الخامسة : قال
مالك وابن القاسم : من
nindex.php?page=treesubj&link=27418_10027سب الله سبحانه من اليهود والنصارى بغير الوجه الذي كفر به انتقض عهده بخلاف نسبة الصاحبة والولد والشريك مما هو دينهم الذي أقروا عليه بالجزية ، ومن تزندق منهم لا يقتل ، لخروجه من كفر إلى كفر . قاله
مالك ، وقال
عبد الملك : يقتل لأنه دين لا يقر عليه بالجزية . قال
ابن حبيب : ولم أعلم من قاله ولا أخذ به . قال
ابن القاسم : ومن
nindex.php?page=treesubj&link=10027_10028سب الله تعالى أو النبي - عليه السلام - من المسلمين قتل ولم يستتب ، وكذلك من عابه عليه السلام أو نقصه ; لأنه كالزنديق لا تعرف توبته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : وميراثه للمسلمين ; لأنه ردة ، وقبل توبته ( ش ) و ( ح ) ، واتفقا على أن حده القتل ; لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) ، فأخبر تعالى أن الإيمان لا يجتمع مع الحرج ، فالسب أولى بالمنافاة ، ثم هذا القتل - عندنا - حد لا يسقط بالتوبة - كتوبة القاذف .
[ ص: 19 ] ونعرض للكلام في القذف فنقول : هو معنى يراعى في الإحصان ، فوجب أن يكون منه ما يعتبر في القتل كالزنا ، ولم يتصور القتل إلا في حقه عليه السلام ; لأن الحرمة لها مدخل في القذف ; لأن قاذف العبد لا يحد ، وحرمته - عليه السلام - لا تساوي حرمة أمته ، فيكون حدها القتل .
احتجوا بأن حرمة الله أعظم ، وتوبته تقبل ، ولأنه لا يزيد على الردة ، والتوبة تسقط حدها ، وفي الصحيح قال بعض
اليهود له - عليه السلام - ( السام عليك ) ولم يقتله ، ولم يقتل اليهودية التي سمت الشاة .
الجواب عن الأول : أنا نلتزم التسوية ، أو نفرق بأن البشر قابل للنقص ، فكان التأثير فيه أعظم ، وذلك أن الله تعالى أظهر المعجزة على يد مدعي الربوبية كالدجال ، ولم يظهرها على يد مدعي النبوة ; لأن العقل يبطل الأول دون الثاني ; ولأن حق الله تعالى يسقط بالتوبة كالكفر ، وحقوق العباد لا تسقط بها كالقذف والمال ، وهو الجواب عن الثاني ، فإنه حق الله تعالى وهو كالقذف والردة ، مفسدتهما خاصة بالمرتد ، ومفسدة هذا تتعدى للأمة ، ويجوز إقرار الذمي بالجزية على سب المعبود ، بخلاف الأنبياء .
والجواب عن الثالث : أنه لم ينقل في الخبر أنهم أهل عهد ، فلا يتم الدليل ، أو كان في أول الإسلام حيث كانت الموادعة مشروعة ، وهو الجواب عن الرابع ، مع
[ ص: 20 ] أنه روي أنها قتلت ، وإن قلنا : قتله كفر ; لم تقبل التوبة من المسلم ; لأنها لا تعرف .
تفريع : قال
أصبغ :
nindex.php?page=treesubj&link=9990ميراثه لورثته إن كان مستترا ، أو مظهرا فللمسلمين . قال
ابن القاسم ومالك : لا يقتل الساب الكافر إلا أن يسلم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : لا يقال له : أسلم ، ولكن إن أسلم فذلك توبته . قال
ابن القاسم : إن شتم الأنبياء أو أحدا منهم ، أو نقصه قتل ولم يستتب ، ( لا نفرق بين أحد منهم ) قال
مالك : إن قال الكافر : ( مسكين محمد يخبركم أنكم في الجنة فهو الآن في الجنة ، فماله لم يغن عن نفسه حين كانت الكلاب تأكل ساقيه ) . قال : لو قتلوه استراحوا منه ، وأرى أن تضرب عنقه ، والفرق بين ، توبة المسلم لا تقبل بخلاف الكافر : أن قتل المسلم حد ; وهو زنديق لا تعرف توبته ، والكافر كان على كفره فيعتبر إسلامه ، ولا يجعل سبه من جملة كفره ; لأنا لا نعطيهم العهد على ذلك ، ولا على قتلنا وأخذ أموالنا ، ولو قتل أحدنا قتلناه ، وإن كان من دينه استحلاله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : ولو
nindex.php?page=treesubj&link=10028_10029بذل الحربي الجزية على إظهار السب للأنبياء - عليهم السلام - لم نقبله ، وحل لنا دمه ، فكذلك يحل دمه بالسب الطارئ ، ويسقط القتل عنه في السب بإسلامه ، ولا يسقط القتل بقتلنا : لأن حق الآدمي لا يسقط بالتوبة . قال
مالك : إن قال : رداء النبي - عليه السلام - وسخ ، يريد عيبه ; قتل ، وإن عير بالفقر فقال : يعيرون بالفقر وقد رعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغنم ; يؤدب ; لأنه عرض
[ ص: 21 ] بذكره - عليه السلام - في غير موضعه ، ولا ينبغي إذا عوقب أهل الذنوب أن يقول : قد أخطأت الأنبياء قبلنا : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : انظروا لنا كاتبا يكون أبوه عربيا ، فقال كاتبه : قد كان أبو النبي - صلى الله عليه وسلم - كافرا ، فقال له : جعلته - عليه السلام - مثلا ، لا تكتب لي أبدا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إن
nindex.php?page=treesubj&link=10028خاصمته ، فأغضبته فقال : صلى الله على محمد ، فقال الطالب : لا صلى الله على من صلى عليه ، هل هو كمن شتم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الملائكة الذين يصلون عليه ؟ قال : لا إذا كان على وجه الغضب ( والضيق ; لأنه لم يكن مصرا على السب ، بل تكلم على وجه ) . قال
أصبغ : لا يقتل ; لأنه إنما شتم الناس ، وقال
الحارث : يقتل ،
nindex.php?page=treesubj&link=26533وسب الملائكة كسب الأنبياء ، وعن
ابن القاسم في الكتابي أو المجوسي يقول : إن
محمدا لم يرسل إلينا ، بل إنما أرسل إليكم ، وإنما نبينا
موسى أو
عيسى ، أولم يرسل ، أولم ينـزل عليه قرآن وإنما هو شيء يقوله ، ونحو هذا ; يقتل . قال
مالك : إن ناديته فأجابك : لبيك اللهم لبيك ، جاهلا ، لا شيء عليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون :
nindex.php?page=treesubj&link=18420_24462_28754يكره قولك عند التعجب : صلى الله على النبي محمد ، ولا يصلي على النبي - عليه السلام - إلا على وجه التقرب .
