قال : ( وإذا أتى مزدلفة   فالمستحب أن يقف بقرب الجبل الذي عليه الميقدة يقال له قزح    ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام وقف عند هذا الجبل ، وكذا  عمر  رضي الله  عنه . ويتحرز في النزول عن الطريق كي لا يضر بالمارة ، فينزل عن يمينه أو يساره ; ويستحب أن يقف وراء الإمام لما بينا في الوقوف بعرفة    .  [ ص: 155 ] قال : ( ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة ) وقال  زفر  رحمه الله : بأذان وإقامتين اعتبارا بالجمع بعرفة    . ولنا رواية  جابر  رضي الله  عنه { أن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بينهما بأذان وإقامة واحدة   }ولأن العشاء في وقته فلا يفرد بالإقامة إعلاما ، بخلاف العصر بعرفة  لأنه مقدم على وقته فأفرد بها لزيادة الإعلام .  [ ص: 156  -  157 ]   ( ولا يتطوع بينهما ) لأنه يخل بالجمع . ولو تطوع أو تشاغل بشيء أعاد الإقامة لوقوع الفصل ، وكان ينبغي أن يعيد الأذان كما في الجمع الأول بعرفة  إلا أنا اكتفينا بإعادة الإقامة ، لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى المغرب بمزدلفة  ثم تعشى ، ثم أفرد الإقامة للعشاء   } ، ( ولا تشترط الجماعة لهذا الجمع عند  أبي حنيفة  رحمه الله ) لأن المغرب مؤخرة عن وقتها ، بخلاف الجمع بعرفة  لأن العصر مقدم على وقته .  [ ص: 158 ] قال : ( ومن صلى المغرب في الطريق لم تجزه عند  أبي حنيفة   ومحمد  رحمهما اللهوعليه إعادتها ما لم يطلع الفجر ) وقال  أبو يوسف  رحمه الله : يجزيه وقد أساء ، وعلى هذا الخلاف إذا صلى بعرفات    .  لأبي يوسف  رحمه الله أنه أداها في وقتها فلا تجب إعادتها كما بعد طلوع الفجر ، إلا أن التأخير من السنة فيصير مسيئا بتركه . ولهما ما روي { أنه عليه الصلاة والسلام قال لأسامة  رضي الله  عنه في طريق المزدلفة  الصلاة أمامك   }معناه وقت الصلاة وهذا إشارة إلى أن التأخير واجب ، وإنما وجب ليمكنه الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة  فكان عليه الإعادة ما لم يطلع الفجر ليصير جامعا بينهما . وإذا طلع الفجر لا يمكنه الجمع فسقطت الإعادة .  [ ص: 159 ] قال : ( وإذا طلع الفجر يصلي الإمام بالناس الفجر بغلس ) لرواية  ابن مسعود  رضي الله  عنه { أن النبي عليه الصلاة والسلام صلاها يومئذ بغلس   }ولأن في التغليس دفع حاجة الوقوف فيجوز كتقديم العصر بعرفة    . ( ثم وقف ووقف معه الناس ودعا ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام وقف في هذا الموضع يدعو . حتى روي في حديث  ابن عباس  رضي الله  عنهما  فاستجيب له دعاؤه لأمته  [ ص: 160 ] حتى الدماء والمظالم ، ثم هذا الوقوف واجب عندنا ، وليس بركن حتى لو تركه بغير عذر يلزمه الدم . وقال الشافعي  رحمه الله إنه ركن لقوله تعالى: { فاذكروا الله عند المشعر الحرام    }وبمثله تثبت الركنية . ولنا ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قدم ضعفة أهله بالليل ، ولو كان ركنا لما فعل ذلك ، والمذكور فيما تلا الذكر وهو ليس بركن بالإجماع .  [ ص: 161 ] وإنما عرفنا الوجوب بقوله عليه الصلاة والسلام { من وقف معنا هذا الموقف وقد كان أفاض قبل ذلك من عرفات  فقد تم حجه   }علق به تمام الحج ، وهذا يصلح أمارة للوجوب غير أنه إذا تركه بعذر بأن يكون به ضعف أو علة أو كانت امرأة تخاف الزحام لا شيء عليه لما روينا . 
 [ ص: 162 ] قال : ( والمزدلفة  كلها موقف إلا وادي محسر     ) لما روينا من قبل . قال : ( فإذا طلعت الشمس أفاض الإمام والناس معه حتى يأتوا منى    ) . قال العبد الضعيف عصمه الله  تعالى : هكذا وقع في نسخ المختصر وهذا غلط . والصحيح أنه إذا أسفر أفاض الإمام والناس لأن النبي عليه الصلاة والسلام دفع قبل طلوع  [ ص: 163 ] الشمس . 
     	
		
				
						
						
