الجملة الرابعة
[ في أحكام المطلقات ]
وهذه الجملة فيها بابان :
الأول : في العدة .
والثاني : في المتعة .
الباب الأول
في العدة .
- والنظر في هذا الباب في فصلين :
الفصل الأول : في عدة الزوجات .
[ ص: 466 ] الفصل الثاني : في عدة ملك اليمين .
الفصل الأول
في عدة الزوجات
والنظر في عدة الزوجات ينقسم إلى نوعين :
أحدهما : في معرفة العدة .
والثاني : في معرفة أحكام العدة .
النوع الأول
[ في معرفة العدة ]
وكل زوجة فهي : إما حرة ، وإما أمة . وكل واحدة من هاتين إذا طلقت فلا يخلو أن تكون : مدخولا بها أو غير مدخول بها .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=12418غير المدخول بها : فلا عدة عليها بإجماع ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) .
وأما المدخول بها : فلا يخلو أن تكون : من ذوات الحيض ، أو من غير ذوات الحيض .
وغير ذوات الحيض : إما صغار وإما يائسات .
وذوات الحيض : إما حوامل ، وإما جاريات على عاداتهن في الحيض ، وإما مرتفعات الحيض ، وإما مستحاضات .
والمرتفعات الحيض في سن الحيض : إما مرتابات بالحمل ( أي : بحس في البطن ) ، وإما غير مرتابات .
وغير مرتابات : إما معروفات سبب انقطاع الحيض من رضاع أو مرض ، وإما غير معروفات .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=12440ذوات الحيض الأحرار الجاريات في حيضهن على المعتاد : فعدتهن ثلاثة قروء ،
nindex.php?page=treesubj&link=12494والحوامل منهن عدتهن وضع حملهن ،
nindex.php?page=treesubj&link=12480واليائسات منهن عدتهن ثلاثة أشهر ، ولا خلاف في هذا لأنه منصوص عليه في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) الآية ، وفي قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الآية .
واختلفوا من هذه الآية في الأقراء ما هي ؟ فقال قوم : هي الأطهار ( أعني : الأزمنة التي بين الدمين ) . وقال قوم : هي الدم نفسه . وممن قال : إن الأقراء هي الأطهار : أما من فقهاء الأمصار
فمالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وجمهور
أهل المدينة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وجماعة ، وأما من الصحابة
فابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت وعائشة .
وممن قال : إن الأقراء هي الحيض : أما من فقهاء الأمصار
فأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى وجماعة ، وأما من الصحابة
فعلي nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري .
وحكى
الأثرم عن
أحمد أنه قال : الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : الأقراء هي الحيض . وحكى أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أنه قول أحد عشر أو اثني عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : فاختلفت الرواية عنه : فروي عنه أنه كان يقول : إنها الأطهار ، على قول
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وعائشة ، ثم توقفت الآن من أجل قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وعلي هو أنها الحيض .
[ ص: 467 ] والفرق بين المذهبين هو أن من رأى أنها الأطهار رأى أنها إذا دخلت الرجعية عنده في الحيضة الثالثة لم يكن للزوج عليها رجعة وحلت للأزواج . ومن رأى أنها الحيض لم تحل عنده حتى تنقضي الحيضة الثالثة .
وسبب الخلاف : اشتراك اسم القرء ، فإنه يقال في كلام العرب على حد سواء : على الدم وعلى الأطهار . وقد رام كلا الفريقين أن يدل على أن اسم القرء في الآية ظاهر في المعنى الذي يراه :
فالذين قالوا : إنها الأطهار قالوا : إن هذا الجمع خاص بالقرء الذي هو الطهر ، وذلك أن القرء الذي هو الحيض يجمع على أقراء ، لا على قروء ، وحكوا ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري ، وأيضا فإنهم قالوا : إن الحيضة مؤنثة ، والطهر مذكر ، فلو كان القرء الذي يراد به الحيض لما ثبت في جمعه الهاء ، لأن الهاء لا تثبت في جمع المؤنث فيما دون العشرة . وقالوا أيضا : إن الاشتقاق يدل على ذلك ، لأن القرء مشتق من قرأت الماء في الحوض ( أي : جمعته ) ، فزمان اجتماع الدم هو زمان الطهر ، فهذا هو أقوى ما تمسك به الفريق الأول من ظاهر الآية .
وأما ما تمسك به الفريق الثاني من ظاهر الآية : فإنهم قالوا : إن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثلاثة قروء ) ظاهر في تمام كل قرء منها ، لأنه ليس ينطلق اسم القرء على بعضه إلا تجوزا ، وإذا وصفت الأقراء بأنها هي الأطهار أمكن أن تكون العدة عندهم بقرءين وبعض قرء ، لأنها عندهم تعتد بالطهر الذي تطلق فيه وإن مضى أكثره ، وإذا كان ذلك كذلك فلا ينطلق عليها اسم الثلاثة إلا تجوزا ، واسم الثلاثة ظاهر في كمال كل قرء منها ، وذلك لا يتفق إلا بأن تكون الأقراء هي الحيض لأن الإجماع منعقد على أنها إن طلقت في حيضة أنها لا تعتد بها .
ولكل واحد من الفريقين احتجاجات متساوية من جهة لفظ القرء ، والذي رضيه الحذاق أن الآية مجملة في ذلك ، وأن الدليل ينبغي أن يطلب من جهة أخرى .
