الفصل الثاني : في النبات ، وفي ( الكتاب ) : لا يقطع أحد من شجر الحرم  شيئا يبس أم لا ، فإن فعل استغفر الله تعالى ولا شيء عليه ، وقال ( ش ) في الشجرة الكبيرة بقرة ، وفي الصغيرة شاة ; لأنه مروي عن   ابن عباس  ، وقياسا على الصيد ، والجواب عن الأول : أن  مالكا  ضعفه وهو إمام الحديث ، وعن الثاني : أن الشجرة إنما منع ليرتفق به الصيد في الحرم في الحر والمطر فهو كالكهوف والمغاير لا شيء فيه لا كالصيد ، ولأن ما لا يضمنه في الحل المحرم لا يضمنه حلال في الحرم ، والإحرام كالزرع ، قال : ولا بأس بما أنبته الناس في الحرم من النخل والشجر والبقول ، وقاله ( ح ) خلافا ل ( ش )   وابن حنبل  في الشجر ، لنا : أن الحديث إنما خرج مخرج الغالب ، والعضد غالبا إنما يكون في الشجر المباح ، وقياسا على الزرع ، قال : ويجوز الرعي في الحرم في الحشيش والشجر ، وأكره الاحتشاش للحرام والحلال خشية قتل الدواب ، وكذلك الحرام في الحل فإن سلموا فلا شيء عليهم ، ولا بأس بقلع الإذخر والسنا من الحرم  ، أما الإذخر : فللحديث المتقدم ، وأما السنا : فلأنه يحتاج إليه في الأدوية ، ويحمل لسائر الأقطار ، ووافقنا   [ ص: 338 ]   ( ش ) في الرعي ، ومنعه ( ح )   وابن حنبل     ; لأنه تسبب في إتلاف ما لا يجوز إتلافه فيمنع كالسبب لقتل الصيد ، لنا : أن الحاجة إلى ذلك فوق الحاجة إلى الإذخر فيجوز ، ومنع ( ش ) الاحتشاش فإن احتش ضمن ما نقصه القلع ، فإن استخلف ونبت سقط الضمان ، لنا : القياس على الرعي ، قال  سند     : إذا قطع شجرة ردها لمنبتها ، فإن نبتت ذهبت الجناية وإلا انتفع بها الصيد في الحرم ، وفي ( الجواهر ) : إذا نبت في الحرم ما شأنه أن يستنبت أو استنبت ما عادته أن ينبت بنفسه ، فالاعتبار بالجنس ، لا بحاله الحاضرة . الحرم الثاني : حرم المدينة  ، قال  مالك  ، و ( ش )   وابن حنبل     : يحرم صيده وقطع شجره ، وخالف ( ح ) لحديث  أنس     ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل علينا وابن أخ صغير يكنى  أبا عمر  ، وكان له نغير يلعب به فمات ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فرآه حزينا فقال : ما شأنه ؟ قال مات نغره ، فقال يا  أبا عمير  ما فعل النغير ؟   ) وهذا يدل على جواز صيد المدينة   ، وجوابه أنه لم يتعين أنه من نغر الحرم ، وقد تكون من الحل ، لنا : ما في  مسلم  قال عليه السلام : ( إن إبراهيم  حرم مكة  ، وأنا حرمت المدينة    ) كما حرم إبراهيم  عليه السلام مكة  ، وإني دعوت في صاعها ومدها مثل ما دعا به ، وفيه أنه عليه السلام حرم ما بين عير  إلى ثور    . الحديث . إلى قوله : لا يختلى خلاها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ، وفي ( الكتاب ) : ليس في صيده جزاء ، والكلام في شجره كالكلام في شجر حرم مكة  ، ويكره له قطع شجر غير الحرم إذا دخل في الحرم ; لأنه ينفر بذلك الصيد منه ، ورخص  مالك  في قطع العصا والعصاتين من غير   [ ص: 339 ] شجر الحرم ، وكره خبط شجر الحرم للنهي الوارد فيه ، فأما الجزاء فنفاه  مالك  و ( ش ) وأثبته   ابن حنبل  وابن نافع  قياسا على حرم مكة  ، لنا : إجماع أهل المدينة  فلو كان لعلم بالضرورة عندهم لتكرره ، ولأنه موضع يدخل بغير إحرام فلا يضمن صيده كوج  ، وهو واد بالطائف  ، و ( ش ) يمنع من صيده ، وأوجب ( ح ) في القديم ضمانه وسلب الصائد فيه ؛ لما في  أبي داود     ( أن   سعد ابن أبي وقاص  أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة  فسلبه ثيابه ، وقال : إن النبي - عليه السلام - حرم هذا الحرم ، وقال : من وجد أحدا يصيد فيه فليسلبه   ) . وجوابه : أن العقوبة كانت في أول الإسلام بالمال ولو استمر ذلك بالمدينة  لتواتر ، واختلف قول  مالك  في تحريم أكل هذا الصيد وهو الأظهر سدا للذريعة ، وقال : مرة يكره . 
				
						
						