قال
ابن القاسم : إن
nindex.php?page=treesubj&link=10037قال ديننا خير من دينكم ، إنما دينكم دين الحمير ، أو سمع المؤذن يقول : أشهد أن
محمدا رسول الله ، فقال : كذلك يعظكم الله ، فيه الأدب الوجيع ، والسجن الطويل ، وإن سب فقتلته غيظا وثبت أن قوله يوجب القتل ، فلا شيء عليك ، وإلا فعليك ديته وضرب مائة وحبس سنة ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=10036سب أحد معاوية أو غيره ، فإن نسبه للضلال والكفر ; قتل ، أو غير ذلك من
[ ص: 22 ] مسافهة الناس نكل نكالا شديدا ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=26533قال : إن جبريل عليه السلام أخطأ في الوصي ، استتيب ، فإن تاب وإلا قتل ، وقيل : من كفر صحابيا أوجع ضربا ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إن كفر
أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ، قتل ، وينكل في غيرهم . قال القاضي في الشفا : من سبه - عليه السلام أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله ، أو عرض به أو شبهه بشيء على وجه السب أو الازدراء أو التصغير لشأنه أو الغض منه ، يقتل كالساب . ويستوي التصريح والتلويح ، وكذلك من دعا عليه أو تمنى مضرة له ، وكذلك إن نسب لـه سجعا ، أو هجرا من القول ، أو عيره بشيء مما جرى من البلاء ، وبشيء من العوارض البشرية المعهودة لديه . وهذا كله مجمع عليه من الصحابة وغيرهم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة : يخير الإمام في الساب المسلم في صلبه حيا ، أو قتله . ويقتل من قال : هو يتيم
أبي طالب ، أو كان أسود . وإن قيل لرجل : لا وحق رسول الله ، فقال : فعل الله برسول الله كذا وكذا ، وذكر كلاما قبيحا ، فقيل له : ما تقول يا عدو الله ؟ فقال أشد من الأول ، وقال : أردت برسول الله العقرب ، فقال
ابن أبي سليمان صاحب
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يقتل ولا يقبل التأويل لصراحة اللفظ ، وأفتى
ابن عتاب في عقاب عشار قال لرجل : أد واشك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : إن جهلت فقد جهل بالقتل ، وأفتى فقهاء
الأندلس بقتل
ابن حاتم المتفقه وصلبه لتسميته - عليه السلام - في أثناء المناظرة باليتيم ، وختن حيدرة ، وزعم أنه لم يكن قصدا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12887ابن المرابط : من قال إنه - عليه السلام - هرم ، يستتاب فإن تاب وإلا قتل ; لأنه نقص
[ ص: 23 ] لا يجوز عليه في خاصته ; لأنه على بصيرة من أمره ، ويقتل من نقصه بسهو أو سحر أو هزيمة بعض جيوشه ، أو شدة من زمانه ، أو ميل لبعض نسائه ، ومن لم يقصد الازدراء ولا يعتقده في تكلمه بالسب أو اللعن أو التكذيب أو إضافة ما لا يجوز عليه أو نفي ما يجب له مما هو نقص في حقه ، وظهر عدم تعمده وقصد السب : إما لجهالة ، أو لضجر ، أو سكر ، أو قلة ضبط لسان وتهور في كلامه ، فإنه يقتل ولا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا غيرها وهو سليم العقل إلا للإكراه ، وبه أفتى الأندلسيون في
علي بن حاتم في نفيه الزهد عنه - عليه السلام - وقاله
ابن أبي زيد nindex.php?page=showalam&ids=13211وابن سحنون nindex.php?page=showalam&ids=14933وأبو الحسن القابسي ، ونظر إلى أن السكران إنما ينطق بما يعتقده صاحيا ، ولأنه حد لا يسقطه السكر كالقذف والقتل وجميع الحدود ، وأما القاصد لذلك المصرح فأشبه بالمرتد ، ويقوى الخلاف في استتابته ، أو مستترا فهو كالزنديق لا تسقط قتله التوبة ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=23639تنبأ وزعم أنه يوحى إليه . قال
ابن القاسم : هو مرتد لكفره بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40وخاتم النبيين ) . قال
أشهب : فإن كان ذميا استتيب إن أعلن ذلك ، فإن تاب وإلا قتل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون : من شك في حرف مما جاء به
محمد - صلى الله عليه وسلم - عن الله ; فهو كافر .
قال
أحمد بن أبي سليمان : من
nindex.php?page=treesubj&link=10028قال إنه - عليه السلام - مات قبل أن يلتحي ، وأنه كان بتاهرت ، قتل ; لأن ذلك نفي له ، وتبديل صفته وموضعه كفر ، واللفظ المجمل الذي يمكن حمله على النبي - عليه السلام - وعلى غيره ، ويتردد في حال المطلق : هل أراده مكرها أم لا ؟ فقيل : يقتل رعاية لحماه - عليه السلام - وقيل : لا يقتل حماية للدم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون فيمن أغضبه غريمه فقال له : صلى الله عليه وسلم ، فقال : لا صلى الله على من صلى عليه ، ليس كالساب ; لأجل الغضب ، ولم يتضمن كلامه الشتم ; لأنه إنما شتم الناس دون
[ ص: 24 ] الملائكة ، بل مخاطبه فقط . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14061الحارث بن مسكين وغيره : يقتل ، وتوقف
القابسي في القائل : كل صاحب فندق قرنان ولو كان نبيا مرسلا ، وشده بالقيود حتى يستفهم البينة عما يدل على مقصده هل أراد أصحاب الفنادق الآن ، فليس فيهم نبي ، فيكون أمره أخف لكن ظاهر لفظه العموم ، وفي متقدمي الأنبياء - عليهم السلام - من اكتسب المال فوقع التردد . وقال
ابن أبي زيد في القائل : لعن الله العرب ، ولعن
بني إسرائيل ، ولعن الله بني آدم ، وقال : إنما أردت الظالمين منهم ، يؤدب باجتهاد السلطان .
