[ المسألة الثانية ]  
[ ذوات الحافر الإنسية ]  
وأما المسألة الثانية : وهي اختلافهم في ذوات الحافر الإنسي ( أعني :  الخيل والبغال والحمير      ) : فإن جمهور العلماء على تحريم لحوم الحمر الإنسية ، إلا ما روي عن   ابن عباس  وعائشة  أنهما كانا يبيحانها ، وعن  مالك  أنه كان يكرهها ، ورواية ثانية مثل قول الجمهور .  
وكذلك الجمهور على تحريم البغال . وقوم كرهوها ولم يحرموها ، وهو مروي عن  مالك     .  
وأما الخيل : فذهب  مالك  ،  وأبو حنيفة  وجماعة إلى أنها محرمة . وذهب   الشافعي  ،  وأبو يوسف  ،  ومحمد  وجماعة إلى إباحتها .  
والسبب في اختلافهم في الحمر الإنسية : معارضة الآية المذكورة للأحاديث الثابتة في ذلك من حديث      [ ص: 387 ] جابر  وغيره قال : "  نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ، وأذن في لحوم الخيل     " .  
فمن جمع بين الآية وهذا الحديث حملها على الكراهية . ومن رأى النسخ قال بتحريم الحمر ، أو قال بالزيادة دون أن يوجب عنده نسخا . وقد احتج من لم ير تحريمها بما روي عن   أبي إسحاق الشيباني  عن   ابن أبي أوفى  قال : "  أصبنا حمرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وطبخناها ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكفئوا القدور بما فيها     " . قال   ابن إسحاق     : فذكرت ذلك   لسعيد بن جبير  فقال : إنما نهى عنها لأنها كانت تأكل الجلة .  
وأما اختلافهم في البغال : فسببه معارضة دليل الخطاب في قوله تعالى : (  والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة      ) . وقوله مع ذلك من الأنعام (  لتركبوا منها ومنها تأكلون      ) للآية الحاصرة للمحرمات ، لأنه يدل مفهوم الخطاب فيها أن المباح في البغال إنما هو الركوب ، مع قياس البغل أيضا على الحمار .  
وأما سبب اختلافهم في الخيل : فمعارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث  جابر  ، ومعارضة قياس الفرس على البغل والحمار له ، لكن إباحة لحم الخيل نص في حديث  جابر  فلا ينبغي أن يعارض بقياس ولا بدليل خطاب .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					