مسألة : [  كيفية تيمم أصحاب الجبائر      ]  
قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولا يعدو بالجبائر موضع الكسر ، ولا يضعها إلا على وضوء كالخفين " .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح ،  والجبائر ما كانت على كسر   ، واللصوق ما كانت على قرح ، فإذا انكسر عضو من بدنه فاحتاج إلى ستره بالجبائر ، فإن كان يقدر عند الطهارة على حلها ، وإيصال الماء إليها شدها كيف شاء على طهر أو غير طهر ، فجاوز قدر الحاجة وغير مجاوز ، وإن كان لا يقدر عند الطهارة على حلها خوف التلف وزيادة المرض على أحد القولين فيحتاج عند شد الجبائر إلى شرطين ليصح له المسح عليها .  
أحدهما :  أن لا يضعها إلا على طهر   ، فإن كان محدثا لم يجزه المسح عليها كالخفين لا يجوز أن يمسح عليهما إلا أن يلبسهما على طهر .  
 [ ص: 278 ] والشرط الثاني :  أن لا يتجاوز شد الجبائر موضع الحاجة   ، وهو موضع الكسر وما لا بد منه من الصحيح لأن شد الكسر وحده لا يغني إلا أن يشد معه بعض ما اتصل به من الصحيح ، وقول  الشافعي      : ولا يعدو بالشد موضع الكسر ، إنما أراد وما قاربه على ما وصفنا ، فإن تجاوز بالشد على قدر الحاجة لم يجزه المسح عليها .  
فصل : فإذا أتى بهذين الشرطين ثم أحدث ، أو أجنب ، غسل ما لا جبيرة عليه من بدنه ثم مسح على الجبائر بالماء بدلا من غسلها تحتها ، كما يمسح على الخفين ، بدلا من غسل الرجلين ، وفي  قدر المسح   وجهان لأصحابنا .  
أحدهما : يمسح جميع الجبائر ليكون خلفا من عمل العضو الكسير ونائبا عنه .  
والوجه الثاني : يمسح بعضها وإن قل فيما ينطلق اسم المسح عليه كالرأس والخفين ثم لا يخلو حال الجبائر من أن يكون على أعضاء التيمم أم لا ، فإن كان على أعضاء التيمم لم يحتج مع مسح الجبائر بالماء إلى التيمم ، وإن كان على غير أعضاء التيمم فهل يلزم مع مسح الجبائر بالماء التيمم أم لا ؟ على قولين :  
أحدهما : لا يتيمم ويقتصر على الماء وحده غسلا لما ظهر ومسحا على ما استتر : لأن مسح الجبائر معتبر بالمسح على الخفين ، وليس مع المسح على الخفين تيمم فكذا المسح على الجبائر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا بالمسح على الجبائر لم يأمره بالتيمم .  
والقول الثاني : عليه أن يتيمم بدلا من تطهير ما تحت الجبائر لرواية  جابر   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صاحب الجروح :    " إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليه ، ويغسل سائر جسده  ، وإن قلنا : إنه يحتاج إلى التيمم صلى بغسله وتيممه ما شاء من الفرائض والنوافل ما لم يحدث كالمسح على الخفين .  
وإن قلنا : إنه يحتاج إلى التيمم أعاد التيمم عند كل صلاة فريضة ، ولم يعد الغسل والمسح فإذا أحدث استأنف ثانية على ما وصفنا كذلك ما كان مضطرا إلى الجبائر ، وإن زاد على اليوم والليلة بخلاف المسح على الخفين المقدر بيوم وليلة : لأن الضرورة التي أباحت المسح على الجبائر قد تستديم أكثر من يوم وليلة والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					