بسم الله الرحمن الرحيم  
وصلى الله على سيدنا  محمد   وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .  
كتاب الجهاد  
والقول المحيط بأصول هذا الباب ينحصر في جملتين :  
الجملة الأولى : في معرفة أركان الحرب .  
الثانية : في أحكام أموال المحاربين إذا تملكها المسلمون .  
الجملة الأولى  
[ في معرفة أركان الحرب ]  
وفي هذه الجملة فصول سبعة :  
أحدها : معرفة حكم هذه الوظيفة ، ولمن تلزم .  
والثاني : معرفة الذين يحاربون .  
والثالث : معرفة ما يجوز من النكاية في صنف صنف من أصناف أهل الحرب مما لا يجوز .  
والرابع : معرفة جواز شروط الحرب .  
والخامس : معرفة العدد الذين لا يجوز الفرار عنهم .  
والسادس : هل تجوز المهادنة ؟  
والسابع : لماذا يحاربون ؟  
الفصل الأول  
في معرفة  حكم هذه الوظيفة   
فأما حكم هذه الوظيفة : فأجمع العلماء على أنها فرض على الكفاية لا فرض عين ، إلا  عبد الله بن الحسن  ، فإنه قال : إنها تطوع .  
وإنما صار الجمهور لكونه فرضا لقوله - تعالى - : (  كتب عليكم القتال وهو كره لكم      ) الآية .  
وأما كونه فرضا على الكفاية - أعني : إذا قام به البعض سقط عن البعض - فلقوله - تعالى - : (  وما كان المؤمنون لينفروا كافة      ) الآية ، وقوله : (  وكلا وعد الله الحسنى      ) ولم يخرج قط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للغزو إلا وترك بعض الناس ، فإذا اجتمعت هذه اقتضى ذلك كون هذه الوظيفة فرضا على الكفاية .  
وأما على من يجب فهم الرجال الأحرار البالغون الذين يجدون بما يغزون الأصحاء ، إلا المرضى وإلا الزمنى ، وذلك لا خلاف فيه لقوله - تعالى - : (  ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج      ) وقوله : (  ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج      ) الآية .  
 [ ص: 313 ] وأما كون هذه الفريضة تختص بالأحرار فلا أعلم فيها خلافا .  
وعامة الفقهاء متفقون على أن من شرط هذه الفريضة  إذن الأبوين   فيها ، إلا أن تكون عليه فرض عين مثل أن لا يكون هنالك من يقوم بالفرض إلا بقيام الجميع به .  
والأصل في هذا ما ثبت : "  أن رجلا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني أريد الجهاد ، قال : أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد     " . واختلفوا في  إذن الأبوين المشركين      .  
وكذلك اختلفوا في إذن الغريم إذا كان عليه دين لقوله - عليه الصلاة والسلام - وقد سأله الرجل : "  أيكفر الله عني خطاياي إن مت صابرا محتسبا في سبيل الله ؟ قال : نعم ، إلا الدين ، كذلك قال لي  جبريل   آنفا     " . والجمهور على جواز ذلك ، وبخاصة إذا تخلف وفاء من دينه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					