[ ص: 367 ] الفصل السابع : في التفويض ، وهو الصداق المسكوت عنه  ، وهو جائز عندنا ، وعند الأئمة لقوله تعالى : ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة    ) ( البقرة : 236 ) فشرع الطلاق حالة عدم الفرض ، وهو دليل صحة النكاح . 
قال  اللخمي     : نكاح التفويض  ثلاثة : جائز ، وهو : التفويض إلى الزوج أو عقد على غير صداق . وفاسد ، وهو : دخولها على دفع الخيار بأي شيء فرض ، ومختلف فيه ، وهو : التفويض إلى الزوجة ، أو وليها ، أو أجنبي  ، أو يقول : تزوجتك على حكمي ، أو حكمك ، أو حكم وليك ، أو حكم فلان فيمتنع ابتداء ، فإن نزل مضى ، وقيل : يفسخ إلا أن يدخل ، وقال  عبد الملك     : يجوز على حكمه ; لأنه أصل التفويض دون حكمها ، وإذا قلنا بإمضائه فثلاثة أقوال ، قال  ابن القاسم     : الفرض يرجع إلى الزوج سواء جعل الحكم له أو لغيره ، ووافقه  أشهب  إلا أن يكون الأمر بيدها فلا يلزمها صداق المثل ، وقال  ابن القاسم     : لا بد من الرضا من الجهتين ، وإلا فرق بينهما ، واتفقت الأقوال إذا كان الأمر إلى الأجنبي أن لا يلزم الزوج فرضها ولا فرضه . 
تفريع في الكتاب : نكاح التفويض جائز  ، وإن بنى بها فلها مهر مثلها في المال والجمال ، وفي الجواهر : المعتبر فيه الدين ، والجمال ، والحسب ، والمال ، والأزمنة ، والبلدان فيهما اختلاف الرغبات ، وعند ( ش ) ،   وابن حنبل     : يعتبر نساء عصبتها ، وعند ( ح ) : نساء العشيرة العصبة وغيرها ، وهو غير معتبر عندنا بل نعتبر هذه الصفات ، وإن خرجت بها عمن ذكروه ، وعندهم لا يخرج عنهن ، قال صاحب البيان : يعتبر مع الصفات الأربع   [ ص: 368 ] نساء قومها من جهة أبيها دون أمها غير مقتصر عليهن ، لنا قوله عليه السلام : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك   ) فذكر - عليه السلام - متعلق الرغبات ، وهي مناط صداق المثل كقيم المتلفات ، وفي الكتاب : يعتبر حال الرجل أيضا في ذلك ; لأن العادة التخفيف عن الصالح والتثقيل على الطالح وليس له البناء حتى يفرض صداق المثل إلا أن ترضى بدونه أو يطلق ; لأنها كالبائع في السلعة لا يجب عليه تسليمها حتى يقبض الثمن ، وإن طلق بعد الرضا قبل البناء فنصف ما رضيا به لقوله تعالى : ( فنصف ما فرضتم    ) ( البقرة : 237 ) ، ولأن الفرض بعد العقد يلحق بالعقد فوجب أن ينصف بالطلاق كالمقترن بالعقد ، وقال لا ينصف بالطلاق ; لأنه لم يجب بالعقد ، وإن فرض في مرضه لا يجوز ; لأنه إخراج المال لا يجب إلا أن يطأها في مرضه فيكون من رأس المال صداق المثل ، والزائد عليه يبطل ، قال  ابن يونس     : قال  مالك     : إلا أن تكون ذمية فلها الزائد في ثلثه ; لأنها غير وارثة ، قال  محمد     : والأمة كذلك ، وقال  عبد الملك     : لا شيء لها إذا سمى ولم يدخل ثم مات من مرضه ; لأنه لم يسم إلا للمصاب ولم تصب ، وروي عن  ابن القاسم     : إن سمى للحرة المسلمة فماتت وصح هو  لزمته التسمية ، وكرهه  أصبغ     ; لأنه كان باطلا في أصله ، ولو مات الزوج قبل البناء والفرض فلها الميراث ; لأنها زوجة ، والمتعة لعدم الصداق دون الإصداق ; لأن الأصل أن لا تستحق المرأة شيئا حتى تسلم بضعها ولم تسلم ، ورد النص في المفروض بقي ما عداه على الأصل ، وقاله   ابن عمر  خلافا   لابن مسعود  ، قال  ابن حبيب     : ولا يخلو بها حتى يعطي ربع دينار ، فإن   [ ص: 369 ] مسها ثم طلق لزمه الصداق ، قال  ابن القاسم     : ولو قال : لها صداق مثلها ثم طلق  فلها نصفه ; لأن ذلك فرض ، قال  محمد     : وإن عقد على عشرين نقدا وبقية المهر تفويضا ففرض ولم يرض به ; لأنه أقل من صداق المثل ففارق  فله أخذ العشرين لعدم استقرارها مهرا . 
