[ المسألة الثالثة ]  
[  الصلاة داخل الكعبة      ]  
وقد اختلفوا في ذلك ، فمنهم من منعه على الإطلاق ، ومنهم من أجازه على الإطلاق ، ومنهم من فرق بين النفل في ذلك والفرض .  
وسبب اختلافهم : تعارض الآثار في ذلك ، والاحتمال المتطرق لمن استقبل أحد حيطانها من داخل هل يسمى مستقبلا للبيت كما يسمى من استقبله من خارج أم لا ؟ أما الأثر ، فإنه ورد في ذلك حديثان متعارضان كلاهما ثابت : أحدهما حديث   ابن عباس  قال : "  لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتى خرج ، فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال : هذه القبلة     " والثاني حديث  عبد الله بن عمر     : "  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة هو   وأسامة بن زيد   وعثمان بن طلحة   وبلال بن رباح  ، فأغلقها عليه ومكث فيها ، فسألت :  بلالا  حين خرج ماذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه ، وثلاثة أعمدة وراءه ، ثم صلى     " فمن ذهب مذهب الترجيح أو النسخ قال : إما بمنع الصلاة مطلقا إن رجح حديث   ابن عباس  ، وإما بإجازتها مطلقا إن رجح حديث   ابن عمر  ، ومن ذهب مذهب الجمع بينهما حمل حديث   ابن عباس  على الفرض وحديث   ابن عمر  على النفل ، والجمع بينهما فيه عسر ، فإن الركعتين اللتين صلاهما - عليه الصلاة والسلام - خارج الكعبة ، وقال "  هذه القبلة "  هي نفل ، ومن ذهب مذهب سقوط الأثر عند التعارض ، فإن كان ممن يقول باستصحاب حكم الإجماع والاتفاق لم يجز الصلاة داخل البيت أصلا ، وإن كان ممن لا يرى استصحاب حكم الإجماع عاد النظر في انطلاق اسم المستقبل للبيت على من صلى داخل الكعبة ، فمن جوزه أجاز الصلاة ، ومن لم يجوزه ، وهو الأظهر ، لم يجز الصلاة في البيت ،  
				
						
						