nindex.php?page=treesubj&link=10037قال : وكذلك لعن الله من حرم المسكر وقال : لم أعلم من حرمه ، لا ، ومن قال : لا يبع حاضر لباد ، إن عذر بالجهل أدب الأدب الوجيع ، كأنه أراد من حرمه من الناس ، وكذلك يا ابن ألف خنزير - مع أنه يدخل في هذا العدد جماعة من أبائه - أساء ، فيزجر عنه ، وإن علم قصده الأنبياء قتل ، وقد يضيق القول لو قال لهاشمي : لعن الله
بني هاشم ، ولمن قال له : أتتهمني ؟ فقال : الأنبياء يتهمون فكيف أنت ، قال
أبو إسحاق : يقتل لبشاعة ظاهر اللفظ ، وتوقف
ابن منظور لاحتمال أن يكون خبرا عمن اتهمهم من الكفار ، فأطال القاضي تصفيده واستحلفه بعد ذلك على تكذيب ما شهد به عليه وأطلقه ، فإن لم يذكر نقصا ولا عيبا ، بل ذكر بعض أحواله - عليه السلام - حجة ومثلا لنفسه وغيره لبعض حاله على طريق التأسي ، بل لرفع نفسه قصد الهزل ، كقوله : إن قيل في المكروه فقد قيل في النبي - عليه السلام - فإن أذنبت فقد أذنب ، وكيف أسلم من الألسنة ، ولم يسلم الأنبياء ، وقد صبرت كما صبر النبي ، وصبر النبي أكثر مني ، وكقول
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي :
[ ص: 25 ] أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=11880المعري :
كنت موسى وافته بنت شعيب غير أن ليس فيكما من فقير
وآخر البيت شديد ، وداخل في الإزراء والتحقير ، وكذلك قوله :
هو مثله في الفضل إلا أنه لم يأته برسالة جبريل
هو تشبيه بالنبي - عليه السلام - أو تفضيل عليه باستغنائه عن الرسالة ، وهو أشد ، وقول الآخر :
فر من الخلد واستجار بنار فصبر الله فؤاد رضوان
وقول الآخر :
كأن أبا بكر أبو بكر الرضا وحسان حسان ، وأنت محمد
. فهذه ونحوها إن درئ بها القتل ففيها الأدب والسجن بحسب شناعة المقالة وحال القائل في نفسه في كونه معروفا بذلك أو لا ، ولم يزل المتقدمون ينكرون مثل هذا فأنكر الرشيد على
nindex.php?page=showalam&ids=12185أبي نواس [ ص: 26 ] فإن يك باقي سحر فرعون فيكم فإن عصا موسى بكف خضيب
وقال له : يا
ابن اللخناء ، أنت المستهزئ بعصا
موسى ؟ وأخرجه من عسكره ، وأنكروا عليه أيضا قوله :
كيف لا يدنيك من أمل من رسول الله من نفره
لأن حقه عليه السلام أن يضاف إليه ولا يضاف ، وقال
مالك إذا عير بالفقر فقال : قد رعى النبي عليه السلام ، يؤدب ، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أن يصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند التعجب ، بل على وجه التقرب ، وقال
القابسي : إذا قال في قبيح الوجه : كأنه وجه نكير ، أو عبوس كأنه وجه
مالك ، يؤدب ; لأنه قصد بالذم المخاطب ، وإن أراد به
كمالك يغضب لغضب الله ، فهو أخف أدبا ، وكل ما طريقه الأدب إذا ندم قائله ، لم يؤدب ، وأما إن وقعت هذه الألفاظ حكاية عن الغير ، فإن كان للشهادة أو للنفي عن قائلها - لأنه ممن يخشى اتباعه - فحسن وإلا فلا يحكى ، فإن التفكه بالأعراض محرم ، ومن كان مولعا بذلك ورواية هجوه - عليه السلام - فيقتل ، ولا ينفعه نسبته إلى غيره ، وحكي الإجماع في تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=10028هجوه - عليه السلام - وكتابته ، وقد أسقط المحرزون لدينهم من أحاديث المغازي والسير ذلك ، وقد كره تعليم النساء سورة يوسف ; لضعف معرفتهن ، ولا يروى من الأحاديث المحتاجة إلى التأويل إلا الصحيح ، بل كره
مالك وغيره رواية ما ليس فيه عمل .
ومشهور المذهب :
nindex.php?page=treesubj&link=10028_9963قتل الساب حدا لا كفرا لا تسقطه التوبة . ولا تقبل توبة الزنديق على المشهور خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، ووافقنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل ، وعند ( ح ) خلاف . والساب المعتقد حله كافر اتفاقا . وكذلك إن كان السب كفرا .
[ ص: 27 ] كالتكذيب ، ويقتل - وإن تاب - حدا ، فإن لم تتم الشهادة على الساب ، بل شهد الواحد أو لفيف الناس ، أو ثبت قوله إلا أنه يحتمل ، أو تاب على القول بقبول توبته ، فيعزر بقدر حاله وقوة الشهادة من التضييق في السجن وشدة القيود إلى غاية انتهاء طاقته بحيث لا يمنعه القيام لضرورته وصلاته ، فإن أثبت عداوة البينة وهي غير مبرزة ، وهو غير متهم ، فلا يعرض له ، وإلا اجتهد في تنكيله . ومن سب النبي بغير ما به كفر قتل ، ووقع لأصحابنا كلام وظواهر ظاهرها أن يجري الخلاف فيما به كفر ، أنه يقتل ، ومذهب
ابن القاسم لا يقتل ، وإن أسلم قبل سقط القتل ; لأن الإسلام يجب ما قبله ، وقيل : لا لأن حق الآدمي لا يسقط بالتأويل بالتوبة ، واختلف في القائل : لقيت في مرضي ما لو قتلت أبا بكر لم أستوجبه ، قيل : يقتل ; لأنه نسب الله تعالى إلى الجور ، وقيل : يبالغ في تنكيله ; لأن مقصوده الشكوى لا السب .
وأكثر قول
مالك وأصحابه
والأشعري عدم
nindex.php?page=treesubj&link=32509_20445تكفير أهل الأهواء ، وإنما قال
مالك إن تابوا وإلا قتلوا ; لأنه من الفساد في الأرض ، وجمهور السلف على تكفيرهم ، نظرا إلى أنهم إنما قصدوا التعظيم مع الاعتراف بالرسالة ، والتنقيص لازم لمذهبهم ، ولا خلاف في
nindex.php?page=treesubj&link=10027تكفير من نفى الربوبية أو الوحدانية ، أو عبد مع الله غيره ، أو هو دهري ، أو مانوي ، أو صابئ أو حلولي ، أو تناسخي ، أو من
الروافض ، أو اعتقد أن الله غير حي أو قديم أو مصور أو صنع العالم غيره ، أو هو متولد من شيء ، أو ادعى مجالسة الله تعالى أو العروج إليه ومكالمته ، أو قال بقدم العالم أو بقائه أو شك في ذلك ، أو قال بنبوة علي ، أو جوز على الأنبياء الكذب ، وأنهم خاطبوا الخلق بالوعد والوعيد
[ ص: 28 ] للمصلحة ، أو قال : في كل جنس من الحيوان نذير ، فإن فيه تجويز اتصافه بوصف الكلية ونحوها محتجا بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) أو قال بتخصيص الرسالة للعرب ، أو جوز اكتساب النبوة ، أو أنه يوحى إليه أو يصعد السماء ، أو يدخل الجنة أو يأكل من ثمارها ، أو قال بإبطال الرجم وغيره من ضروريات الدين ، أو كفر جميع الصحابة ; لأنه يؤدي إلى بطلان الدين ، أو يسعى للكنائس بزي النصارى ، أو قال بأن الصلاة طرفي النهار ، أو قال بسقوط العبادة عن بعض الأولياء ، أو أنكر
مكة أو البيت أو
المسجد الحرام ، أو قال : الاستقبال حق ولكن لغير هذه البقعة ، أو شك في ذلك - وهو ممن يظن به علم ذلك - أو يخالط المسلمين ، بخلاف حديث الإسلام ، أو جحد صفة الحج أو الصلوات ، أو جحد حرفا من القرآن أو زاده أو غيره ، أو قال ليس بمعجزة ، أو قال الثواب والعقاب معهودان ، وكذلك القائل الأئمة أفضل من الأنبياء .
