النظر الثاني : في الموجب .
وفي الجواهر : هو الرجم والجلد .
[ ص: 69 ] والنظر في الرجم وشرطه ، وهو الإحصان : والجلد مائة ، وما يضاف إليه وهو التغريب ، فهذه أربعة أطراف .
الطرف الأول : في
nindex.php?page=treesubj&link=10382_10383_10384_10385_10386_27321الإحصان . وفي الجواهر : هو خمس خصال : التكليف ، والحرية ، والإسلام ، والتزويج الصحيح ، والوطء المباح ، وفي الحقيقة ثلاثة : الحرية ، والتزويج ، والوطء ، وغيرها معتبر في أصل الزنا ، ولم يشترط
عبد الملك إباحة الوطء ، بل يحصن وطء الحائض من زوجها ، ولا يحصن
nindex.php?page=treesubj&link=10386وطء الشبهة في النكاح الفاسد . وتشترط الإصابة بعد الحرية ، ولا يشترط حصوله في الوطئين ، بل إن أحصن أحدهما رجم ، وجلد الآخر .
فائدة : أصل هذه اللفظة : المنع ، ومنه : الحصن للبناء ; لأنه يمنع من فيه من العدو ، فالتكليف وازع يمنع من تعاطي المحرمات . والحرية تجعل النفس أبية تمتنع من القاذورات . الإسلام يمنع الإقدام على المنهيات ، والتزويج يكمل النعمة فيصير من ذوي الرتب العليات ، ويعظم عليها المؤاخذات ، والإجماع في التكليف والوطء . وأما الحرية فلقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) ، والوطء المباح ; لأنه الغالب ، فيحمل اللفظ عليه ; لأنه النعمة الكاملة . ووافقنا ( ح ) على الإسلام ، خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي وأحمد .
لنا : قوله - عليه السلام - : (
لا إحصان مع الشرك ) ، والقياس على القذف بجامع تكامل النعمة ، وهو موجب لزيادة العقوبة ، بشهادة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن ) إلى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30يضاعف لها العذاب ضعفين ) ، وقوله تعالى
[ ص: 70 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ) ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=45لأخذنا منه باليمين nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=46ثم لقطعنا منه الوتين ) . فجعل تعالى مؤاخذته ومؤاخذة أزواجه أعظم المؤاخذات ، لأنهم أكمل من غيرهم ، ولأنها العادة : أن مناقشة خواص الملك أعظم . احتجوا بما في الصحاح : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349866جاءت اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا أن رجلا وامرأة منهم زنيا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ، فقالوا : نفضحهم ويجلدون ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : كذبتم ، إن فيها الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على أية الرجم ، ثم قرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : ارفع يدك ، فرفع يده ، فإذا فيها آية الرجم ، فقالوا : صدقت ، إن فيها آية الرجم ، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما ) . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ( وكانا قد أحصنا ) . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحكم بغير شرعه ، ولأن الكافر يعتقد دينه أتم الأديان ، وأكمل النعم فيؤاخذ بذلك في العقوبة ، ولأن غيره من الشروط إذا عدم خلفه ضده في عدم المنع ; لأن المجنون والصبي لا يمتنعان . والرقيق أجسر على الزنا ، وعدم الوطء يبعث على الزنا ليقف على حقيقته ، أما عدم الإسلام فلا ; لأن الكافر يمتنع من الزنا كالمسلم ، ولأن الفرق بينه وبين القذف : أن الوطء لا يعتبر في القذف ويعتبر في الرجم ، ويعتبر فيه العفاف دون الرجم ، ولا يعتبر فيه إحصان المحدود ; لأن الذمي يحد في القذف فهو حجة لنا ، لعموم قوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349867الثيب بالثيب رجم بالحجارة ) أو سبب
[ ص: 71 ] للقتل على المسلم ، فيكون سببا في حق الكافر كالقصاص .
والجواب عن الأول : أن الحديث صحيح إلا تلك الزيادة : ( وهما محصنان ) ، وإنما رجمهم بوحي يخص أولئك لوجوه : أحدها : أنه - عليه السلام - لا يليق به ولا بمن له أدنى دين أن يتصرف في الزنا بغير أمر الله تعالى ، وثانيها : أن هذه القصة وقعت أول نزوله - عليه السلام -
بالمدينة ، ولم يكن حد الزنا نزل بعد ، ولذلك روى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مفسرا ، قال : وكان حد المسلمين يؤمئذ الجلد ، وثالثها : قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) ، وهذا يقتضي أنه إنما حكم بوحي يخصهم ، ورابعها : أنه روي في الخبر : أنه رجمهم بشهادة الكفار ، وأنتم لا تقولون به ، ولأنه - عليه السلام - لم يسأل عن شرائط إحصانهما .
