فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من  حكم النفاس   ، وقدره ، فلا يخلو حال المرأة في ولادتها من أحد أمرين : إما أن تضع ما فيه خلق مصور أم لا ، فإن لم يكن فيما وضعته خلق مصور لا جلي ولا خفي ، كالعلقة والمضغة التي لا تصير بها أم ولد ، ولا تجب فيها عدة لم يكن الدم الخارج معه نفاسا ، وكان دم استحاضة أو حيض على حسب حاله : لأنه لما لم يحكم لما      [ ص: 438 ] وضعته حكم الولد فيما سوى النفاس ، فكذلك في النفاس وإن كان فيه خلق مصور تقضي به العدة وتصير به أم ولد ، فلا يخلو من أن ترى معه دما أم لا ، فإن لم تر معه دما ، وقد يوجد هذا كثيرا في نساء الأكراد فقد اختلف أصحابنا في وجوب الغسل عليها على وجهين :  
أحدهما : وهو محكي عن  أبي علي بن أبي هريرة   أنه لا غسل عليها ، وبه قال  أبو حنيفة   ، لأن وجوب الغسل متعلق بانقطاع الدم ، فإذا عدم الدم لم يجب الغسل .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي العباس بن سريج   ، أن الغسل عليها واجب به ، وبه قال  مالك      : لأن الولد مخلوق من مائها وماء الزوج ، فإذا ولدت فكأنما قد أنزلت ، فعلى هذا هل تغتسل في حال وضعها أو بعد مضي ساعة منه ؟ على وجهين من اختلافهم في أقل النفاس هل هو محدود بساعة أم لا ؟ على هذا لو كانت ولادتها في نهار رمضان فبطلان صومها على الوجهين ، إن قيل لا غسل عليها ، فهي على صومها وإن قيل بوجوب الغسل عليها بطل صومها .  
				
						
						