فمن أقوى ما تمسك به من رأى أن الأقراء هي الأطهار حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المتقدم ، وقوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007023مره فليراجعها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم يطلقها إن شاء قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " . قالوا : وإجماعهم على أن طلاق السنة لا يكون إلا في طهر لم تمس فيه . وقوله عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007034فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " دليل واضح على أن العدة هي الأطهار ، لكي يكون الطلاق متصلا بالعدة . ويمكن أن يتأول قوله : فتلك العدة أي فتلك مدة استقبال العدة ، لئلا يتبعض القرء بالطلاق في الحيض .
وأقوى ما تمسك به الفريق الثاني أن العدة إنما شرعت لبراءة الرحم ، وبراءتها إنما تكون بالحيض لا بالأطهار ، ولذلك كان عدة من ارتفع الحيض عنها بالأيام ، فالحيض هو سبب العدة بالأقراء ، فوجب أن تكون الأقراء هي الحيض . واحتج من قال : الأقراء هي الأطهار : بأن المعتبر في براءة الرحم هو النقلة من الطهر إلى الحيض ، لا انقضاء الحيض ، فلا معنى لاعتبار الحيضة الأخيرة ، وإذا كان ذلك فالثلاث المعتبر فيهن التمام ( أعني : المشترط ) هي الأطهار التي بين الحيضتين ، ولكلا الفريقين احتجاجات طويلة .
ومذهب الحنفية أظهر من جهة المعنى ، وحجتهم من جهة المسموع متساوية أو قريب من متساوية .
[ ص: 468 ] ولم يختلف القائلون : أن العدة هي الأطهار أنها تنقضي بدخولها في الحيضة الثالثة . واختلف الذين قالوا : إنها الحيض . فقيل : تنقضي بانقطاع الدم من الحيضة الثالثة ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي . وقيل : حين تغتسل من الحيضة الثالثة ، وبه قال من الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، ومن الفقهاء
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وإسحاق بن عبيد . وقيل : حتى يمضي وقت الصلاة التي طهرت في وقتها . وقيل : إن للزوج عليها الرجعة ، وإن فرطت في الغسل عشرين سنة ، حكي هذا عن
شريك . وقد قيل : تنقضي بدخولها في الحيضة الثالثة ، وهو أيضا شاذ ، فهذه هي حال الحائض التي تحيض .
وأما التي تطلق فلا تحيض وهي في سن الحيض وليس هناك ريبة حمل ولا سبب من رضاع ولا مرض : فإنها تنتظر عند
مالك تسعة أشهر فإن لم تحض فيهن اعتدت بثلاثة أشهر ، فإن حاضت قبل أن تستكمل الثلاثة أشهر اعتبرت الحيض ، واستقبلت انتظاره ، فإن مر بها تسعة أشهر قبل أن تحيض الثانية اعتدت ثلاثة أشهر ، فإن حاضت قبل أن تستكمل الثلاثة أشهر من العام الثاني انتظرت الحيضة الثالثة ، فإن مر بها تسعة أشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة أشهر ، فإن حاضت الثالثة في الثلاثة الأشهر كانت قد استكملت عدة الحيض وتمت عدتها ، ولزوجها عليها الرجعة ما لم تحل .
واختلف عن
مالك متى تعتد بالتسعة أشهر ؟ فقيل : من يوم طلقت ، وهو قوله في الموطأ . وروى
ابن القاسم عنه : من يوم رفعها حيضتها . وقال
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور في التي ترتفع حيضتها وهي لا تيأس منها في المستأنف : إنها تبقى أبدا تنتظر حتى تدخل في السن الذي تيأس فيه من المحيض ، وحينئذ تعتد بالأشهر وتحيض قبل ذلك .
وقول
مالك مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وقول الجمهور قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وزيد .
وعمدة
مالك من طريق المعنى هو أن المقصود بالعدة إنما هو ما يقع به براءة الرحم ظنا غالبا بدليل أنه قد تحيض الحامل ، وإذا كان ذلك كذلك فعدة الحمل كافية في العلم ببراءة الرحم ، بل هي قاطعة على ذلك ، ثم تعتد بثلاثة أشهر عدة اليائسة ، فإن حاضت قبل تمام السنة حكم لها بحكم ذوات الحيض ، واحتسبت بذلك القرء ، ثم تنتظر القرء الثاني أو السنة إلى أن تمضي لها ثلاثة قروء .
وأما الجمهور فصاروا إلى ظاهر قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) والتي هي من أهل الحيض ليست بيائسة ، وهذا الرأي فيه عسر وحرج ، ولو قيل : إنها تعتد بثلاثة أشهر لكان جيدا إذا فهم من اليائسة التي لا يقطع بانقطاع حيضتها ، وكان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4إن ارتبتم ) راجعا إلى الحكم ، لا إلى الحيض على ما تأوله
مالك عليه ، فكأن
مالكا لم يطابق مذهبه تأويله الآية ، فإنه فهم من اليائسة هنا من تقطع على أنها ليست من أهل الحيض ، وهذا لا يكون إلا من قبل السن ، ولذلك جعل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4إن ارتبتم ) راجعا إلى الحكم لا إلى الحيض ( أي : إن شككتم في حكمهن ) ، ثم قال في التي تبقى تسعة أشهر لا تحيض وهي في سن من تحيض إنها تعتد بالأشهر .
