المسألة الخامسة
[ ] مدة المسح على الخفين
وأما التوقيت فإن الفقهاء أيضا اختلفوا فيه ، فرأى مالك أن ذلك غير مؤقت ، وأن لابس الخفين يمسح عليهما ما لم ينزعهما أو تصيبه جنابة ; وذهب أبو حنيفة إلى أن ذلك مؤقت . والشافعي
والسبب في اختلافهم : اختلاف الآثار في ذلك ، وذلك أنه ورد في ذلك ثلاثة أحاديث : أحدها حديث علي عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " " خرجه جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم مسلم .
والثاني حديث أبي بن عمارة " أنه قال : " خرجه يا رسول الله أأمسح على الخف ؟ قال : نعم ، قال : يوما ؟ قال : نعم ، ويومين ؟ قال : نعم ، قال : وثلاثة ؟ قال نعم حتى بلغ سبعا ، ثم قال : امسح ما بدا لك أبو داود . والطحاوي
والثالث حديث صفوان بن عسال قال : " " كنا في سفر فأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، ولكن من بول أو نوم أو غائط
[ ص: 23 ] قلت : أما حديث علي فصحيح خرجه مسلم .
وأما حديث أبي بن عمارة فقال فيه : إنه حديث لا يثبت وليس له إسناد قائم ، ولذلك ليس ينبغي أن يعارض به حديث أبو عمر بن عبد البر علي .
وأما حديث صفوان بن عسال فهو وإن كان لم يخرجه ولا البخاري مسلم فإنه قد صححه قوم من أهل العلم بحديث الترمذي ، ، وهو بظاهره معارض بدليل الخطاب لحديث وأبو محمد بن حزم أبي كحديث علي ، وقد يحتمل أن يجمع بينهما بأن يقال : إن حديث صفوان وحديث علي خرجا مخرج السؤال عن التوقيت ، وحديث أبي بن عمارة نص في ترك التوقيت ، لكن حديث أبي لم يثبت بعد ، فعلى هذا يجب العمل بحديثي علي وصفوان ، وهو الأظهر إلا أن دليل الخطاب فيهما يعارضه القياس ، وهو كون التوقيت غير مؤثر في نقض الطهارة ; لأن النواقض هي الأحداث .