تنبيه : الحديث يشكل عليه مذهبنا ومذهب المخالف . أما مذهبنا : فلأنا ندعي وحيا وتخصيصا بهذين الشخصين بغير دليل ، مع أن الظاهر اقتضى الاعتماد على التوراة ، لا سيما إذا جمعت طرق الحديث . وأما مذهبهم ، فإن التوراة محرفة ، وإخبار
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام وغيره ، إنما يفيد أنه رأى ذلك في التوراة ; لأنه يرويها عن الصدور بلا رواية في كتب الإسرائليين ، لطول الزمان وكثرة اللعب والإهمال ، والاعتماد على مثل هذا باطل إجماعا . وشرع من قبلنا إنما يكون شرعا لنا إذا ثبت أنه شرع من قبلنا بوحي ثابت ، أو رواية صحيحة . ولا يمكن أن نقول : إن حد المسلمين يومئذ الرجم ; لأنه لو كان كذلك لما سألهم - عليه السلام - عن التوراة ، ولا فحص ; لأنه نهانا عن ذلك ، وقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349868لا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنا بالله ) . بل مفهوم القرآن في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله )
[ ص: 72 ] يأبى ذلك ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ، وفي المنتقى : يحتمل أن يكون أوحي إليه بصحة هذا من التوراة ، وعلم ذلك عند
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام وغيره ، على وجه يوجب العلم ، أو شرع من قبلنا شرع لنا . وقد نبهت على ضعف الوجوه الأخيرة ، قال : قال
مالك : لم يكونوا أهل ذمة .
وعن الثاني : أنه لا عبرة باعتقاده ; لأنه نقمة أخرى لا نعمة ; لأن الكافر لو قذف كافرا لا يحد ، وإن اعتقد أن المقذوف محصن .
وعن الثالث : أنه يبطل شهادته . فإنه يعتقد تحريم الكذب ، ولا تقبل شهادته .
وعن الرابع : أن العفة عن الزنا لا تبقى مع القذف فاعتبرت ، وفي الإسلام هما سواء يبقى معها ، فاعتبر فيهما .
والجواب عن الخامس : أنه يخصصه بما ذكرنا من الأدلة .
والجواب عن السادس : أن القصاص لا يعتبر فيه بخلاف هاهنا .
فرع :
وفي المنتقى : لا يحكم أحدنا اليوم بحكم التوراة . وقال
أشهب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10357_24376طلبت أهل الذمة الرجم - وهو دينهم - فلهم ذلك ، إلا من كان رقيقا لمسلم ، فليس لهم فيه رجم ، ولا جلد ، ولا قتل ; لتعلق حق المسلم . وقوله : ( فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهما فرجما ) ، يدل على أن الإمام يلزمه مباشرة الحدود ، وقاله
مالك و ( ش ) ، وقال ( ح ) : في الاعتراف يلزمه الابتداء بالرجم ، ثم يتبعه الناس بخلاف البينة .
لنا : القياس على السرقة . ويدل الحديث بقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349869فلقد رأيت الرجل يحني على المرأة [ ص: 73 ] يقيها الحجارة ) - أن
nindex.php?page=treesubj&link=10404المرجوم لا يحفر له . قاله
مالك و ( ح ) ، وقال ( ش ) :
nindex.php?page=treesubj&link=10406يحفر للمرأة ، ولو حفر لم يكن منحنيا عليها . قال
ابن دينار : يفعل الإمام من ذلك ما يراه ، وقال
أصبغ ، يحفر للمرجوم ويرسل له يداه ، يدرأ بهما عن وجهه إن أحب . وفي الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10357_24376_24377زنى الكافر لم يحد ، ورد إلى أهل دينه ، فإن أعلنوا الزنا وشرب الخمر نكلوا . قال
ابن يونس : لأن الحد تطهير للكافر وهو ليس من أهله بخلاف القذف والسرقة والحرابة ; لأنه من باب التظالم - حق للذمي فيقام عليه وإن أسلم .
فرع :
في الكتاب : يقبل قوله : أنا بكر ، ويجلد ، ولا يقبل في الإحصان النساء ، كان معهن رجل أم لا ; لأنه حكم بدني .