فرع 
في الكتاب : إذا رضيت الثيب بأقل من صداق مثلها  فلا قول لوليها ، ولا يعتبر رضا البكر ولو وافقها الولي إلا الأب ; للحجر عليها ، إلا أن يكون ذلك نظرا فيعتبر رضاها ، ومهما فرض صداق المثل لزم قبوله قبل البناء وبعده ، وقال غيره : ليس لأب ولا وصي التنقيص من صداق المثل بعد البناء لتعينه لها ، قال  ابن القاسم     : ولا يجوز ، وضعها عن الزوج بعد الطلاق وقبل البناء ، وإنما يجوز ذلك للأب وحده ، وقيل : يجوز وضعها ; إذ لا ولاية عليها حينئذ . 
فرع 
في الجواهر : إذا رضيت السفيهة بدون صداق المثل ، وهي غير مولى عليها  ففي جوازه قولان ، أو مولى عليها - وهو نظر - صح رضا الولي به قبل الدخول ، وإن كان بعده ففي صحة رضا الولي به أقوال : ثالثها : التفرقة ، فتصح في حق ذات الأب لشفقته دون غيره ، وللمرأة طلب الفرض لتقدير التشطير ، وفي الواضحة : إن طلبت النقد قبل البناء وأبى الزوج إلا عند البناء فذلك له ، إلا أن تريد تعجيل البناء ، ويجوز إثبات الأجل في المفروض ، ولو أبرأت قبل الفرض يخرج على الفرض عما لم يجب ، وجرى بسبب وجوبه ، ولو فرض لها خمر  ألغي ولم يؤثر في التشطير .   [ ص: 370 ] فرع 
في الكتاب : إذا تزوجها على حكمه أو حكمها أو حكم فلان  جاز ; لأنه تفويض ، وقال ( ح ) : لا يجوز ; لأنه جهالة ، وقد كان  ابن القاسم  يكرهه ثم رجع ، قال  ابن يونس     : قال  ابن القاسم     : لا يلزمها صداق المثل إذا لم يبن بها إذا تزوجها على حكمها ، وروي في الكتاب : يلزمها ، قال  أبو محمد     : ولو فرضت صداق المثل لا يلزم الزوج ، إلا أن يرضى ، بخلاف الزوجة يفرض لها الزوج صداق المثل كواهب السلعة إذا أعطي قيمتها ، ولا يلزم الموهوب القيمة ، وأما تحكيم فلان يفرض صداق المثل لازم لهما ; لأنه كالحاكم ، وقال  اللخمي     : إذا فرض الزوج أقل فرض والوصي والزوجة ، جاز ، أو أحدهما لا يلزم لقصور الوصي عن الأب ، قال : وأرى اعتبار رضا الوصي ; لأنه ناظر في المال ، ومتى كان الفرض في المرض كان لها بعد البناء الأقل من المسمى ، وصداق المثل في رأس المال . فرع 
في الجواهر : الوطء في النكاح الفاسد يوجب مهر المثل باعتبار يوم الوطء    ; لأنه يوم الاستيفاء لا يوم العقد ، وكذلك الوطء بالشبهة  ، وإذا اتحدت الشبهة اتحد المهر ، وإن وطئ مرارا ، وإذا لم تكن شبهة كوطأة الزاني المكره  وجب بكل وطء مهر ; لأن كل وطأة لو كانت بعد عقد أوجبت مهر المثل أو المسمى ، ولما نزلت الشبهة منزلة العقد ، ( ولا   [ ص: 371 ] العقد ) لا يتكرر فيه الصداق فلا يتكرر فيها . 
تنبيه : لو اتحدت الشبهة ، واختلفت أحوال الموطوءة بالغنى والفقر ، والصحة والسقم مما يوجب اختلاف صداق المثل  في تلك الأحوال فهل يخيرها في صداق المثل بين الوطأة الأولى أو الأخيرة أو الوسطى ؟ لأن ذلك قد يزيد لها في صداقها أو يحتم عليها الحالة المقارنة للوطأة الأولى ، ولم أر فيه نقلا للأصحاب ، وظاهر أقوالهم : تعيين الحالة الأولى كيف كانت ، وقال الشافعية : تأخذ صداق المثل باعتبار أفضل الحالات ، ويسقط ما عداها ; لأن الوطآت كلها منافعها فلها الأخذ بأيها أحبت .   
 
				
 
						 
						

 
					 
					