[ ص: 95 ] الفصل الثاني من الباب الثاني من الجملة الثانية
في الإقامة .
اختلفوا في الإقامة في موضعين : في حكمها ، وفي صفتها .
أما حكمها فإنها عند فقهاء الأمصار في حق الأعيان والجماعات سنة مؤكدة أكثر من الأذان ، وهي عند أهل الظاهر فرض ولا أدري هل هي فرض عندهم على الإطلاق أو فرض من فروض الصلاة ؟ والفرق بينهما أن على القول الأول لا تبطل الصلاة بتركها .
وعلى الثاني : تبطل ، وقال ابن كنانة من أصحاب مالك : من تركها عامدا بطلت صلاته .
وسبب هذا الاختلاف : اختلافهم هل هي من الأفعال التي وردت بيانا لمجمل الأمر بالصلاة فيحمل على الوجوب لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " صلوا كما رأيتموني أصلي " أم هي من الأفعال التي تحمل على الندب ؟ وظاهر حديث مالك بن الحويرث يوجب كونها فرضا إما في الجماعة وإما على المنفرد .
وأما صفة الإقامة : فإنها عند مالك والشافعي أما التكبير الذي في أولها فمثنى ، وأما ما بعد ذلك فمرة واحدة إلا قوله : قد قامت الصلاة ، فإنها عند مالك مرة واحدة ، وعند الشافعي مرتين .
وأما الحنفية فإن الإقامة عندهم مثنى مثنى ، وخير أحمد بن حنبل بين الإفراد والتثنية على رأيه في التخيير في النداء .
وسبب الاختلاف : تعارض حديث أنس في هذا المعنى وحديث أبي ليلى المتقدم ، وذلك أن في حديث أنس الثابت أمر بلال أن يشفع الأذان ويفرد الإقامة إلا : قد قامت الصلاة .
وفي حديث أبي ليلى أنه - عليه الصلاة والسلام - : أمر بلالا فأذن مثنى وأقام مثنى .
والجمهور على أنه ليس على النساء أذان ولا إقامة .
وقال مالك : إن أقمن فحسن ، وقال الشافعي : إن أذن وأقمن فحسن ، وقال إسحاق : إن عليهن الأذان والإقامة .
وروي عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم فيما ذكره ابن المنذر ، والخلاف آيل إلى هل تؤم المرأة أو لا تؤم ؟ وقيل : الأصل أنها في معنى الرجل في كل عبادة ، إلا أن يقوم الدليل على تخصيصها ، أم في بعضها هي كذلك وفي بعضها يطلب الدليل ؟ .