فرع :
قال : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10314_10340_10388طال مكثه بعد الدخول ، فشهد عليه بالزنا ، فأنكر الإصابة ، لم يرجم إلا بإقرار أو ظهور ولد ; لعظم حرمة الدم ، بخلاف الصداق . في النكت : قال النكاح الثابت : إذا أخذت تزني بعد إقامتها مع زوجها عشرين سنة ، تحد . اختلف الجواب ; لأن الزوج مقر بالوطء أو يحتمل أن الطول فيها أكثر ، فهو اختلاف قول ، كما قاله
يحيى بن عمر ، أو يفرق بأن العادة في طول المدة إذا لم يحصل وطء تطالب المرأة به ، فلما لم يكن دل على حصوله ، وليس عادة الزوج إظهار الوطء ( قاله بعضهم ) ، وليس بشيء ، بل الفرق ينعكس في الزوج إذا كان هو الزاني ، يقال له : تركها القيام دليل الوطء . قال
ابن يونس : قال
محمد : إذا اختلفا في الوطء بعد الزنا ، لم يقبل قول الزاني منهما ويرجم ، ولما لم يكن خلا بها إلا ليلة أو أقل . وإن اختلفا قبل الزنا لم يكن المقر محصنا ولو أقام معها الدهر ، وقاله
[ ص: 74 ] ابن القاسم . والفرق بين قبل وبعد : أن الزوجة تقول قبل : إنما أقررت لتكميل الصداق ، أو يقول الزوج : إنما أقررت لتكون لي الرجعة ، والمقر بعد منهما أوجب على نفسه ، ولا عذر له ، فيكون الآخر مثله ، إذ لا يكون الواطئ محصنا دون الموطوء ، ولا يسقط إنكاره حدا وجب . قال
اللخمي ، لا يكون محصنا بالعقد ولا بالدخول فيما يفسخ بعد الدخول ، فإن كان مما يثبت بعد الدخول كان به محصنا بما بعد بأول الملاقاة ، فإن صح العقد ، وفسدت الملاقاة لم يحصن عند
ابن القاسم ولا يحد ، خلافا
لعبد الملك فيهما ; لأن إطلاقات صاحب الشرع تحمل على المشروع ; لأنه عرفه ، وعند
ابن دينار ، يحصن ولا يحد . قال : ولو عكس لكان أشبه ; لأن الحد يدرأ بالشبهة ، ومتى تصادقا في الإصابة قبل الزنا فمحصنان ، أو على نفيه فبكران ، وإن اختلفا حد المنكر ، واختلف في المقر فقيل : يرجم إلا أن يرجع قبل الجلد ، فإن اختلف بعد الزنا فثلاثة أقوال : قال
عبد الملك : لا يقبل قول المنكر ويرجمان ، ( وهو قول أصحابنا ) ، وقال
ابن القاسم : يصدق الزوج ، والقول الثالث : ما تقدم ذكره في كتاب النكاح فيما تقدمت حكايته في الثلاث ، وإذا غاب أحدهما ، أو مات قبل أن يسمع منه شيء . في المقدمات : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10388خالفها وأقر بالوطء قبل الزنا أو بعده فمحصنان ، وإن أنكراه بعد الزنا ولم يقرا قبله ، فثلاثة أقوال : لا يصدقان عند
ابن وهب وإن قرب إلينا ، وقال جمهور الأصحاب : يصدقان ، إلا أن يطول الزمان جدا ، ويصدقان وإن طال الزمان ، وهو ظاهر المدونة في كتاب الرجم ، والثاني : ظاهرها في النكاح الثابت ، وإن أنكرا قبل الزنا ، صدقا اتفاقا .
[ ص: 75 ] فرع :
قال
اللخمي : ومتى كان
nindex.php?page=treesubj&link=10383الزوج وحده غير بالغ ، لم يكن واحدا منهما محصنا ،
nindex.php?page=treesubj&link=10383وهي غير بالغة وحدها ، يحصن دونها ; لأن مقصود الوطء يحصل من الصغيرة له ، ولا يحصل للمرأة من الصغير ، وإن كان
nindex.php?page=treesubj&link=10384_33508أحدهما عبدا يحصن الحر منهما لوجود الحرية والزوجية ، وإن كان
nindex.php?page=treesubj&link=10382أحدهما مجنونا يحصن العاقل خاصة ، قاله
مالك وابن القاسم : وقال
أشهب : المعتبر الزوج إن كان عاقلا فلا يحصن هو وهي أيضا إن زنت في إفاقتها ، أو مجنونا ، لم يتحصنا معا ، وقال
عبد الملك : إن صح العقد منهما أو من وليهما تحصنا معا ، وإن كان مجنونين في حين البناء إذا وقع الزنا في الصحة ، فإن كان
nindex.php?page=treesubj&link=10385الزوج مسلما وهي نصرانية ، يحصن دونها ، أو مسلمة دونه ، لم يكن إحصانا لها ; لأنه إن تزوج وهي مسلمة كان فاسدا أو نصرانية فهي غير مخاطبة بالفروع . في المقدمات : إن
nindex.php?page=treesubj&link=10385_10384وقع الوطء قبل الإسلام أو الحرية لم يعتبر حتى يقع بعدهما ، ويعتبر اجتماع الإسلام والحرية أيهما تقدم . وإذا انفرد الإسلام فهو إحصان ، أو الحرية لم يكن إحصانا يعتبر ، وبهذا تجتمع الآيات ، فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت ) ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما ) - منسوختان إجماعا ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) ، قرئ أحصن وأحصن - بفتح الصاد وكسرها - والثاني معناه : تزوجن ( قاله
القاضي إسماعيل ) ; لتقدم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25من فتياتكم المؤمنات ) ، فيقتضي أن التزويج حال العبودية لا يوجب رجما ولا
[ ص: 76 ] جلد مائة ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25نصف ما على المحصنات من العذاب ) أي : الحرائر المسلمات ، لا الحرائر المتزوجات ; لأن حدهن الرجم ، وهو لا يتبعض .