وأما من
nindex.php?page=treesubj&link=27749أنكر ما لا يتعلق بالدين ، كغزوة تبوك ، أو وجود
أبي بكر وعمر ، لا يكفر إلا أن ينكر ذلك لتوهين نقل المسلمين أجمع ، فيكفر ، وأما إنكاره الإجماع المجرد الذي ليس طريقه التواتر عند التنازع ، فأكثر المسلمين من الفقهاء والنظار على تكفيره ; لمخالفة الإجماع الجامع للشرائط .
الْخَامِسَةُ : قَالَ
مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27418_10027سَبَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي كَفَرَ بِهِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِخِلَافِ نِسْبَةِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ مِمَّا هُوَ دِينُهُمُ الَّذِي أُقِرُّوا عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ ، وَمَنْ تَزَنْدَقَ مِنْهُمْ لَا يُقْتَلُ ، لِخُرُوجِهِ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ . قَالَهُ
مَالِكٌ ، وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ . قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ قَالَهُ وَلَا أَخَذَ بِهِ . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10027_10028سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوِ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنَ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَابَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ نَقَصَهُ ; لِأَنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : وَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُ رِدَّةٌ ، وَقَبِلَ تَوْبَتَهُ ( ش ) وَ ( ح ) ، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ حَدَّهُ الْقَتْلُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَرَجِ ، فَالسَّبُّ أَوْلَى بِالْمُنَافَاةِ ، ثُمَّ هَذَا الْقَتْلُ - عِنْدَنَا - حَدٌّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ - كَتَوْبَةِ الْقَاذِفِ .
[ ص: 19 ] وَنَعْرِضُ لِلْكَلَامِ فِي الْقَذْفِ فَنَقُولُ : هُوَ مَعْنًى يُرَاعَى فِي الْإِحْصَانِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَتْلِ كَالزِّنَا ، وَلَمْ يُتَصَوَّرِ الْقَتْلُ إِلَّا فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ; لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي الْقَذْفِ ; لِأَنَّ قَاذِفَ الْعَبْدِ لَا يُحَدُّ ، وَحُرْمَتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا تُسَاوِي حُرْمَةَ أُمَّتِهِ ، فَيَكُونُ حَدُّهَا الْقَتْلَ .
احْتَجُّوا بِأَنَّ حُرْمَةَ اللَّهِ أَعْظَمُ ، وَتَوْبَتُهُ تُقْبَلُ ، وَلِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الرِّدَّةِ ، وَالتَّوْبَةُ تُسْقِطُ حَدَّهَا ، وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ بَعْضُ
الْيَهُودِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ( السَّامُّ عَلَيْكَ ) وَلَمْ يَقْتُلْهُ ، وَلَمْ يَقْتُلِ الْيَهُودِيَّةَ الَّتِي سَمَّتِ الشَّاةَ .
الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّا نَلْتَزِمُ التَّسْوِيَةَ ، أَوْ نُفَرِّقُ بِأَنَّ الْبَشَرَ قَابِلٌ لِلنَّقْصِ ، فَكَانَ التَّأْثِيرُ فِيهِ أَعْظَمَ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَظْهَرَ الْمُعْجِزَةَ عَلَى يَدِ مُدَّعِي الرُّبُوبِيَّةِ كَالدَّجَّالِ ، وَلَمْ يُظْهِرْهَا عَلَى يَدِ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ ; لِأَنَّ الْعَقْلَ يُبْطِلُ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي ; وَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَالْكُفْرِ ، وَحُقُوقَ الْعِبَادِ لَا تَسْقُطُ بِهَا كَالْقَذْفِ وَالْمَالِ ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي ، فَإِنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ كَالْقَذْفِ وَالرِّدَّةِ ، مَفْسَدَتُهُمَا خَاصَّةٌ بِالْمُرْتَدِّ ، وَمَفْسَدَةُ هَذَا تَتَعَدَّى لِلْأُمَّةِ ، وَيَجُوزُ إِقْرَارُ الذِّمِّيِّ بِالْجِزْيَةِ عَلَى سَبِّ الْمَعْبُودِ ، بِخِلَافِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ : أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُمْ أَهْلُ عَهْدٍ ، فَلَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ ، أَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَتِ الْمُوَادَعَةُ مَشْرُوعَةً ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ ، مَعَ
[ ص: 20 ] أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهَا قُتِلَتْ ، وَإِنْ قُلْنَا : قَتْلُهُ كُفْرٌ ; لَمْ تُقْبَلِ التَّوْبَةُ مِنَ الْمُسْلِمِ ; لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ .
تَفْرِيعٌ : قَالَ
أَصْبَغُ :
nindex.php?page=treesubj&link=9990مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ إِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا ، أَوْ مُظْهِرًا فَلِلْمُسْلِمِينَ . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ : لَا يُقْتَلُ السَّابُّ الْكَافِرُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : لَا يُقَالُ لَهُ : أَسْلِمْ ، وَلَكِنْ إِنْ أَسْلَمَ فَذَلِكَ تَوْبَتُهُ . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِنَّ شَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ أَوْ أَحَدًا مِنْهُمْ ، أَوْ نَقَصَهُ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ ، ( لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) قَالَ
مَالِكٌ : إِنْ قَالَ الْكَافِرُ : ( مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّكُمْ فِي الْجَنَّةِ فَهُوَ الْآنَ فِي الْجَنَّةِ ، فَمَالَهُ لَمْ يُغْنِ عَنْ نَفْسِهِ حِينَ كَانَتِ الْكِلَابُ تَأْكُلُ سَاقَيْهِ ) . قَالَ : لَوْ قَتَلُوهُ اسْتَرَاحُوا مِنْهُ ، وَأَرَى أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ ، وَالْفَرْقُ بَيِّنٌ ، تَوْبَةُ الْمُسْلِمِ لَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ : أَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَدٌّ ; وَهُوَ زِنْدِيقٌ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ ، وَالْكَافِرُ كَانَ عَلَى كُفْرِهِ فَيُعْتَبَرُ إِسْلَامُهُ ، وَلَا يُجْعَلُ سَبُّهُ مِنْ جُمْلَةِ كُفْرِهِ ; لِأَنَّا لَا نُعْطِيهِمُ الْعَهْدَ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا عَلَى قَتْلِنَا وَأَخْذِ أَمْوَالِنَا ، وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُنَا قَتَلْنَاهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ دِينِهِ اسْتِحْلَالُهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10028_10029بَذَلَ الْحَرْبِيُّ الْجِزْيَةَ عَلَى إِظْهَارِ السَّبِّ لِلْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - لَمْ نَقْبَلْهُ ، وَحَلَّ لَنَا دَمُهُ ، فَكَذَلِكَ يُحَلُّ دَمُهُ بِالسَّبِّ الطَّارِئِ ، وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْهُ فِي السَّبِّ بِإِسْلَامِهِ ، وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ بِقَتْلِنَا : لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ . قَالَ
مَالِكٌ : إِنْ قَالَ : رِدَاءُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَسِخٌ ، يُرِيدُ عَيْبَهُ ; قُتِلَ ، وَإِنْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ فَقَالَ : يُعَيِّرُونِ بِالْفَقْرِ وَقَدْ رَعَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَنَمَ ; يُؤَدَّبُ ; لِأَنَّهُ عَرَّضَ
[ ص: 21 ] بِذِكْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، وَلَا يَنْبَغِي إِذَا عُوقِبَ أَهْلُ الذُّنُوبِ أَنْ يَقُولَ : قَدْ أَخْطَأَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَنَا : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : انْظُرُوا لَنَا كَاتِبًا يَكُونُ أَبُوهُ عَرَبِيًا ، فَقَالَ كَاتِبُهُ : قَدْ كَانَ أَبُو النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَافِرًا ، فَقَالَ لَهُ : جَعَلْتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَثَلًا ، لَا تَكْتُبْ لِي أَبَدًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10028خَاصَمْتَهُ ، فَأَغْضَبْتَهُ فَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ، فَقَالَ الطَّالِبُ : لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ، هَلْ هُوَ كَمَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوِ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : لَا إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ ( وَالضِّيقِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُصِرًّا عَلَى السَّبِّ ، بَلْ تَكَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ ) . قَالَ
أَصْبَغُ : لَا يُقْتَلُ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ ، وَقَالَ
الْحَارِثُ : يُقْتَلُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=26533وَسَبُّ الْمَلَائِكَةِ كَسَبِّ الْأَنْبِيَاءِ ، وَعَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِيِّ أَوِ الْمَجُوسِيِّ يَقُولُ : إِنَّ
مُحَمَّدًا لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْنَا ، بَلْ إِنَّمَا أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ ، وَإِنَّمَا نَبِيُّنَا
مُوسَى أَوْ
عِيسَى ، أَوَلَمْ يُرْسَلْ ، أَوَلَمْ يُنَـزَّلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَقُولُهُ ، وَنَحْوَ هَذَا ; يُقْتَلُ . قَالَ
مَالِكٌ : إِنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، جَاهِلًا ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=18420_24462_28754يُكْرَهُ قَوْلُكَ عِنْدَ التَّعَجُّبِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ، وَلَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَّا عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ .
قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10037قَالَ دِينُنَا خَيْرٌ مِنْ دِينِكُمْ ، إِنَّمَا دِينُكُمْ دِينُ الْحَمِيرِ ، أَوْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ : كَذَلِكَ يَعِظُكُمُ اللَّهُ ، فِيهِ الْأَدَبُ الْوَجِيعُ ، وَالسِّجْنُ الطَّوِيلُ ، وَإِنَّ سَبَّ فَقَتَلْتَهُ غَيْظًا وَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ الْقَتْلَ ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ ، وَإِلَّا فَعَلَيْكَ دِيَتُهُ وَضَرْبُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10036سَبَّ أَحَدٌ مُعَاوِيَةَ أَوْ غَيْرَهُ ، فَإِنْ نَسَبَهُ لِلضَّلَالِ وَالْكُفْرِ ; قُتِلَ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ
[ ص: 22 ] مُسَافَهَةِ النَّاسِ نُكِّلَ نَكَالًا شَدِيدًا ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=26533قَالَ : إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْطَأَ فِي الْوَصِيِّ ، اسْتُتِيبَ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ، وَقِيلَ : مَنْ كَفَّرَ صَحَابِيًّا أُوجِعَ ضَرْبًا ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٍ : إِنْ كَفَّرَ
