المسألة الثامنة  
[ التسليم ]  
اختلفوا في  التسليم من الصلاة   ، فقال الجمهور بوجوبه ، وقال  أبو حنيفة ،  وأصحابه : ليس بواجب ، والذين أوجبوه ، منهم من قال : الواجب على المنفرد والإمام تسليمة واحدة ، ومنهم من قال اثنتان ، فذهب الجمهور مذهب ظاهر حديث علي ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - فيه "  وتحليلها التسليم     " ومن ذهب إلى أن الواجب من ذلك تسليمتان ، فلما ثبت من "  أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يسلم تسليمتين     " وذلك عند من حمل فعله على الوجوب . واختار  مالك  للمأموم تسليمتين وللإمام واحدة ، وقد قيل عنه إن المأموم يسلم ثلاثا : الواحدة للتحليل ، والثانية للإمام ، والثالثة لمن هو عن يساره .  
وأما  أبو حنيفة  ، فذهب إلى ما رواه   عبد الرحمن بن زياد الإفريقي  أن  عبد الرحمن بن رافع  ،   وبكر بن سوادة  حدثاه عن   عبد الله بن عمرو بن العاص  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "  إذا جلس الرجل في آخر صلاته ، فأحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته     " قال   أبو عمر بن عبد البر     : وحديث  علي  المتقدم أثبت عند أهل النقل ; لأن حديث  عبد الله بن   [ ص: 112 ] عمرو بن العاص  انفرد به  الإفريقي  ، وهو عند أهل النقل ضعيف .  
قال القاضي : إن كان أثبت من طريق النقل فإنه محتمل من طريق اللفظ ، وذلك أنه ليس يدل على أن الخروج من الصلاة لا يكون بغير التسليم إلا بضرب من دليل الخطاب وهو مفهوم ضعيف عند الأكثر ، ولكن للجمهور أن يقولوا إن الألف ، واللام التي للحصر أقوى من دليل الخطاب في كون حكم المسكوت عنه بضد حكم المنطوق به .  
				
						
						