نظائر :
( . . . .
nindex.php?page=treesubj&link=33508_10385_10383_10382أربعة لا يحصن ، ولا تحصن : الأمة الزوجة للحر تحصنه ويحصنها ، والكتابية ، والصبية التي لم تبلغ ومثلها يوطأ ، والمجنونة ) .
النَّظَرُ الثَّانِي : فِي الْمُوجِبِ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ : هُوَ الرَّجْمُ وَالْجَلْدُ .
[ ص: 69 ] وَالنَّظَرُ فِي الرَّجْمِ وَشَرْطِهِ ، وَهُوَ الْإِحْصَانُ : وَالْجَلْدُ مِائَةٌ ، وَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ وَهُوَ التَّغْرِيبُ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ .
الطَّرَفُ الْأَوَّلُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10382_10383_10384_10385_10386_27321الْإِحْصَانِ . وَفِي الْجَوَاهِرِ : هُوَ خَمْسُ خِصَالٍ : التَّكْلِيفُ ، وَالْحُرِّيَّةُ ، وَالْإِسْلَامُ ، وَالتَّزْوِيجُ الصَّحِيحُ ، وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ ، وَفِي الْحَقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ : الْحُرِّيَّةُ ، وَالتَّزْوِيجُ ، وَالْوَطْءُ ، وَغَيْرُهَا مُعْتَبَرٌ فِي أَصْلِ الزِّنَا ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ
عَبْدُ الْمَلِكِ إِبَاحَةَ الْوَطْءِ ، بَلْ يُحَصَنُ وَطْءُ الْحَائِضِ مِنْ زَوْجِهَا ، وَلَا يُحَصَنُ
nindex.php?page=treesubj&link=10386وَطْءُ الشُّبْهَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ . وَتُشْتَرَطُ الْإِصَابَةُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ فِي الْوَطْئَيْنِ ، بَلْ إِنْ أُحْصِنَ أَحَدُهُمَا رُجِمَ ، وَجُلِدَ الْآخَرُ .
فَائِدَةٌ : أَصِلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ : الْمَنْعُ ، وَمِنْهُ : الْحِصْنُ لِلْبِنَاءِ ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ فِيهِ مِنَ الْعَدُوِّ ، فَالتَّكْلِيفُ وَازِعٌ يَمْنَعُ مِنْ تَعَاطِي الْمُحَرَّمَاتِ . وَالْحُرِّيَّةُ تَجْعَلُ النَّفْسَ أَبِيَّةً تَمْتَنِعُ مِنَ الْقَاذُورَاتِ . الْإِسْلَامُ يَمْنَعُ الْإِقْدَامَ عَلَى الْمَنْهِيَّاتِ ، وَالتَّزْوِيجُ يُكْمِلُ النِّعْمَةَ فَيَصِيرُ مِنْ ذَوِي الرُّتَبِ الْعَلِّيَّاتِ ، وَيَعْظُمُ عَلَيْهَا الْمُؤَاخَذَاتُ ، وَالْإِجْمَاعُ فِي التَّكْلِيفِ وَالْوَطْءِ . وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) ، وَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ ; لِأَنَّهُ الْغَالِبُ ، فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ النِّعْمَةُ الْكَامِلَةُ . وَوَافَقَنَا ( ح ) عَلَى الْإِسْلَامِ ، خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ .
لَنَا : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
لَا إِحْصَانَ مَعَ الشِّرْكِ ) ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَذْفِ بِجَامِعِ تَكَامُلِ النِّعْمَةِ ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ ، بِشَهَادَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) إِلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى
[ ص: 70 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=75إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ) ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=45لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=46ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) . فَجَعَلَ تَعَالَى مُؤَاخَذَتَهُ وَمُؤَاخَذَةَ أَزْوَاجِهِ أَعْظَمَ الْمُؤَاخَذَاتِ ، لِأَنَّهُمْ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَلِأَنَّهَا الْعَادَةُ : أَنَّ مُنَاقَشَةَ خَوَاصِّ الْمَلْكِ أَعْظَمُ . احْتَجُّوا بِمَا فِي الصِّحَاحِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349866جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرُوا أَنْ رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْهُمْ زَنَيَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ ، فَقَالُوا : نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : كَذَبْتُمْ ، إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا ، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى أَيَةِ الرَّجْمِ ، ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا ، فَقَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : ارْفَعْ يَدَكَ ، فَرَفَعَ يَدَهُ ، فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَالُوا : صَدَقْتَ ، إِنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَا ) . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : ( وَكَانَا قَدْ أَحْصَنَا ) . وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْكُمُ بِغَيْرِ شَرْعِهِ ، وَلِأَنَّ الْكَافِرَ يَعْتَقِدُ دِينَهُ أَتَمَّ الْأَدْيَانِ ، وَأَكْمَلَ النِّعَمِ فَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ فِي الْعُقُوبَةِ ، وَلِأَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الشُّرُوطِ إِذَا عُدِمَ خَلَفَهُ ضِدُّهُ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ ; لِأَنَّ الْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ لَا يَمْتَنِعَانِ . وَالرَّقِيقُ أَجْسَرُ عَلَى الزِّنَا ، وَعَدَمُ الْوَطْءِ يَبْعَثُ عَلَى الزِّنَا لِيَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، أَمَّا عَدَمُ الْإِسْلَامِ فَلَا ; لِأَنَّ الْكَافِرَ يَمْتَنِعُ مِنَ الزِّنَا كَالْمُسْلِمِ ، وَلِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَذْفِ : أَنَّ الْوَطْءَ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَذْفِ وَيُعْتَبَرُ فِي الرَّجْمِ ، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَفَافُ دُونَ الرَّجْمِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِحْصَانُ الْمَحْدُودِ ; لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349867الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ ) أَوْ سَبَبٌ
[ ص: 71 ] لِلْقَتْلِ عَلَى الْمُسْلِمِ ، فَيَكُونُ سَبَبًا فِي حَقِّ الْكَافِرِ كَالْقِصَاصِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ إِلَّا تِلْكَ الزِّيَادَةَ : ( وَهُمَا مُحَصَنَانِ ) ، وَإِنَّمَا رَجْمُهُمْ بِوَحْيٍ يَخُصُّ أُولَئِكَ لِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا بِمَنْ لَهُ أَدْنَى دِينٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الزِّنَا بِغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَثَانِيهَا : أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ أَوَّلَ نُزُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
بِالْمَدِينَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ حَدُّ الزِّنَا نَزَلَ بَعْدُ ، وَلِذَلِكَ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ مُفَسِّرًا ، قَالَ : وَكَانَ حَدُّ الْمُسْلِمِينَ يَؤْمَئِذٍ الْجَلْدَ ، وَثَالِثُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إِنَّمَا حَكَمَ بِوَحْيٍ يَخُصُّهُمُ ، وَرَابِعُهَا : أَنَّهُ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ : أَنَّهُ رَجَمَهُمْ بِشَهَادَةِ الْكُفَّارِ ، وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ ، وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ إِحْصَانِهِمَا .
تَنْبِيهٌ : الْحَدِيثُ يُشْكَلُ عَلَيْهِ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْمُخَالِفِ . أَمَّا مَذْهَبُنَا : فَلِأَنَّا نَدَّعِي وَحْيًا وَتَخْصِيصًا بِهَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ اقْتَضَى الِاعْتِمَادَ عَلَى التَّوْرَاةِ ، لَا سِيَّمَا إِذَا جُمِعَتْ طُرُقُ الْحَدِيثِ . وَأَمَّا مَذْهَبُهُمْ ، فَإِنَّ التَّوْرَاةَ مُحَرَّفَةٌ ، وَإِخْبَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ ، إِنَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ ; لِأَنَّهُ يَرْوِيهَا عَنِ الصُّدُورِ بِلَا رِوَايَةٍ فِي كُتُبِ الْإِسْرَائِلِيِّينَ ، لِطُولِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ اللَّعِبِ وَالْإِهْمَالِ ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مِثْلِ هَذَا بَاطِلٌ إِجْمَاعًا . وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا إِنَّمَا يَكُونُ شَرْعًا لَنَا إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا بِوَحْيٍ ثَابِتٍ ، أَوْ رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ . وَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ : إِنَّ حَدَّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ الرَّجْمُ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا سَأَلَهُمْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنِ التَّوْرَاةِ ، وَلَا فَحَصَ ; لِأَنَّهُ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349868لَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا : آمَنَّا بِاللَّهِ ) . بَلْ مَفْهُومُ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ )
[ ص: 72 ] يَأْبَى ذَلِكَ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ، وَفِي الْمُنْتَقَى : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِصِحَّةِ هَذَا مِنَ التَّوْرَاةِ ، وَعُلِمَ ذَلِكَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ ، عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْعِلْمَ ، أَوْ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا . وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى ضَعْفِ الْوُجُوهِ الْأَخِيرَةِ ، قَالَ : قَالَ
مَالِكٌ : لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِ ; لِأَنَّهُ نِقْمَةٌ أُخْرَى لَا نِعْمَةٌ ; لِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ قَذَفَ كَافِرًا لَا يُحَدُّ ، وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَقْذُوفَ مُحْصَنٌ .
وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّهُ يَبْطُلُ شَهَادَتُهُ . فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْكَذِبِ ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ .
وَعَنِ الرَّابِعِ : أَنَّ الْعِفَّةَ عَنِ الزِّنَا لَا تَبْقَى مَعَ الْقَذْفِ فَاعْتُبِرَتْ ، وَفِي الْإِسْلَامِ هُمَا سَوَاءٌ يَبْقَى مَعَهَا ، فَاعْتُبِرَ فِيهِمَا .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ : أَنَّهُ يُخَصِّصُهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَدِلَّةِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ السَّادِسِ : أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ بِخِلَافِ هَاهُنَا .
فَرْعٌ :
وَفِي الْمُنْتَقَى : لَا يَحْكُمْ أَحَدُنَا الْيَوْمَ بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ . وَقَالَ
أَشْهَبُ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10357_24376طَلَبَتْ أَهْلُ الذِّمَّةِ الرَّجْمَ - وَهُوَ دِينُهُمْ - فَلَهُمْ ذَلِكَ ، إِلَّا مَنْ كَانَ رَقِيقًا لِمُسْلِمٍ ، فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ رَجْمٌ ، وَلَا جَلْدٌ ، وَلَا قَتْلٌ ; لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِ . وَقَوْلُهُ : ( فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِمَا فَرُجِمَا ) ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ مُبَاشَرَةُ الْحُدُودِ ، وَقَالَهُ
مَالِكٌ وَ ( ش ) ، وَقَالَ ( ح ) : فِي الِاعْتِرَافِ يَلْزَمُهُ الِابْتِدَاءُ بِالرَّجْمِ ، ثُمَّ يَتْبَعُهُ النَّاسُ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ .
لَنَا : الْقِيَاسُ عَلَى السَّرِقَةِ . وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349869فَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ [ ص: 73 ] يَقِيهَا الْحِجَارَةَ ) - أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10404الْمَرْجُومَ لَا يُحْفَرُ لَهُ . قَالَهُ
مَالِكٌ وَ ( ح ) ، وَقَالَ ( ش ) :
nindex.php?page=treesubj&link=10406يُحْفَرُ لِلْمَرْأَةِ ، وَلَوْ حُفِرَ لَمْ يَكُنْ مُنْحَنِيًا عَلَيْهَا . قَالَ
ابْنُ دِينَارٍ : يَفْعَلُ الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَرَاهُ ، وَقَالَ
أَصْبَغُ ، يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ وَيُرْسَلُ لَهُ يَدَاهُ ، يَدْرَأُ بِهِمَا عَنْ وَجْهِهِ إِنْ أَحَبَّ . وَفِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10357_24376_24377زَنَى الْكَافِرُ لَمْ يُحَدَّ ، وَرُدَّ إِلَى أَهْلِ دِينِهِ ، فَإِنْ أَعْلَنُوا الزِّنَا وَشُرْبَ الْخَمْرِ نُكِّلُوا . قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : لِأَنَّ الْحَدَّ تَطْهِيرٌ لِلْكَافِرِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ بِخِلَافِ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ وَالْحِرَابَةِ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّظَالُمِ - حَقٌّ لِلذِّمِّيِّ فَيُقَامُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَ .
فَرْعٌ :
فِي الْكِتَابِ : يُقْبَلُ قَوْلُهُ : أَنَا بِكْرٌ ، وَيُجْلَدُ ، وَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِحْصَانِ النِّسَاءُ ، كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ أَمْ لَا ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَدَنِيٌّ .
فَرْعٌ :
قَالَ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10314_10340_10388طَالَ مُكْثُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَشُهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا ، فَأَنْكَرَ الْإِصَابَةَ ، لَمْ يُرْجَمْ إِلَّا بِإِقْرَارٍ أَوْ ظُهُورِ وَلَدٍ ; لِعِظَمِ حُرْمَةِ الدَّمِ ، بِخِلَافِ الصَّدَاقِ . فِي النُّكَتِ : قَالَ النِّكَاحُ الثَّابِتُ : إِذَا أَخَذَتْ تَزْنِي بَعْدَ إِقَامَتِهَا مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً ، تُحَدُّ . اخْتَلَفَ الْجَوَابُ ; لِأَنَّ الزَّوْجَ مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ أَوْ يُحْتَمَلُ أَنِ الطُّولَ فِيهَا أَكْثَرُ ، فَهُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ ، كَمَا قَالَهُ
يَحْيَى بْنُ عُمَرَ ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي طُولِ الْمُدَّةِ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ تُطَالِبُ الْمَرْأَةُ بِهِ ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ دَلَّ عَلَى حُصُولِهِ ، وَلَيْسَ عَادَةُ الزَّوْجِ إِظْهَارَ الْوَطْءِ ( قَالَهُ بَعْضُهُمْ ) ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، بَلِ الْفَرْقُ يَنْعَكِسُ فِي الزَّوْجِ إِذَا كَانَ هُوَ الزَّانِيَ ، يُقَالُ لَهُ : تَرْكُهَا الْقِيَامَ دَلِيلُ الْوَطْءِ . قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
مُحَمَّدٌ : إِذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَطْءِ بَعْدَ الزِّنَا ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّانِي مِنْهُمَا وَيُرْجَمُ ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ خَلَا بِهَا إِلَّا لَيْلَةً أَوْ أَقَلَّ . وَإِنِ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزِّنَا لَمْ يَكُنِ الْمُقِرُّ مُحْصَنًا وَلَوْ أَقَامَ مَعَهَا الدَّهْرَ ، وَقَالَهُ
[ ص: 74 ] ابْنُ الْقَاسِمِ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَبْلُ وَبَعْدُ : أَنَّ الزَّوْجَةَ تَقُولُ قَبْلُ : إِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ ، أَوْ يَقُولُ الزَّوْجُ : إِنَّمَا أَقْرَرْتُ لِتَكُونَ لِيَ الرَّجْعَةُ ، وَالْمُقِرُّ بَعْدُ مِنْهُمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلَا عُذْرَ لَهُ ، فَيَكُونُ الْآخَرُ مِثْلَهُ ، إِذْ لَا يَكُونُ الْوَاطِئُ مُحْصَنًا دُونَ الْمَوْطُوءِ ، وَلَا يُسْقِطُ إِنْكَارُهُ حَدًّا وَجَبَ . قَالَ
اللَّخْمِيُّ ، لَا يَكُونُ مُحْصَنًا بِالْعَقْدِ وَلَا بِالدُّخُولِ فِيمَا يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ بَعْدَ الدُّخُولِ كَانَ بِهِ مُحْصَنًا بِمَا بَعْدُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ ، فَإِنْ صَحَّ الْعَقْدُ ، وَفَسَدَتِ الْمُلَاقَاةُ لَمْ يُحْصَنْ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُحَدُّ ، خِلَافًا
لِعَبْدِ الْمَلِكِ فِيهِمَا ; لِأَنَّ إِطْلَاقَاتِ صَاحِبِ الشَّرْعِ تُحْمَلُ عَلَى الْمَشْرُوعِ ; لِأَنَّهُ عَرَفَهُ ، وَعِنْدَ
ابْنِ دِينَارٍ ، يُحَصَنُ وَلَا يُحَدُّ . قَالَ : وَلَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَشْبَهَ ; لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ ، وَمَتَى تَصَادَقَا فِي الْإِصَابَةِ قَبْلَ الزِّنَا فَمُحْصَنَانِ ، أَوْ عَلَى نَفْيِهِ فَبِكْرَانِ ، وَإِنِ اخْتَلَفَا حُدَّ الْمُنْكِرُ ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُقِرِّ فَقِيلَ : يُرْجَمُ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْجَلْدِ ، فَإِنِ اخْتُلِفَ بَعْدَ الزِّنَا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَيُرْجَمَانِ ، ( وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا ) ، وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : يُصَدَّقُ الزَّوْجُ ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِيمَا تَقَدَّمَتْ حِكَايَتُهُ فِي الثَّلَاثِ ، وَإِذَا غَابَ أَحَدُهُمَا ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ شَيْءٌ . فِي الْمُقَدِّمَاتِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10388خَالَفَهَا وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الزِّنَا أَوْ بَعْدَهُ فَمُحْصَنَانِ ، وَإِنْ أَنْكَرَاهُ بَعْدَ الزِّنَا وَلَمْ يُقِرَّا قَبْلَهُ ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : لَا يُصَدَّقَانِ عِنْدَ
ابْنِ وَهْبٍ وَإِنْ قَرُبَ إِلَيْنَا ، وَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ : يُصَدَّقَانِ ، إِلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا ، وَيُصَدَّقَانِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ ، وَالثَّانِي : ظَاهِرُهَا فِي النِّكَاحِ الثَّابِتِ ، وَإِنْ أَنْكَرَا قَبْلَ الزِّنَا ، صُدِّقَا اتِّفَاقًا .