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا ، قُتِلَ ، وَيُنَكَّلُ فِي غَيْرِهِمْ . قَالَ الْقَاضِي فِي الشِّفَا : مَنْ سَبَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَفْسِهِ أَوْ نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ ، أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى وَجْهِ السَّبِّ أَوِ الِازْدِرَاءِ أَوِ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ أَوِ الْغَضِّ مِنْهُ ، يُقْتَلُ كَالسَّابِّ . وَيَسْتَوِي التَّصْرِيحُ وَالتَّلْوِيحُ ، وَكَذَلِكَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ أَوْ تَمَنَّى مَضَرَّةً لَهُ ، وَكَذَلِكَ إِنْ نَسَبَ لَـهُ سَجْعًا ، أَوْ هَجْرًا مِنَ الْقَوْلِ ، أَوْ عَيَّرَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا جَرَى مِنَ الْبَلَاءِ ، وَبِشَيْءٍ مِنَ الْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ الْمَعْهُودَةِ لَدَيْهِ . وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابْنِ كِنَانَةَ : يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي السَّابِّ الْمُسْلِمِ فِي صَلْبِهِ حَيًّا ، أَوْ قَتْلِهِ . وَيُقْتَلُ مَنْ قَالَ : هُوَ يَتِيمُ
أَبِي طَالِبٍ ، أَوْ كَانَ أَسْوَدَ . وَإِنْ قِيلَ لِرَجُلٍ : لَا وَحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ : فَعَلَ اللَّهُ بِرَسُولِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا ، وَذَكَرَ كَلَامًا قَبِيحًا ، فَقِيلَ لَهُ : مَا تَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ؟ فَقَالَ أَشَدَّ مِنَ الْأَوَّلِ ، وَقَالَ : أَرَدْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ الْعَقْرَبَ ، فَقَالَ
ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبِ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٍ : يُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ التَّأْوِيلُ لِصَرَاحَةِ اللَّفْظِ ، وَأَفْتَى
ابْنُ عَتَّابٍ فِي عِقَابِ عَشَّارٍ قَالَ لِرَجُلٍ : أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ : إِنْ جَهِلْتُ فَقَدْ جَهِلَ بِالْقَتْلِ ، وَأَفْتَى فُقَهَاءُ
الْأَنْدَلُسِ بِقَتْلِ
ابْنِ حَاتِمٍ الْمُتَفَقِّهِ وَصَلْبِهِ لِتَسْمِيَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي أَثْنَاءِ الْمُنَاظَرَةِ بِالْيَتِيمِ ، وَخَتَنِ حَيْدَرَةَ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَصْدًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12887ابْنُ الْمُرَابِطِ : مَنْ قَالَ إِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَرَمٌ ، يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ; لِأَنَّهُ نَقْصٌ
[ ص: 23 ] لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ فِي خَاصَّتِهِ ; لِأَنَّهُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ ، وَيُقْتَلُ مَنْ نَقَّصَهُ بِسَهْوٍ أَوْ سِحْرٍ أَوْ هَزِيمَةِ بَعْضِ جُيُوشِهِ ، أَوْ شِدَّةٍ مِنْ زَمَانِهِ ، أَوْ مَيْلٍ لِبَعْضِ نِسَائِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَقْصِدِ الِازْدِرَاءَ وَلَا يَعْتَقِدْهُ فِي تَكَلُّمِهِ بِالسَّبِّ أَوِ اللَّعْنِ أَوِ التَّكْذِيبِ أَوْ إِضَافَةِ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَوْ نَفْيُ مَا يَجِبُ لَهُ مِمَّا هُوَ نَقْصٌ فِي حَقِّهِ ، وَظَهَرَ عَدَمُ تَعَمُّدِهِ وَقَصْدُ السَّبِّ : إِمَّا لِجَهَالَةٍ ، أَوْ لِضَجَرٍ ، أَوْ سُكْرٍ ، أَوْ قِلَّةِ ضَبْطِ لِسَانٍ وَتَهَوُّرٍ فِي كَلَامِهِ ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُعَذَّرُ أَحَدٌ فِي الْكُفْرِ بِالْجَهَالَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهُوَ سَلِيمُ الْعَقْلِ إِلَّا لِلْإِكْرَاهِ ، وَبِهِ أَفْتَى الْأَنْدَلُسِيُّونَ فِي
عَلِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي نَفْيِهِ الزُّهْدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَهُ
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=13211وَابْنُ سَحْنُونٍ nindex.php?page=showalam&ids=14933وأَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ ، وَنَظَرَ إِلَى أَنَّ السَّكْرَانَ إِنَّمَا يَنْطِقُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ صَاحِيًا ، وَلِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يُسْقِطُهُ السُّكْرُ كَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وَجَمِيعِ الْحُدُودِ ، وَأَمَّا الْقَاصِدُ لِذَلِكَ الْمُصَرِّحُ فَأَشْبَهُ بِالْمُرْتَدِّ ، وَيَقْوَى الْخِلَافُ فِي اسْتِتَابَتِهِ ، أَوْ مُسْتَتِرًا فَهُوَ كَالزِّنْدِيقِ لَا تُسْقِطُ قَتْلَهُ التَّوْبَةُ ، وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23639تَنَبَّأَ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : هُوَ مُرْتَدٌّ لِكُفْرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) . قَالَ
أَشْهَبُ : فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا اسْتُتِيبَ إِنْ أَعْلَنَ ذَلِكَ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13211ابْنُ سَحْنُونٍ : مَنْ شَكَّ فِي حَرْفٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ اللَّهِ ; فَهُوَ كَافِرٌ .
قَالَ
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10028قَالَ إِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِيَ ، وَأَنَّهُ كَانَ بِتَاهَرْتَ ، قُتِلَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْيٌ لَهُ ، وَتَبْدِيلُ صِفَتِهِ وَمَوْضِعِهِ كُفْرٌ ، وَاللَّفْظُ الْمُجْمَلُ الَّذِي يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَلَى غَيْرِهِ ، وَيَتَرَدَّدُ فِي حَالِ الْمُطْلَقِ : هَلْ أَرَادَهُ مُكْرَهًا أَمْ لَا ؟ فَقِيلَ : يُقْتَلُ رِعَايَةً لِحِمَاهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقِيلَ : لَا يُقْتَلُ حِمَايَةً لِلدَّمِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ فِيمَنْ أَغْضَبَهُ غَرِيمُهُ فَقَالَ لَهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ ، لَيْسَ كَالسَّابِّ ; لِأَجْلِ الْغَضَبِ ، وَلَمْ يَتَضَمَّنْ كَلَامُهُ الشَّتْمَ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ دُونَ
[ ص: 24 ] الْمَلَائِكَةِ ، بَلْ مُخَاطِبَهُ فَقَطْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14061الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ : يُقْتَلُ ، وَتَوَقَّفَ
الْقَابِسِيُّ فِي الْقَائِلِ : كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانِ وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا مُرْسَلًا ، وَشَدَّهُ بِالْقُيُودِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَ الْبَيِّنَةَ عَمَّا يَدُلُّ عَلَى مَقْصِدِهِ هَلْ أَرَادَ أَصْحَابُ الْفَنَادِقِ الْآنَ ، فَلَيْسَ فِيهِمْ نَبِيٌّ ، فَيَكُونُ أَمْرُهُ أَخَفَّ لَكِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ الْعُمُومُ ، وَفِي مُتَقَدِّمِي الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - مَنِ اكْتَسَبَ الْمَالَ فَوَقَعَ التَّرَدُّدُ . وَقَالَ
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي الْقَائِلِ : لَعَنَ اللَّهُ الْعَرَبَ ، وَلَعَنَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَلَعَنَ اللَّهُ بَنِي آدَمَ ، وَقَالَ : إِنَّمَا أَرَدْتُ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ ، يُؤَدَّبُ بِاجْتِهَادِ السُّلْطَانِ .
