تفريع
في الكتاب : إذا نحرت الغنم ، أو ذبحت الإبل من غير ضرورة لم تؤكل ، وقال الأئمة : يسد كل واحد من النحر والذبح مسد الآخر لحصول المقصود للفصل بين الحلال والحرام الذي هو الدم .
والواقع من الغنم في بئر لا يوصل لذكاته إلا بين اللبة والمذبح ، فيذبح أو ينحر ، ولا يجوز في موضع غير ذلك ; لأنه غير مشروع إلا في الصيد على خلاف الأصل ، وليس هذا صيدا . قال اللخمي : إذا عاد الوحشي إلى التوحش بعد التآنس ، فذكاته بالاصطياد ، واختلف في الإنسي يتوحش أو يسقط في بئر ، فلا يؤكل بما يؤكل به الصيد عند مالك وابن القاسم ، وقال ابن حبيب : يؤكل البقر المتوحش بالعقر ; لأن من جنسها متوحشا ، وكذلك الأنعام تقع في البئر ويعجز عن ذكاتها ، وقاله ( ش ) إذا تدفق الدم لما يروى أن رجلا يقال له أبو العشراء تردى له بعير في بئر ، فهلك ، فقال - عليه السلام - له : ( وأبيك لو طعنت في خاصرتها لحلت لك ) وجوز أشهب النحر مكان الذبح ، وبالعكس ، وقال ابن بكير : يؤكل البعير بالذبح ; لأنه الأصل ، ولا تؤكل الشاة بالنحر ; لأنه بعض أعضاء الذبح .
[ ص: 137 ] فرع
قال اللخمي : الجوزة التي في رأس الحلقوم ، وتسمى الغلصمة إن وقع الذبح فيها أجزأ إذا استكمل دائرها ، فإن قطع نصفها أكلت عند ابن القاسم خلافا لسحنون ، وهما على أصليهما ، فإن صار جميعها إلى البدن دون الرأس لم تؤكل عند مالك وابن القاسم خلافا لأشهب لدلالة الحديث عليها التزاما ، وأشهب يرى انقطاع النفس حاصلا ، وهو كاف في زهوق الروح . فرع
قال اللخمي : من شرط الذكاة : الفور ، فإن رفع يده قبل كمال الذكاة ، ثم أعادها بعد طول لم تؤكل ، أو بفور ذلك أكلت عند ابن حبيب ، وقال سحنون : لا تؤكل ، وقال أيضا : تكره ، وتأول بعضهم قوله بما إذا رفع يده مختبرا ، فأتم على الفور فتؤكل ، وإن رفع جازما لم تؤكل . قال : ولو عكس لكان أبين ; لأنه أعذر من الشك . قال : وأرى أن تؤكل في الحالين ; لأن الفور كالمتحد .
وفي تهذيب الطالب : قال الشيخ أبو الحسن : إن كانت حين الرفع لو تركت لعاشت أكلت ; لأن الثانية ذكاة مستقلة ، وإلا لم تؤكل كالمتردية ، وأخواتها .
[ ص: 138 ] فرع
في الكتاب : إذا تمادى حتى قطع الرأس أكلت وإن لم يتعمد ، وقال ابن القاسم : تؤكل ، وإن تعمد لحصول الذكاة المشروعة ، وزيادة الألم بعد ذلك منهي عنه لا يمنع الإجزاء . قال اللخمي : إن تعمد لم تؤكل ، والأول أحسن إلا أن يقصد ذلك أولا ، ولم ينو موضع الذكاة ، فلا تؤكل ، فإن ذبح من القفا لم تؤكل لنفوذ مقتلها الذي هو النخاع قبل الذكاة ، وقال الأئمة تؤكل إن استمرت الحياة عند أعضاء الذبح لحصول الذكاة في الحي .
وفي الجواهر : قال ابن حبيب : لا يؤكل ما ذبح من صفحة العنق .
فرع
في الكتاب : لا تسلخ الشاة ولا تنخع ولا يقطع شيء منها حتى تموت ، فإن فعل أكلت مع المقطوع ، والنخع قطع مخ عظم العنق ، ومن ذلك كسره .
قال اللخمي : يكره سن المدية بحضرة الشاة ، والذبح بحضرتها ، فقد أمر - عليه السلام - أن تحد الشفار ، وتوارى عن البهائم . ورأى عمر - رضي الله عنه - رجلا يحد شفرة ، وقد أخذ شاة ليذبحها ، فضربه بالدرة ، وقال : أتعذب الروح ألا فعلت ذلك قبل أن تأخذها ؟ وتؤخذ البهيمة [ ص: 139 ] أخذا رفيقا ، وتضجع على شقها الأيسر ليتمكن بيده اليمنى ، ولأنه أهيأ للحيوان ، ولذلك كان - عليه السلام - ينام على الأيمن حتى لا يقوى نومه فينام عن ورده بسبب ميل القلب إليه في موضعه داخل الصدر . ويعلي رأسها ويأخذ بيده اليسرى الجلدة التي على حلقها من اللحي الأسفل ، فيجد لحمها حتى يتبين موضع السكين ، ثم يمر السكين مرا مجهزا .
فإن كان أعسر . قال ابن القاسم : لا بأس بوضعها على الأيمن . قال ابن حبيب : يكره للأعسر الذبح .
قال ابن يونس : كره مالك ذبح الدجاج ، والطير قائما ، فإن فعل أكلت .
وفي الجواهر : تنحر الإبل قائمة معقولة ، ويجوز غير ذلك ، وقاله ابن حنبل لقوله تعالى : ( فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها ) ( الحج : 36 ) أي سقطت ، وهو يدل على نحرها قائمة .