وأما
إسماعيل وابن بكير من أصحابه ، فذهبوا إلى أن الريبة هاهنا في الحيض ، وأن اليائس في كلام العرب هو ما لم يحكم عليه بما يئس منه بالقطع ، فطابقوا تأويل الآية مذهبهم الذي هو مذهب
مالك ، ونعم ما فعلوا لأنه إن فهم هاهنا من اليائس القطع فقد يجب أن تنتظر الدم وتعتد به حتى تكون في هذا
[ ص: 469 ] السن ( أعني : سن اليائس ) . وإن من فهم من اليائس ما لا يقطع بذلك فقد يجب أن تعتد التي انقطع دمها عن العادة وهي في سن من تحيض بالأشهر ، وهو قياس قول أهل الظاهر ، لأن اليائسة في الطرفين ليس هي عندهم من أهل العدة لا بالأقراء ولا بالشهور . وأما الفرق في ذلك بين ما قبل التسعة وما بعدها فاستحسان .
وأما التي
nindex.php?page=treesubj&link=12464ارتفعت حيضتها لسبب معلوم مثل رضاع أو مرض ، فإن المشهور عند
مالك أنها تنتظر الحيض ، قصر الزمان أم طال . وقد قيل : إن المريضة مثل التي ترتفع حيضتها لغير سبب .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12450المستحاضة : فعدتها عند
مالك سنة إذا لم تميز بين الدمين ، فإن ميزت بين الدمين فعنه روايتان : إحداهما أن عدتها السنة . والأخرى : أنها تعمل على التمييز فتعتد بالأقراء . وقال
أبو حنيفة عدتها الأقراء إن تميزت لها ، وإن لم تتميز لها فثلاثة أشهر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : عدتها بالتمييز إذا انفصل عنها الدم ، فيكون الأحمر القاني من الحيضة ، ويكون الأصفر من أيام الطهر ، فإن طبق عليها الدم اعتدت بعدد أيام حيضتها في صحتها .
وإنما ذهب
مالك إلى بقاء السنة لأنه جعلها مثل التي لا تحيض وهي من أهل الحيض .
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إنما ذهب في العارفة أيامها أنها تعمل على معرفتها قياسا على الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم للمستحاضة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007035اتركي الصلاة أيام أقرائك ، فإذا ذهب عنك قدرها فاغسلي الدم " .
وإنما اعتبر التمييز من اعتبره لقوله صلى الله عليه وسلم
لفاطمة بنت حبيش : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007036إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق " خرجه
أبو داود .
وإنما ذهب من ذهب إلى عدتها بالشهور إذا اختلط عليها الدم ، لأنه معلوم في الأغلب أنها في كل شهر تحيض ، وقد جعل الله العدة بالشهور عند ارتفاع الحيض وخفاؤه كارتفاعه .
وأما المسترابة ( أعني :
nindex.php?page=treesubj&link=12506التي تجد حسا في بطنها تظن به أنه حمل ) : فإنها تمكث أكثر مدة حمل ، وقد اختلف فيه : فقيل في المذهب : أربع سنين . وقيل : خمس سنين . وقال أهل الظاهر : تسعة أشهر . ولا خلاف أن انقضاء عدة الحوامل لوضع حملهن ( أعني : المطلقات ) لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) .
وأما الزوجات غير الحرائر : فإنهن ينقسمن أيضا بتلك الأقسام بعينها ( أعني : حيضا ويائسات ومستحاضات ومرتفعات الحيض من غير يائسات ) .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=12441الحيض اللاتي يأتيهن حيضهن : فالجمهور على أن عدتهن حيضتان . وذهب
داود وأهل الظاهر : إلى أن عدتهن ثلاث حيض كالحرة ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين .
فأهل الظاهر اعتمدوا عموم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) . وهي ممن ينطلق عليها اسم المطلقة . واعتمد الجمهور تخصيص هذا العموم بقياس الشبه ، وذلك أنهم شبهوا الحيض بالطلاق والحد ( أعني : كونه متنصفا مع الرق ) ، وإنما جعلوها حيضتين لأن الحيضة الواحدة لا تتبعض .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12487الأمة المطلقة اليائسة من المحيض أو الصغيرة : فإن
مالكا وأكثر
أهل المدينة قالوا : عدتها ثلاثة أشهر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وجماعة : عدتها شهر ونصف شهر نصف عدة الحرة ،
[ ص: 470 ] وهو القياس إذا قلنا بتخصيص العموم ، فكأن
مالكا اضطرب قوله ، فمرة أخذ بالعموم ، وذلك في اليائسات ، ومرة أخذ بالقياس ، وذلك في ذوات الحيض ، والقياس في ذلك واحد .
وأما التي ترتفع حيضتها من غير سبب : فالقول فيها هو القول في الحرة ، والخلاف في ذلك ، وكذلك المستحاضة .
واتفقوا على أن المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها .
واختلفوا فيمن راجع امرأته في العدة من الطلاق الرجعي ، ثم فارقها قبل أن يمسها ; هل تستأنف عدة أم لا ؟ فقال جمهور فقهاء الأمصار : تستأنف . وقالت فرقة : تبقى في عدتها من طلاقها الأول وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
داود : ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستأنفة .
وبالجملة فعند
مالك أن كل رجعة تهدم العدة وإن لم يكن مسيس ، ما خلا رجعة المولي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا طلقها بعد الرجعة وقبل الوطء ثبتت على عدتها الأولى ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أظهر .