nindex.php?page=treesubj&link=10037قَالَ : وَكَذَلِكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ حَرَّمَ الْمُسْكِرَ وَقَالَ : لَمْ أَعْلَمْ مَنْ حَرَّمَهُ ، لَا ، وَمَنْ قَالَ : لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ، إِنْ عُذِرَ بِالْجَهْلِ أُدِّبَ الْأَدَبَ الْوَجِيعَ ، كَأَنَّهُ أَرَادَ مَنْ حَرَّمَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَكَذَلِكَ يَا ابْنَ أَلْفِ خِنْزِيرٍ - مَعَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَدَدِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَبَائِهِ - أَسَاءَ ، فَيُزْجَرُ عَنْهُ ، وَإِنْ عُلِمَ قَصْدُهُ الْأَنْبِيَاءَ قُتِلَ ، وَقَدْ يَضِيقُ الْقَوْلُ لَوْ قَالَ لِهَاشِمِيٍّ : لَعَنَ اللَّهُ
بَنِي هَاشِمٍ ، وَلِمَنْ قَالَ لَهُ : أَتَتَّهِمُنِي ؟ فَقَالَ : الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ فَكَيْفَ أَنْتَ ، قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : يُقْتَلُ لِبَشَاعَةِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ ، وَتَوَقَّفَ
ابْنُ مَنْظُورٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَمَّنِ اتَّهَمَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ ، فَأَطَالَ الْقَاضِي تَصْفِيدَهُ وَاسْتَحْلَفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَكْذِيبِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ نَقْصًا وَلَا عَيْبًا ، بَلْ ذَكَرَ بَعْضَ أَحْوَالِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حُجَّةً وَمَثَلًا لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ لِبَعْضِ حَالِهِ عَلَى طَرِيقِ التَّأَسِّي ، بَلْ لِرَفْعِ نَفْسِهِ قَصْدَ الْهَزْلِ ، كَقَوْلِهِ : إِنْ قِيلَ فِيَّ الْمَكْرُوهُ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنْ أَذْنَبْتُ فَقَدْ أَذْنَبَ ، وَكَيْفَ أَسْلَمُ مِنَ الْأَلْسِنَةِ ، وَلَمْ يَسْلَمِ الْأَنْبِيَاءُ ، وَقَدْ صَبَرْتُ كَمَا صَبَرَ النَّبِيُّ ، وَصَبَرَ النَّبِيُّ أَكْثَرَ مِنِّي ، وَكَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=15155الْمُتَنَبِّي :
[ ص: 25 ] أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهُ غَرِيبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُودَ
وَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11880الْمَعَرِّيِّ :
كُنْتَ مُوسَى وَافَتْهُ بِنْتُ شُعَيْبٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ فِيكُمَا مِنْ فَقِيرِ
وَآخِرُ الْبَيْتِ شَدِيدٌ ، وَدَاخِلٌ فِي الْإِزْرَاءِ وَالتَّحْقِيرِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
هُوَ مِثْلُهُ فِي الْفَضْلِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِهِ بِرِسَالَةٍ جِبْرِيلُ
هُوَ تَشْبِيهٌ بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ تَفْضِيلٌ عَلَيْهِ بِاسْتِغْنَائِهِ عَنِ الرِّسَالَةِ ، وَهُوَ أَشَدُّ ، وَقَوْلِ الْآخَرِ :
فَرَّ مِنَ الْخُلْدِ وَاسْتَجَارَ بِنَارٍ فَصَبَّرَ اللَّهُ فُؤَادَ رِضْوَانَ
وَقَوْلِ الْآخَرِ :
كَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَبُو بَكْرٍ الرِّضَا وَحَسَّانَ حَسَّانٌ ، وَأَنْتَ مُحَمَّدُ
. فَهَذِهِ وَنَحْوُهَا إِنْ دُرِئَ بِهَا الْقَتْلُ فَفِيهَا الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ بِحَسَبِ شَنَاعَةِ الْمَقَالَةِ وَحَالِ الْقَائِلِ فِي نَفْسِهِ فِي كَوْنِهِ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ أَوْ لَا ، وَلَمْ يَزَلِ الْمُتَقَدِّمُونَ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا فَأَنْكَرَ الرَّشِيدُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12185أَبِي نُوَاسٍ [ ص: 26 ] فَإِنْ يَكُ بَاقِي سِحْرِ فِرْعَوْنَ فِيكُمْ فَإِنَّ عَصَا مُوسَى بِكَفِّ خَضِيبٍ
وَقَالَ لَهُ : يَا
ابْنَ اللَّخْنَاءِ ، أَنْتَ الْمُسْتَهْزِئُ بِعَصَا
مُوسَى ؟ وَأَخْرَجَهُ مِنْ عَسْكَرِهِ ، وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ :
كَيْفَ لَا يُدْنِيكَ مِنْ أَمَلٍ مَنْ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ نَفَرِهِ
لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ وَلَا يُضَافُ ، وَقَالَ
مَالِكٌ إِذَا عُيِّرَ بِالْفَقْرِ فَقَالَ : قَدْ رَعَى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، يُؤَدَّبُ ، وَمَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ أَنْ يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ التَّعَجُّبِ ، بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ ، وَقَالَ
الْقَابِسِيُّ : إِذَا قَالَ فِي قَبِيحِ الْوَجْهِ : كَأَنَّهُ وَجْهُ نَكِيرٍ ، أَوْ عَبُوسٍ كَأَنَّهُ وَجْهُ
مَالِكٍ ، يُؤَدَّبُ ; لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالذَّمِّ الْمُخَاطَبَ ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ
كَمَالِكٍ يَغْضَبُ لِغَضَبِ اللَّهِ ، فَهُوَ أَخَفُّ أَدَبًا ، وَكُلُّ مَا طَرِيقُهُ الْأَدَبُ إِذَا نَدِمَ قَائِلُهُ ، لَمْ يُؤَدَّبْ ، وَأَمَّا إِنْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ حِكَايَةً عَنِ الْغَيْرِ ، فَإِنْ كَانَ لِلشَّهَادَةِ أَوْ لِلنَّفْيِ عَنْ قَائِلِهَا - لِأَنَّهُ مِمَّنْ يُخْشَى اتِّبَاعُهُ - فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَلَا يُحْكَى ، فَإِنَّ التَّفَكُّهَ بِالْأَعْرَاضِ مُحَرَّمٌ ، وَمَنْ كَانَ مُولَعًا بِذَلِكَ وَرِوَايَةِ هَجْوِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَيُقْتَلُ ، وَلَا يَنْفَعُهُ نِسْبَتُهُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَحُكِيَ الْإِجْمَاعُ فِي تَحْرِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=10028هَجْوِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَكِتَابَتِهِ ، وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُحْرِزُونَ لِدِينِهِمْ مِنْ أَحَادِيثِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ ذَلِكَ ، وَقَدْ كُرِهَ تَعْلِيمُ النِّسَاءِ سُورَةَ يُوسُفَ ; لِضَعْفِ مَعْرِفَتِهِنَّ ، وَلَا يُرْوَى مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُحْتَاجَةِ إِلَى التَّأْوِيلِ إِلَّا الصَّحِيحُ ، بَلْ كَرِهَ
مَالِكٌ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ مَا لَيْسَ فِيهِ عَمَلٌ .
وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ :
nindex.php?page=treesubj&link=10028_9963قَتْلُ السَّابِّ حَدًّا لَا كُفْرًا لَا تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ . وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ الزِّنْدِيقِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ ، وَوَافَقَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ ، وَعِنْدَ ( ح ) خِلَافٌ . وَالسَّابُّ الْمُعْتَقِدُ حِلَّهُ كَافِرٌ اتِّفَاقًا . وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ السَّبُّ كُفْرًا .
[ ص: 27 ] كَالتَّكْذِيبِ ، وَيُقْتَلُ - وَإِنْ تَابَ - حَدًّا ، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّابِّ ، بَلْ شَهِدَ الْوَاحِدُ أَوْ لَفِيفُ النَّاسِ ، أَوْ ثَبَتَ قَوْلُهُ إِلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ ، أَوْ تَابَ عَلَى الْقَوْلِ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ ، فَيُعَزَّرُ بِقَدْرِ حَالِهِ وَقُوَّةِ الشَّهَادَةِ مِنَ التَّضْيِيقِ فِي السِّجْنِ وَشِدَّةِ الْقُيُودِ إِلَى غَايَةِ انْتِهَاءِ طَاقَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ لِضَرُورَتِهِ وَصَلَاتِهِ ، فَإِنْ أَثْبَتَ عَدَاوَةَ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُبْرَزَةٍ ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ ، فَلَا يُعْرَضُ لَهُ ، وَإِلَّا اجْتُهِدَ فِي تَنْكِيلِهِ . وَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ بِغَيْرِ مَا بِهِ كَفَرَ قُتِلَ ، وَوَقَعَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامٌ وَظَوَاهِرُ ظَاهِرِهَا أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِيمَا بِهِ كَفَرَ ، أَنَّهُ يُقْتَلُ ، وَمَذْهَبُ
ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ ، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلُ سَقَطَ الْقَتْلُ ; لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ ، وَقِيلَ : لَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْوِيلِ بِالتَّوْبَةِ ، وَاخْتُلِفَ فِي الْقَائِلِ : لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ ، قِيلَ : يُقْتَلُ ; لِأَنَّهُ نَسَبَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى الْجَوْرِ ، وَقِيلَ : يُبَالَغُ فِي تَنْكِيلِهِ ; لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الشَّكْوَى لَا السَّبُّ .
وَأَكْثَرُ قَوْلِ
مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَالْأَشْعَرِيِّ عَدَمُ
nindex.php?page=treesubj&link=32509_20445تَكْفِيرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ، وَإِنَّمَا قَالَ
مَالِكٌ إِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا ; لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ، وَجُمْهُورُ السَّلَفِ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ ، نَظَرًا إِلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا قَصَدُوا التَّعْظِيمَ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِالرِّسَالَةِ ، وَالتَّنْقِيصُ لَازِمٌ لِمَذْهَبِهِمْ ، وَلَا خِلَافَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10027تَكْفِيرِ مَنْ نَفَى الرُّبُوبِيَّةَ أَوِ الْوَحْدَانِيَّةَ ، أَوْ عَبَدَ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ ، أَوْ هُوَ دَهْرِيٌّ ، أَوْ مَانَوِيٌّ ، أَوْ صَابِئٌ أَوْ حُلُولِيٌّ ، أَوْ تَنَاسُخِيٌّ ، أَوْ مِنَ
الرَّوَافِضِ ، أَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ غَيْرُ حَيٍّ أَوْ قَدِيمٍ أَوْ مُصَوَّرٍ أَوْ صَنَعَ الْعَالَمَ غَيْرُهُ ، أَوْ هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ شَيْءٍ ، أَوِ ادَّعَى مُجَالَسَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَوِ الْعُرُوجَ إِلَيْهِ وَمُكَالَمَتَهُ ، أَوْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ ، أَوْ قَالَ بِنُبُوَّةِ عَلِيٍّ ، أَوْ جَوَّزَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْكَذِبَ ، وَأَنَّهُمْ خَاطَبُوا الْخَلْقَ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ
[ ص: 28 ] لِلْمَصْلَحَةِ ، أَوْ قَالَ : فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنَ الْحَيَوَانِ نَذِيرٌ ، فَإِنَّ فِيهِ تَجْوِيزُ اتِّصَافِهِ بِوَصْفِ الْكُلِّيَّةِ وَنَحْوِهَا مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ) أَوْ قَالَ بِتَخْصِيصِ الرِّسَالَةِ لِلْعَرَبِ ، أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ ، أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ أَوْ يَصْعَدُ السَّمَاءَ ، أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوْ يَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا ، أَوْ قَالَ بِإِبْطَالِ الرَّجْمِ وَغَيْرِهِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ ، أَوْ كَفَّرَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلَانِ الدِّينِ ، أَوْ يَسْعَى لِلْكَنَائِسِ بِزِيِّ النَّصَارَى ، أَوْ قَالَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ، أَوْ قَالَ بِسُقُوطِ الْعِبَادَةِ عَنْ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ ، أَوْ أَنْكَرَ
مَكَّةَ أَوِ الْبَيْتَ أَوِ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، أَوْ قَالَ : الِاسْتِقْبَالُ حَقٌّ وَلَكِنْ لِغَيْرِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ ، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ - وَهُوَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ - أَوْ يُخَالِطُ الْمُسْلِمِينَ ، بِخِلَافِ حَدِيثِ الْإِسْلَامِ ، أَوْ جَحَدَ صِفَةَ الْحَجِّ أَوِ الصَّلَوَاتِ ، أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ زَادَهُ أَوْ غَيَّرَهُ ، أَوْ قَالَ لَيْسَ بِمُعْجِزَةٍ ، أَوْ قَالَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مَعْهُودَانِ ، وَكَذَلِكَ الْقَائِلُ الْأَئِمَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ .
وَأَمَّا مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27749أَنْكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ ، كَغَزْوَةِ تَبُوكَ ، أَوْ وُجُودِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، لَا يُكَفَّرُ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ لِتَوْهِينِ نَقْلِ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعَ ، فَيُكَفَّرُ ، وَأَمَّا إِنْكَارُهُ الْإِجْمَاعَ الْمُجَرَّدَ الَّذِي لَيْسَ طَرِيقُهُ التَّوَاتُرَ عِنْدَ التَّنَازُعِ ، فَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالنُّظَّارِ عَلَى تَكْفِيرِهِ ; لِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ الْجَامِعِ لِلشَّرَائِطِ .