المسألة الثالثة  
[ إمامة الفاسق ]  
اختلفوا في  إمامة الفاسق   ، فردها قوم بإطلاق ، وأجازها قوم بإطلاق ، وفرق قوم بين أن يكون فسقه مقطوعا به أو غير مقطوع به ، فقالوا : إن كان فسقه مقطوعا به أعاد الصلاة المصلي وراءه أبدا ، وإن كان      [ ص: 123 ] مظنونا استحبت له الإعادة في الوقت ، وهذا الذي اختاره  الأبهري  تأولا على المذهب ، ومنهم من فرق بين أن يكون فسقه بتأويل أو يكون بغير تأويل مثل الذي يشرب النبيذ ، ويتأول أقوال أهل  العراق   ، فأجازوا الصلاة وراء المتأول ، ولم يجيزوها وراء غير المتأول .  
وسبب اختلافهم في هذا أنه شيء مسكوت عنه في الشرع ، والقياس فيه متعارض .  
فمن رأى أن الفسق لما كان لا يبطل صحة الصلاة ، ولم يكن يحتاج المأموم من إمامه إلا صحة صلاته فقط على قول من يرى أن الإمام يحمل عن المأموم أجاز إمامة الفاسق ، ومن قاس الإمامة على الشهادة واتهم الفاسق أن يكون يصلي صلاة فاسدة كما يتهم في الشهادة أن يكذب لم يجز إمامته ، ولذلك فرق قوم بين أن يكون فسقه بتأويل أو بغير تأويل ، وإلى قريب من هذا يرجع من فرق بين أن يكون فسقه مقطوعا به أو غير مقطوع به ; لأنه إذا كان مقطوعا به ، فكأنه غير معذور في تأويله ، وقد رام أهل الظاهر أن يجيزوا إمامة الفاسق بعموم قوله - عليه الصلاة والسلام - : "  يؤم القوم أقرؤهم     " قالوا : فلم يستثن من ذلك فاسقا من غير فاسق ، والاحتجاج بالعموم في غير المقصود ضعيف ، ومنهم من فرق بين أن يكون فسقه في شروط صحة الصلاة ، أو في أمور خارجة عن الصلاة بناء على أن الإمام إنما يشترط فيه وقوع صلاته صحيحة .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					