وكذلك عند
مالك رجعة المعسر بالنفقة تقف صحتها عنده على الإنفاق : فإن أنفق صحت الرجعة وهدمت العدة إن كان طلاقا ، وإن لم ينفق بقيت على عدتها الأولى . وإذا تزوجت ثانيا في العدة : فعن
مالك في ذلك روايتان : إحداهما : تداخل العدتين . والأخرى نفيه .
فوجه الأولى : اعتبار براءة الرحم ، لأن ذلك حاصل مع التداخل . ووجه الثانية : كون العدة عبادة ، فوجب أن تتعدد بتعدد الوطء الذي له حرمة .
وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=12442عتقت الأمة في عدة الطلاق مضت على عدة الأمة عند
مالك ، ولم تنتقل إلى عدة الحرة . وقال
أبو حنيفة : تنتقل في الطلاق الرجعي دون البائن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تنتقل في الوجهين معا .
وسبب الخلاف : هل العدة من أحكام الزوجية أم من أحكام انفصالها ؟ فمن قال من أحكام الزوجية قال : لا تنتقل عدتها . ومن قال من أحكام انفصال الزوجية قال : تنتقل ، كما لو أعتقت وهي زوجة ثم طلقت . وأما من فرق بين البائن والرجعي فبين ، وذلك أن الرجعي فيه شبه من أحكام العصمة ، ولذلك وقع فيه الميراث باتفاق إذا مات وهي في عدة من طلاق رجعي ، وأنها تنتقل إلى عدة الموت . فهذا هو القسم الأول من قسمي النظر في العدة .
الْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ
[ فِي أَحْكَامِ الْمُطَلَّقَاتِ ]
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ فِيهَا بَابَانِ :
الْأَوَّلُ : فِي الْعِدَّةِ .
وَالثَّانِي : فِي الْمُتْعَةِ .
الْبَابُ الْأَوَّلُ
فِي الْعِدَّةِ .
- وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي فَصْلَيْنِ :
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ : فِي عِدَّةِ الزَّوْجَاتِ .
[ ص: 466 ] الْفَصْلُ الثَّانِي : فِي عِدَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ .
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
فِي عِدَّةِ الزَّوْجَاتِ
وَالنَّظَرُ فِي عِدَّةِ الزَّوْجَاتِ يَنْقَسِمُ إِلَى نَوْعَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : فِي مَعْرِفَةِ الْعِدَّةِ .
وَالثَّانِي : فِي مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْعِدَّةِ .
النَّوْعُ الْأَوَّلُ
[ فِي مَعْرِفَةِ الْعِدَّةِ ]
وَكُلُّ زَوْجَةٍ فَهِيَ : إِمَّا حُرَّةٌ ، وَإِمَّا أَمَةٌ . وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ إِذَا طُلِّقَتْ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ : مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12418غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا : فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِإِجْمَاعٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) .
وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا : فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ : مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الْحَيْضِ .
وَغَيْرُ ذَوَاتِ الْحَيْضِ : إِمَّا صِغَارٌ وَإِمَّا يَائِسَاتٌ .
وَذَوَاتُ الْحَيْضِ : إِمَّا حَوَامِلُ ، وَإِمَّا جَارِيَاتٌ عَلَى عَادَاتِهِنَّ فِي الْحَيْضِ ، وَإِمَّا مُرْتَفِعَاتُ الْحَيْضِ ، وَإِمَّا مُسْتَحَاضَاتٌ .
وَالْمُرْتَفِعَاتُ الْحَيْضِ فِي سِنِّ الْحَيْضِ : إِمَّا مُرْتَابَاتٌ بِالْحَمْلِ ( أَيْ : بِحِسٍّ فِي الْبَطْنِ ) ، وَإِمَّا غَيْرُ مُرْتَابَاتٍ .
وَغَيْرُ مُرْتَابَاتٍ : إِمَّا مَعْرُوفَاتُ سَبَبَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ ، وَإِمَّا غَيْرُ مَعْرُوفَاتٍ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12440ذَوَاتُ الْحَيْضِ الْأَحْرَارُ الْجَارِيَاتُ فِي حَيْضِهِنَّ عَلَى الْمُعْتَادِ : فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=12494وَالْحَوَامِلُ مِنْهُنَّ عِدَّتُهُنَّ وَضْعُ حَمْلِهِنَّ ،
nindex.php?page=treesubj&link=12480وَالْيَائِسَاتُ مِنْهُنَّ عِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) الْآيَةَ ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) الْآيَةَ .
وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْأَقْرَاءِ مَا هِيَ ؟ فَقَالَ قَوْمٌ : هِيَ الْأَطْهَارُ ( أَعْنِي : الْأَزْمِنَةَ الَّتِي بَيْنَ الدَّمَّيْنِ ) . وَقَالَ قَوْمٌ : هِيَ الدَّمُ نَفْسُهُ . وَمِمَّنْ قَالَ : إِنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ : أَمَّا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
فَمَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ ، وَأَمَّا مِنَ الصَّحَابَةِ
فَابْنُ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَائِشَةُ .
وَمِمَّنْ قَالَ : إِنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْحَيْضُ : أَمَّا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ
فَأَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٌ ، وَأَمَّا مِنَ الصَّحَابَةِ
فَعَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ .
