بسم الله الرحمن الرحيم  
وصلى الله على سيدنا  محمد   وآله وصحبه وسلم تسليما  
كتاب اللقطة  
والنظر في اللقطة في جملتين : الجملة الأولى : في أركانها .  
والثانية : في أحكامها .  
الجملة الأولى  
[ في أركان اللقطة ]  
والأركان ثلاثة : الالتقاط ، والملتقط ، واللقطة .  
فأما  الالتقاط فاختلف العلماء هل هو أفضل أم الترك ؟   
فقال  أبو حنيفة     : الأفضل الالتقاط ; لأنه من الواجب على المسلم أن يحفظ مال أخيه المسلم ، وبه قال   الشافعي     .  
وقال  مالك  وجماعة بكراهية الالتقاط ، وروي عن   ابن عمر   وابن عباس  ، وبه قال  أحمد  ، وذلك لأمرين : أحدهما ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال "  ضالة المؤمن حرق النار     " . ولما يخاف أيضا من التقصير في القيام بما يجب لها من التعريف وترك التعدي عليها ، وتأول الذين رأوا الالتقاط أول الحديث ، وقالوا : أراد بذلك الانتفاع بها لا أخذها للتعريف ، وقال قوم : بل لقطها واجب .  
وقد قيل : إن هذا الاختلاف  إذا كانت اللقطة بين قوم مأمونين والإمام عادل      . قالوا : وإن  كانت اللقطة بين قوم غير مأمونين   والإمام عادل فواجب التقاطها ، وإن كانت بين قوم مأمونين والإمام جائر ، فالأفضل أن لا يلتقطها ، وإن كانت بين قوم غير مأمونين والإمام غير عادل فهو مخير بحسب ما يغلب على ظنه من سلامتها أكثر من أحد الطرفين .  
وهذا كله ما عدا  لقطة الحاج   ، فإن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز التقاطها لنهيه - عليه الصلاة والسلام - عن ذلك ،  ولقطة  مكة    أيضا لا يجوز التقاطها إلا لمنشد ؛ لورود النص في ذلك ، والمروي في ذلك لفظان : أحدهما أنه لا ترفع لقطتها إلا لمنشد . الثاني لا يرفع لقطتها إلا منشد ، فالمعنى الواحد أنها لا ترفع إلا لمن ينشدها ، والمعنى الثاني لا يلتقطها إلا من ينشدها ليعرف الناس . وقال  مالك     : تعرف هاتان اللقطتان أبدا  
فأما  الملتقط فهو كل حر مسلم بالغ   لأنها ولاية ، واختلف عن   الشافعي  في جواز  التقاط الكافر      .      [ ص: 644 ] قال  أبو حامد     : والأصح جواز ذلك في دار الإسلام ، قال : وفي  أهلية العبد والفاسق   له قولان : فوجه المنع عدم أهلية الولاية ، ووجه الجواز عموم أحاديث اللقطة .  
وأما  اللقطة   بالجملة : فإنها كل مال لمسلم معرض للضياع كان ذلك في عامر الأرض أو غامرها ، والجماد والحيوان في ذلك سواء إلا الإبل باتفاق .  
والأصل في اللقطة حديث  يزيد بن خالد الجهني  ، وهو متفق على صحته أنه قال : "  جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن اللقطة ، فقال :  اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة   ، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها ، قال : فضالة الغنم يا رسول الله ؟ قال : هي لك أو لأخيك أو للذئب ، قال : فضالة الإبل ؟ قال : ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها     " وهذا الحديث يتضمن  معرفة ما يلتقط مما لا يلتقط   ، ومعرفة حكم ما يلتقط كيف يكون في العام وبعده وبماذا يستحقها مدعيها . فأما الإبل فاتفقوا على أنها لا تلتقط ، واتفقوا على الغنم أنها تلتقط ، وترددوا في البقر ، والنص عن   الشافعي  أنها كالإبل ، وعن  مالك  أنها كالغنم ، وعنه خلاف .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					