والكلام في السواك يشتمل على فصلين :  
أحدهما : في صفة السواك .  
والثاني : ما يستحب به السواك .  
فأما  صفة السواك   ، فيستحب أن يستاك عرضا في ظاهر الأسنان وباطنها ، ويمر السواك على أطراف أسنانه ، وكراسي أضراسه ، ليجلوا جميعا من الصفرة والتغير ، وممره على سقف حلقه إمرارا خفيفا ليزول الخلوف عنه ، فقد كان النبي عليه السلام يشوص فاه      [ ص: 86 ] بالسواك ، ويكره أن يستاك طولا من أطراف أسنانه إلى عموده ، لما فيه من إدماء اللثة ، وفساد العمود ، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :    " استاكوا عرضا وادهنوا غبا واكتحلوا وترا     " وإنما اختاره أن يدهن غبا ، ولا يدهن في كل يوم ، لما فيه من درن الثوب ، وتنميس الشعر ، وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة الأدفاه ، قال  أبو عبيد      : هو كثرة التدهين ، وإنما يراد الدهن لتحسين البشرة ، وإذهاب النوس .  
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :    " ادهنوا يذهب النوس عنكم ، والبسوا تظهر نعمة الله عليكم ، وأحسنوا إلى مماليككم ، فإنه أكبت لعدوكم ، وأدفع لنقمة الله عنكم     " ، فأما  ما يستحب أن يستاك به   ، فهو الأراك ، لرواية  أبي خيرة   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستاك بالأراك ، فإن تعذر الأراك ، استاك بعراجين النخل ، فإن تعذر عليه ،  استاك بما وجده   ، ويختار أن يكون  العود الذي يستاك به   نديا ، ولا يكون يابسا فيجرح ، ولا رطبا فلا تبقى ، فلو لف على أصبعه خرقة خشنة وأمرها على أسنانه حتى زال الصفرة والخلوف ، فقد أتى بسنة السواك ، نص عليه  الشافعي      : لأنه يقوم مقام العود في الإنقاء ، فأما  خلال أسنانه بالحديد ، أو بردها بالمبرد   ، فمكروه لأمرين :  
أحدهما : أنه يذيب الأسنان ويفضي إلى انكسارها .  
والثاني : أنها تخشن فتراكب الصفرة والخلوف فيها ، ولذلك  لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشرة والمستوشرة   ، وهي : التي تبرد أسنانها بالمبرد ، فأما  الصائم   ، فلا يأمن أن يستاك غدوة ، ويكره له أن يستاك عشيا على ما نذكره في كتاب الصيام ، لقوله عليه السلام : لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك  ، فإن استاك عشيا لم يفسد صومه وإن أساء - والله أعلم - .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					