وَحَكَى
الْأَثْرَمُ عَنْ
أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ : الْأَقْرَاءُ هِيَ الْحَيْضُ . وَحَكَى أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَوْلُ أَحَدَ عَشَرَ أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : فَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ : فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِنَّهَا الْأَطْهَارُ ، عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ ، ثُمَّ تَوَقَّفْتُ الْآنَ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ هُوَ أَنَّهَا الْحَيْضُ .
[ ص: 467 ] وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ هُوَ أَنْ مَنْ رَأَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ رَأَى أَنَّهَا إِذَا دَخَلَتِ الرَّجْعِيَّةُ عِنْدَهُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ . وَمَنْ رَأَى أَنَّهَا الْحَيْضُ لَمْ تَحِلَّ عِنْدَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَيْضَةُ الثَّالِثَةُ .
وَسَبَبُ الْخِلَافِ : اشْتِرَاكُ اسْمِ الْقُرْءِ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ : عَلَى الدَّمِ وَعَلَى الْأَطْهَارِ . وَقَدْ رَامَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْقُرْءِ فِي الْآيَةِ ظَاهِرٌ فِي الْمَعْنَى الَّذِي يَرَاهُ :
فَالَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهَا الْأَطْهَارُ قَالُوا : إِنَّ هَذَا الْجَمْعَ خَاصٌّ بِالْقُرْءِ الَّذِي هُوَ الطُّهْرُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقُرْءَ الَّذِي هُوَ الْحَيْضُ يُجْمَعُ عَلَى أَقْرَاءٍ ، لَا عَلَى قُرُوءٍ ، وَحَكَوْا ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ الْحَيْضَةَ مُؤَنَّثَةٌ ، وَالطُّهْرَ مُذَكَّرٌ ، فَلَوْ كَانَ الْقُرْءُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْحَيْضُ لَمَا ثَبَتَ فِي جَمْعِهِ الْهَاءُ ، لِأَنَّ الْهَاءَ لَا تَثْبُتُ فِي جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ . وَقَالُوا أَيْضًا : إِنَّ الِاشْتِقَاقَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، لِأَنَّ الْقُرْءَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَرَّأْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ ( أَيْ : جَمَّعْتُهُ ) ، فَزَمَانُ اجْتِمَاعِ الدَّمِ هُوَ زَمَانُ الطُّهْرِ ، فَهَذَا هُوَ أَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ .
وَأَمَّا مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْفَرِيقُ الثَّانِيَ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ : فَإِنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) ظَاهِرٌ فِي تَمَامِ كُلِّ قُرْءٍ مِنْهَا ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْطَلِقُ اسْمُ الْقُرْءِ عَلَى بَعْضِهِ إِلَّا تَجَوُّزًا ، وَإِذَا وُصِفَتِ الْأَقْرَاءُ بِأَنَّهَا هِيَ الْأَطْهَارُ أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ عِنْدَهُمْ بِقُرْءَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ ، لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ الَّذِي تُطَلَّقُ فِيهِ وَإِنْ مَضَى أَكْثَرُهُ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ الثَّلَاثَةِ إِلَّا تَجَوُّزًا ، وَاسْمُ الثَّلَاثَةِ ظَاهِرٌ فِي كَمَالِ كُلِّ قُرْءٍ مِنْهَا ، وَذَلِكَ لَا يَتَّفِقُ إِلَّا بِأَنْ تَكُونَ الْأَقْرَاءُ هِيَ الْحَيْضَ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهَا إِنْ طُلِّقَتْ فِي حَيْضَةٍ أَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِهَا .
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ احْتِجَاجَاتٌ مُتَسَاوِيَةٌ مِنْ جِهَةِ لَفْظِ الْقُرْءِ ، وَالَّذِي رَضِيَهُ الْحُذَّاقُ أَنَّ الْآيَةَ مُجْمَلَةٌ فِي ذَلِكَ ، وَأَنَّ الدَّلِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَبَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى .
فَمِنْ أَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ رَأَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمُ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007023مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا إِنْ شَاءَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ " . قَالُوا : وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ . وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007034فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ " دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الْأَطْهَارُ ، لِكَيْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُتَّصِلًا بِالْعِدَّةِ . وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَأَوَّلَ قَوْلُهُ : فَتِلْكَ الْعِدَّةُ أَيْ فَتِلْكَ مُدَّةُ اسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ ، لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ الْقُرْءُ بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ .
وَأَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْفَرِيقُ الثَّانِي أَنَّ الْعِدَّةَ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، وَبَرَاءَتُهَا إِنَّمَا تَكُونُ بِالْحَيْضِ لَا بِالْأَطْهَارِ ، وَلِذَلِكَ كَانَ عِدَّةُ مَنِ ارْتَفَعَ الْحَيْضُ عَنْهَا بِالْأَيَّامِ ، فَالْحَيْضُ هُوَ سَبَبُ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْأَقْرَاءُ هِيَ الْحَيْضَ . وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ : الْأَقْرَاءُ هِيَ الْأَطْهَارُ : بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي بَرَاءَةِ الرَّحِمِ هُوَ النَّقْلَةُ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ ، لَا انْقِضَاءُ الْحَيْضِ ، فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْحَيْضَةِ الْأَخِيرَةِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالثَّلَاثُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِنَّ التَّمَامُ ( أَعْنِي : الْمُشْتَرَطَ ) هِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ، وَلِكِلَا الْفَرِيقَيْنِ احْتِجَاجَاتٌ طَوِيلَةٌ .
