القسم الرابع من الفصل الأول  
في الشروط  
وفي هذا القسم مسائل ثمانية : إحداها : هل من شروط من أذن أن يكون هو الذي يقيم أم لا ؟ والثانية : هل من شرط الأذان أن لا يتكلم في أثنائه أم لا ؟ والثالثة : هل من شرطه أن يكون على طهارة أم لا ؟ والرابعة : هل من شرطه أن يكون متوجها إلى القبلة أم لا ؟ والخامسة : هل من شرطه أن يكون قائما أم لا ؟ والسادسة : هل يكره أذان الراكب أم ليس يكره ؟ والسابعة : هل من شرطه البلوغ أم لا ؟ والثامنة : هل من شرطه أن لا يأخذ على الأذان أجرا أم يجوز له أن يأخذه ؟ . فأما اختلافهم في  الرجلين يؤذن أحدهما ويقيم الآخر   ، فأكثر فقهاء الأمصار على إجازة ذلك ، وذهب بعضهم إلى أن ذلك لا يجوز .  
 [ ص: 94 ] والسبب في ذلك أنه ورد في هذا حديثان متعارضان : أحدهما حديث  الصدائي  قال : "  أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كان أوان الصبح أمرني فأذنت ، ثم قام إلى الصلاة ، فجاء  بلال  ليقيم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أخا  صداء  أذن ، ومن أذن فهو يقيم     " .  
والحديث الثاني : ما روي أن   عبد الله بن زيد  حين أري الأذان أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  بلالا  فأذن ، ثم أمر  عبد الله  فأقام .  
فمن ذهب مذهب النسخ قال : حديث   عبد الله بن زيد  متقدم وحديث  الصدائي  متأخر .  
ومن ذهب مذهب الترجيح قال : حديث   عبد الله بن زيد  أثبت لأن حديث  الصدائي  انفرد به   عبد الرحمن بن زياد  الإفريقي ، وليس بحجة عندهم .  
وأما اختلافهم في  الأجرة على الأذان   فلمكان اختلافهم في تصحيح الخبر الوارد في ذلك : ( أعني حديث   عثمان بن أبي العاص  أنه قال : "  إن من آخر ما عهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا     " ) ومن منعه قاس الأذان في ذلك على الصلاة .  
وأما سائر الشروط الأخر فسبب الخلاف فيها : هو قياسها على الصلاة ، فمن قاسها على الصلاة أوجب تلك الشروط الموجودة في الصلاة ، ومن لم يقسها لم يوجب ذلك .  
قال   أبو عمر بن عبد البر     : قد روينا عن  أبي وائل بن حجر  قال : حق وسنة مسنونة أن  لا يؤذن إلا وهو قائم   ، ولا يؤذن إلا على طهر ، قال :  وأبو وائل  هو من الصحابة ، وقوله سنة يدخل في المسند وهو أولى من القياس .  
قال القاضي : وقد خرج  الترمذي  عن   أبي هريرة  أنه عليه الصلاة والسلام قال "  لا يؤذن إلا متوضئ      " .  
				
						
						
