باب التمتع ( التمتع أفضل من الإفراد عندنا ) وعن أبي حنيفة رحمه الله أن الإفراد أفضل ; لأن المتمتع سفره واقع لعمرته والمفرد سفره واقع لحجته . وجه ظاهر الرواية أن في التمتع جمعا بين العبادتين فأشبه القران ، ثم فيه زيادة نسك وهي إراقة الدم وسفره واقع لحجته ; وإن تخللت العمرة ; لأنها تبع للحج كتخلل السنة بين الجمعة والسعي إليها ( والمتمتع على وجهين متمتع يسوق الهدي ومتمتع لا يسوق الهدي ) ومعنى التمتع الترفق بأداء النسكين في سفر واحد من [ ص: 215 ] غير أن يلم بأهله بينهما إلماما صحيحا ويدخله اختلافات نبينها إن شاء الله تعالى ( وصفته أن يبتدئ من الميقات في أشهر الحج فيحرم بالعمرة ويدخل مكة فيطوف لها ويسعى ويحلق أو يقصر وقد حل من عمرته ) وهذا هو تفسير العمرة ، وكذلك إذا أراد أن يفرد بالعمرة فعل ما ذكرنا هكذا فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام في عمرة القضاء . وقال مالك رحمه الله : لا حلق عليه إنما العمرة الطواف والسعي ، وحجتنا عليه ما روينا وقوله تعالى: { محلقين رءوسكم }الآية نزلت في عمرة القضاء ، ولأنها لما كان لها تحرم بالتلبية كان [ ص: 216 ] لها تحلل بالحلق كالحج ( ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالطواف ) وقال مالك رحمه الله كما وقع بصره على البيت ; لأن العمرة زيارة البيت وتتم به . ولنا { أن النبي عليه الصلاة والسلام في عمرة القضاء قطع التلبية حين استلم [ ص: 217 ] الحجر } ، ولأن المقصود هو الطواف فيقطعها عند افتتاحه ولهذا يقطعها الحاج عند افتتاح الرمي ، قال : ( ويقيم بمكة حلالا ) ; لأنه حل من العمرة .
قال : ( فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد ) والشرط أن يحرم من الحرم . أما المسجد فليس بلازم ، وهذا ; لأنه في معنى المكي ، وميقات المكي في الحج الحرم على ما بينا ( وفعل ما يفعله الحاج المفرد ) ; لأنه مؤد للحج إلا أنه يرمل في طواف الزيارة ، ويسعى بعده ; لأن هذا أول طواف له في الحج بخلاف المفرد ; لأنه قد سعى مرة ، ولو كان هذا المتمتع بعدما أحرم بالحج طاف وسعى قبل أن يروح إلى منى لم يرمل في طواف الزيارة ولا يسعى بعده ; لأنه قد أتى بذلك مرة ( وعليه دم التمتع ) للنص الذي تلوناه .
( فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ) على الوجه الذي بيناه في القران ( فإن صام ثلاثة أيام من شوال ثم اعتمر لم يجزه عن الثلاثة ) ; لأن سبب وجوب هذا الصوم التمتع ; لأنه بدل عن الهدي ، وهو في هذه الحالة غير متمتع ، فلا يجوز أداؤه قبل وجود سببه ( وإن صامها ) بمكة ( بعدما أحرم بالعمرة قبل أن يطوف جاز عندنا ) خلافا للشافعي رحمه الله . له قوله تعالى: { فصيام ثلاثة أيام في الحج }ولنا أنه أداء بعد انعقاد سببه ، والمراد بالحج المذكور في النص وقته على ما بينا ( والأفضل تأخيرها إلى آخر وقتها ، وهو يوم عرفة ) لما بينا في القران .
[ ص: 214 ]