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، وَحُجَّتُهُمْ مِنْ جِهَةِ الْمَسْمُوعِ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ مُتَسَاوِيَةٍ .
[ ص: 468 ] وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْقَائِلُونَ : أَنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الْأَطْهَارُ أَنَّهَا تَنْقَضِي بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ . وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّهَا الْحَيْضُ . فَقِيلَ : تَنْقَضِي بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ . وَقِيلَ : حِينَ تَغْتَسِلُ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدٍ . وَقِيلَ : حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا . وَقِيلَ : إِنَّ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ ، وَإِنْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ عِشْرِينَ سَنَةً ، حُكِيَ هَذَا عَنْ
شَرِيكٍ . وَقَدْ قِيلَ : تَنْقَضِي بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، وَهُوَ أَيْضًا شَاذٌّ ، فَهَذِهِ هِيَ حَالُ الْحَائِضِ الَّتِي تَحِيضُ .
وَأَمَّا الَّتِي تُطَلَّقُ فَلَا تَحِيضُ وَهِيَ فِي سِنِّ الْحَيْضِ وَلَيْسَ هُنَاكَ رِيبَةٌ حَمْلٍ وَلَا سَبَبٌ مِنْ رَضَاعٍ وَلَا مَرَضٍ : فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ عِنْدَ
مَالِكٍ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهِنَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ اعْتَبَرَتِ الْحَيْضَ ، وَاسْتَقْبَلَتِ انْتِظَارَهُ ، فَإِنْ مَرَّ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّانِيَةَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِنَ الْعَامِ الثَّانِي انْتَظَرَتِ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ ، فَإِنْ مَرَّ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّالِثَةَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ كَانَتْ قَدِ اسْتَكْمَلَتْ عِدَّةَ الْحَيْضِ وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا ، وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَحِلَّ .
وَاخْتُلِفَ عَنْ
مَالِكٍ مَتَّى تَعْتَدُّ بِالتِّسْعَةِ أَشْهُرٍ ؟ فَقِيلَ : مِنْ يَوْمِ طُلِّقَتْ ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ . وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ : مِنْ يَوْمِ رَفْعِهَا حَيْضَتَهَا . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فِي الَّتِي تَرْتَفِعُ حَيْضَتُهَا وَهِيَ لَا تَيْأَسُ مِنْهَا فِي الْمُسْتَأْنَفِ : إِنَّهَا تَبْقَى أَبَدًا تَنْتَظِرُ حَتَّى تَدْخُلَ فِي السَّنِّ الَّذِي تَيْأَسُ فِيهِ مِنَ الْمَحِيضِ ، وَحِينَئِذٍ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَتَحِيضُ قَبْلَ ذَلِكَ .
وَقَوْلُ
مَالِكٍ مَرْوِيٌّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ .
وَعُمْدَةُ
مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعِدَّةِ إِنَّمَا هُوَ مَا يَقَعُ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ ظَنًّا غَالِبًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَدْ تَحِيضُ الْحَامِلُ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَعِدَّةُ الْحَمْلِ كَافِيَةٌ فِي الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، بَلْ هِيَ قَاطِعَةٌ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عِدَّةَ الْيَائِسَةِ ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ حُكِمَ لَهَا بِحُكْمِ ذَوَاتِ الْحَيْضِ ، وَاحْتَسَبَتْ بِذَلِكَ الْقُرْءِ ، ثُمَّ تَنْتَظِرُ الْقُرْءَ الثَّانِيَ أَوِ السَّنَةَ إِلَى أَنْ تَمْضِيَ لَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ .
وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَصَارُوا إِلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ) وَالَّتِي هِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَيْضِ لَيْسَتْ بِيَائِسَةٍ ، وَهَذَا الرَّأْيُ فِيهِ عُسْرٌ وَحَرَجٌ ، وَلَوْ قِيلَ : إِنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَكَانَ جَيِّدًا إِذَا فُهِمَ مِنَ الْيَائِسَةِ الَّتِي لَا يُقْطَعُ بِانْقِطَاعِ حَيْضَتِهَا ، وَكَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4إِنِ ارْتَبْتُمْ ) رَاجِعًا إِلَى الْحُكْمِ ، لَا إِلَى الْحَيْضِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ
مَالِكٌ عَلَيْهِ ، فَكَأَنَّ
مَالِكًا لَمْ يُطَابِقْ مَذْهَبُهُ تَأْوِيلَهُ الْآيَةَ ، فَإِنَّهُ فَهِمَ مِنَ الْيَائِسَةِ هُنَا مَنْ تُقْطَعُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْ أَهْلِ الْحَيْضِ ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ قِبَلِ السِّنِّ ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4إِنِ ارْتَبْتُمْ ) رَاجِعًا إِلَى الْحُكْمِ لَا إِلَى الْحَيْضِ ( أَيْ : إِنْ شَكَكْتُمْ فِي حُكْمِهِنَّ ) ، ثُمَّ قَالَ فِي الَّتِي تَبْقَى تِسْعَةَ أَشْهُرٍ لَا تَحِيضُ وَهِيَ فِي سَنِّ مَنْ تَحِيضُ إِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ .
وَأَمَّا
إِسْمَاعِيلُ وَابْنُ بُكَيْرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الرِّيبَةَ هَاهُنَا فِي الْحَيْضِ ، وَأَنَّ الْيَائِسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ مَا لَمِ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِمَا يَئِسَ مِنْهُ بِالْقَطْعِ ، فَطَابَقُوا تَأْوِيلَ الْآيَةِ مَذْهَبَهُمُ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ ، وَنِعْمَ مَا فَعَلُوا لِأَنَّهُ إِنْ فُهِمَ هَاهُنَا مِنَ الْيَائِسِ الْقَطْعُ فَقَدْ يَجِبُ أَنْ تَنْتَظِرَ الدَّمَ وَتَعْتَدَّ بِهِ حَتَّى تَكُونَ فِي هَذَا
[ ص: 469 ] السِّنِّ ( أَعْنِي : سَنَّ الْيَائِسِ ) . وَإِنَّ مَنْ فَهِمَ مِنَ الْيَائِسِ مَا لَا يُقْطَعُ بِذَلِكَ فَقَدْ يَجِبُ أَنْ تَعْتَدَّ الَّتِي انْقَطَعَ دَمُهَا عَنِ الْعَادَةِ وَهِيَ فِي سِنِّ مَنْ تَحِيضُ بِالْأَشْهُرِ ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَهْلِ الظَّاهِرِ ، لِأَنَّ الْيَائِسَةَ فِي الطَّرَفَيْنِ لَيْسَ هِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِدَّةِ لَا بِالْأَقْرَاءِ وَلَا بِالشُّهُورِ . وَأَمَّا الْفَرْقُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا قَبْلَ التِّسْعَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَاسْتِحْسَانٌ .
وَأَمَّا الَّتِي
nindex.php?page=treesubj&link=12464ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا لِسَبَبٍ مَعْلُومٍ مِثْلَ رِضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ
مَالِكٍ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ الْحَيْضَ ، قَصُرَ الزَّمَانُ أَمْ طَالَ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْمَرِيضَةَ مِثْلُ الَّتِي تَرْتَفِعُ حَيْضَتُهَا لِغَيْرِ سَبَبٍ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12450الْمُسْتَحَاضَةُ : فَعِدَّتُهَا عِنْدَ
مَالِكٍ سَنَةٌ إِذَا لَمْ تُمَيِّزَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ ، فَإِنْ مَيَّزَتْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَنَّ عِدَّتَهَا السَّنَةُ . وَالْأُخْرَى : أَنَّهَا تَعْمَلُ عَلَى التَّمْيِيزِ فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ عِدَّتُهَا الْأَقْرَاءُ إِنْ تَمَيَّزَتْ لَهَا ، وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ لَهَا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : عِدَّتُهَا بِالتَّمْيِيزِ إِذَا انْفَصَلَ عَنْهَا الدَّمُ ، فَيَكُونُ الْأَحْمَرُ الْقَانِي مِنَ الْحَيْضَةِ ، وَيَكُونُ الْأَصْفَرُ مِنْ أَيَّامِ الطُّهْرِ ، فَإِنْ طَبَّقَ عَلَيْهَا الدَّمُ اعْتَدَّتْ بِعَدَدِ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا فِي صِحَّتِهَا .
وَإِنَّمَا ذَهَبَ
مَالِكٌ إِلَى بَقَاءِ السَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا مِثْلَ الَّتِي لَا تَحِيضُ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْحَيْضِ .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ إِنَّمَا ذَهَبَ فِي الْعَارِفَةِ أَيَّامَهَا أَنَّهَا تَعْمَلُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007035اتْرُكِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ ، فَإِذَا ذَهَبَ عَنْكِ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي الدَّمَ " .
وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ التَّمْيِيزَ مَنِ اعْتَبَرَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِفَاطِمَةَ بِنْتِ حُبَيْشٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007036إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ ، فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ " خَرَّجَهُ
أَبُو دَاوُدَ .
وَإِنَّمَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى عِدَّتِهَا بِالشُّهُورِ إِذَا اخْتَلَطَ عَلَيْهَا الدَّمُ ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فِي الْأَغْلَبِ أَنَّهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ تَحِيضُ ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الْحَيْضِ وَخَفَاؤُهُ كَارْتِفَاعِهِ .
وَأَمَّا الْمُسْتَرَابَةُ ( أَعْنِي :
nindex.php?page=treesubj&link=12506الَّتِي تَجِدُ حِسًّا فِي بَطْنِهَا تَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ حَمْلٌ ) : فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَكْثَرَ مُدَّةِ حَمْلٍ ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ : فَقِيلَ فِي الْمَذْهَبِ : أَرْبَعُ سِنِينَ . وَقِيلَ : خَمْسُ سِنِينَ . وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ : تِسْعَةُ أَشْهُرٍ . وَلَا خِلَافَ أَنَّ انْقِضَاءَ عِدَّةِ الْحَوَامِلِ لِوَضْعِ حَمْلِهِنَّ ( أَعْنِي : الْمُطَلَّقَاتِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) .
وَأَمَّا الزَّوْجَاتُ غَيْرُ الْحَرَائِرِ : فَإِنَّهُنَّ يَنْقَسِمْنَ أَيْضًا بِتِلْكَ الْأَقْسَامِ بِعَيْنِهَا ( أَعْنِي : حُيَّضًا وَيَائِسَاتٍ وَمُسْتَحَاضَاتٍ وَمُرْتَفِعَاتِ الْحَيْضِ مِنْ غَيْرِ يَائِسَاتٍ ) .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12441الْحُيَّضُ اللَّاتِي يَأْتِيهِنَّ حَيْضُهُنَّ : فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهُنَّ حَيْضَتَانِ . وَذَهَبَ
دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ : إِلَى أَنَّ عِدَّتَهُنَّ ثَلَاثُ حِيَضٍ كَالْحُرَّةِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ .
فَأَهْلُ الظَّاهِرِ اعْتَمَدُوا عُمُومَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) . وَهِيَ مِمَّنْ يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمُطَلَّقَةِ . وَاعْتَمَدَ الْجُمْهُورُ تَخْصِيصَ هَذَا الْعُمُومِ بِقِيَاسِ الشَّبَهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ شَبَّهُوا الْحَيْضَ بِالطَّلَاقِ وَالْحَدِّ ( أَعْنِي : كَوْنَهُ مُتَنَصِّفًا مَعَ الرِّقِّ ) ، وَإِنَّمَا جَعَلُوهَا حَيْضَتَيْنِ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَبَعَّضُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12487الْأَمَةُ الْمُطَلَّقَةُ الْيَائِسَةُ مِنَ الْمَحِيضِ أَوِ الصَّغِيرَةُ : فَإِنَّ
مَالِكًا وَأَكْثَرَ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالُوا : عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ : عِدَّتُهَا شَهْرٌ وَنِصْفُ شَهْرٍ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ ،
[ ص: 470 ] وَهُوَ الْقِيَاسُ إِذَا قُلْنَا بِتَخْصِيصِ الْعُمُومِ ، فَكَأَنَّ
مَالِكًا اضْطَرَبَ قَوْلُهُ ، فَمَرَّةً أَخَذَ بِالْعُمُومِ ، وَذَلِكَ فِي الْيَائِسَاتِ ، وَمَرَّةً أَخَذَ بِالْقِيَاسِ ، وَذَلِكَ فِي ذَوَاتِ الْحَيْضِ ، وَالْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ .
وَأَمَّا الَّتِي تَرْتَفِعُ حَيْضَتُهَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ : فَالْقَوْلُ فِيهَا هُوَ الْقَوْلُ فِي الْحُرَّةِ ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَةُ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ فِي الْعِدَّةِ مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ ، ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ; هَلْ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً أَمْ لَا ؟ فَقَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ : تَسْتَأْنِفُ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : تَبْقَى فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقِهَا الْأَوَّلِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَقَالَ
دَاوُدُ : لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُتِمَّ عِدَّتَهَا وَلَا عِدَّةً مُسْتَأْنَفَةً .
وَبِالْجُمْلَةِ فَعِنْدَ
مَالِكٍ أَنَّ كُلَّ رَجْعَةٍ تَهْدِمُ الْعِدَّةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسِيسٌ ، مَا خَلَا رَجْعَةَ الْمُولِي . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ ثَبَتَتْ عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَظْهَرُ .
وَكَذَلِكَ عِنْدَ
مَالِكٍ رَجْعَةُ الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ تَقِفُ صِحَّتُهَا عِنْدَهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ : فَإِنْ أَنْفَقَ صَحَّتِ الرَّجْعَةُ وَهُدِمَتِ الْعِدَّةُ إِنْ كَانَ طَلَاقًا ، وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ بَقِيَتْ عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى . وَإِذَا تَزَوَّجَتْ ثَانِيًا فِي الْعِدَّةِ : فَعَنْ
مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا : تَدَاخُلُ الْعِدَّتَيْنِ . وَالْأُخْرَى نَفْيُهُ .
فَوَجْهُ الْأُولَى : اعْتِبَارُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ التَّدَاخُلِ . وَوَجْهُ الثَّانِيَةِ : كَوْنُ الْعِدَّةِ عِبَادَةً ، فَوَجَبَ أَنْ تَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ الَّذِي لَهُ حُرْمَةٌ .
وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12442عُتِقَتِ الْأَمَةُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ مَضَتْ عَلَى عِدَّةِ الْأَمَةِ عِنْدَ
مَالِكٍ ، وَلَمْ تَنْتَقِلْ إِلَى عِدَّةِ الْحُرَّةِ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : تَنْتَقِلُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ دُونَ الْبَائِنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : تَنْتَقِلُ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا .
وَسَبَبُ الْخِلَافِ : هَلِ الْعِدَّةُ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ أَمْ مِنْ أَحْكَامِ انْفِصَالِهَا ؟ فَمَنْ قَالَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ قَالَ : لَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا . وَمَنْ قَالَ مِنْ أَحْكَامِ انْفِصَالِ الزَّوْجِيَّةِ قَالَ : تَنْتَقِلُ ، كَمَا لَوْ أُعْتِقَتْ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ طُلِّقَتْ . وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ فَبَيِّنٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجْعِيَّ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِصْمَةِ ، وَلِذَلِكَ وَقَعَ فِيهِ الْمِيرَاثُ بِاتِّفَاقٍ إِذَا مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ، وَأَنَّهَا تَنْتَقِلُ إِلَى عِدَّةِ الْمَوْتِ . فَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ قِسْمَيِ النَّظَرِ فِي الْعِدَّةِ .