[ ص: 75 ] فَرْعٌ :
قَالَ
اللَّخْمِيُّ : وَمَتَى كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=10383الزَّوْجُ وَحْدَهُ غَيْرَ بَالِغٍ ، لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا مِنْهُمَا مُحْصَنًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=10383وَهِيَ غَيْرُ بَالِغَةٍ وَحْدَهَا ، يُحَصَنُ دُونَهَا ; لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَطْءِ يَحْصُلُ مِنَ الصَّغِيرَةِ لَهُ ، وَلَا يَحْصُلُ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الصَّغِيرِ ، وَإِنْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=10384_33508أَحَدُهُمَا عَبْدًا يُحْصَنُ الْحُرُّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْحُرِّيَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ ، وَإِنْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=10382أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا يُحْصَنُ الْعَاقِلُ خَاصَّةً ، قَالَهُ
مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ : وَقَالَ
أَشْهَبُ : الْمُعْتَبَرُ الزَّوْجُ إِنْ كَانَ عَاقِلًا فَلَا يُحْصَنُ هُوَ وَهِيَ أَيْضًا إِنْ زَنَتْ فِي إِفَاقَتِهَا ، أَوْ مَجْنُونًا ، لَمْ يَتَحَصَّنَا مَعًا ، وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : إِنْ صَحَّ الْعَقْدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهِمَا تَحَصَّنَا مَعًا ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونَيْنِ فِي حِينِ الْبِنَاءِ إِذَا وَقَعَ الزِّنَا فِي الصِّحَّةِ ، فَإِنْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=10385الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَهِيَ نَصْرَانِيَّةً ، يُحْصَنُ دُونَهَا ، أَوْ مُسْلِمَةً دُونَهُ ، لَمْ يَكُنْ إِحْصَانًا لَهَا ; لِأَنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ كَانَ فَاسِدًا أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ فَهِيَ غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالْفُرُوعِ . فِي الْمُقَدِّمَاتِ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10385_10384وَقْعَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوِ الْحُرِّيَّةِ لَمْ يُعْتَبَرْ حَتَّى يَقَعَ بِعْدَهُمَا ، وَيُعْتَبَرُ اجْتِمَاعُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ . وَإِذَا انْفَرَدَ الْإِسْلَامُ فَهُوَ إِحْصَانٌ ، أَوِ الْحُرِّيَّةُ لَمْ يَكُنْ إِحْصَانًا يُعْتَبَرُ ، وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْآيَاتُ ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=15فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ) ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=16وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ) - مَنْسُوخَتَانِ إِجْمَاعًا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) ، قُرِئَ أُحْصِنَّ وَأُحْصَنَّ - بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا - وَالثَّانِي مَعْنَاهُ : تَزَوَّجْنَ ( قَالَهُ
الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ ) ; لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ) ، فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّزْوِيجَ حَالَ الْعُبُودِيَّةِ لَا يُوجِبُ رَجْمًا وَلَا
[ ص: 76 ] جَلْدَ مِائَةٍ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) أَيِ : الْحَرَائِرِ الْمُسْلِمَاتِ ، لَا الْحَرَائِرِ الْمُتَزَوِّجَاتِ ; لِأَنَّ حَدَّهُنَّ الرَّجْمُ ، وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ .
نَظَائِرُ :
( . . . .
nindex.php?page=treesubj&link=33508_10385_10383_10382أَرْبَعَةٌ لَا يُحْصِنَّ ، وَلَا تُحْصَنَّ : الْأَمَةُ الزَّوْجَةُ لِلْحُرِّ تُحْصِنُهُ وَيُحْصِنُهَا ، وَالْكِتَابِيَّةُ ، وَالصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ ، وَالْمَجْنُونَةُ ) .