكي ثنا عمرو بن مالك الراسبي ثنا محمد بن سليمان بن مشمول عن أبي بكر بن أبي سبرة عن نافع بن مالك أبي سهيل عن القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا ضرر ، ولا ضرار }انتهى .

                                                                                                        وقال : لم يروه عن القاسم ، إلا نافع بن مالك انتهى . قال ابن عبد البر : قيل : الضرر ، والضرار بمعنى واحد ، فيكون الجمع بينهما تأكيدا ، وقيل : هما متغايران ، فقيل : بمعنى الفعل والمفاعلة ، كالقتل ، والقتال ، أي لا يضر أحد ابتداء ، ولا يضاره إن ضاره . وقيل : الضرر الاسم ، والضرار الفعل انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية