الفصل الثالث
nindex.php?page=treesubj&link=12055فيمن يصح فيه الظهار .
واتفقوا على لزوم الظهار من الزوجة التي في العصمة ، واختلفوا في الظهار من الأمة ، ومن التي في غير العصمة ، وكذلك اختلفوا في ظهار المرأة من الرجل .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=12057الظهار من الأمة : فقال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وجماعة : الظهار منها لازم كالظهار من الزوجة الحرة ، وكذلك المدبرة وأم الولد ; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأبو حنيفة ،
وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : لا ظهار من أمة; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : إن كان يطأ أمته فهو منها مظاهر ، وإن لم يطأها فهي يمين ، وفيها كفارة يمين; وقال
عطاء : هو مظاهر لكن عليه نصف كفارة .
فدليل من أوقع ظهار الأمة عموم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم ) والإماء من النساء .
وحجة من لم يجعله ظهارا أنهم قد أجمعوا أن النساء في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ) ، هن ذوات الأزواج ، فكذلك اسم النساء في آية الظهار .
فسبب الخلاف معارضة قياس الشبه للعموم ( أعني : تشبيه الظهار بالإيلاء ، وعموم لفظ النساء ، أعني : أن عموم اللفظ يقتضي دخول الإماء في الظهار ، وتشبيهه بالإيلاء يقتضي خروجهن من الظهار ) .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12055هل من شرط الظهار كون المظاهر منها في العصمة أم لا ؟ فمذهب
مالك أن ذلك ليس من شرطه ، وأن من عين امرأة ما بعينها وظاهر منها بشرط التزويج كان مظاهرا منها ، وكذلك إن لم يعين ، وقال : كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي ، وذلك بخلاف الطلاق . وبقول
مالك في الظهار قال
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي .
وقال قائلون : لا يلزم الظهار إلا فيما يملك الرجل ، وممن قال بهذا القول :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وداود .
وفرق قوم ، فقالوا : إن أطلق لم يلزمه ظهار وهو أن يقول : كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي ، فإن قيد لزمه وهو أن يقول : إن تزوجت فلانة أو سمى قرية أو قبيلة ، وقائل هذا القول هو
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ،
والحسن بن حيي .
ودليل الفريق الأول قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أوفوا بالعقود ) ؛ ولأنه عقد على شرط الملك فأشبه إذا ملك ، والمؤمنون عند شروطهم ، وهو قول
عمر .
وأما حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006525لا طلاق إلا فيما يملك ، ولا عتق إلا فيما يملك ، ولا بيع إلا فيما يملك ، ولا وفاء بنذر إلا فيما يملك " خرجه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، والظهار شبيه بالطلاق ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وأما الذين فرقوا بين التعميم والتعيين ، فإنهم رأوا أن التعميم في الظهار من باب الحرج ، وقد قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وما جعل عليكم في الدين من حرج ) .
[ ص: 483 ] واختلفوا أيضا من هذا الباب في :
nindex.php?page=treesubj&link=12031هل تظاهر المرأة من الرجل ؟ فعن العلماء في ثلاثة أقوال : أشهرها أنه لا يكون منها ظهار ، وهو قول
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . والثاني أن عليها كفارة يمين . والثالث أن عليها كفارة الظهار . ومعتمد الجمهور تشبيه الظهار بالطلاق ، ومن ألزم المرأة الظهار فتشبيها للظهار باليمين; ومن فرق فلأنه رأى أن أقل اللازم لها في ذلك المعنى هو كفارة يمين وهو ضعيف . وسبب الخلاف تعارض الأشباه في هذا المعنى .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
nindex.php?page=treesubj&link=12055فِيمَنْ يَصِحُّ فِيهِ الظِّهَارُ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى لُزُومِ الظِّهَارِ مِنَ الزَّوْجَةِ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الظِّهَارِ مِنَ الْأَمَةِ ، وَمِنَ الَّتِي فِي غَيْرِ الْعِصْمَةِ ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي ظِهَارِ الْمَرْأَةِ مِنَ الرَّجُلِ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12057الظِّهَارُ مِنَ الْأَمَةِ : فَقَالَ
مَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ، وَجَمَاعَةٌ : الظِّهَارُ مِنْهَا لَازِمٌ كَالظِّهَارِ مِنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ ، وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ ; وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ ،
وَأَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ : لَا ظِهَارَ مِنْ أَمَةٍ; وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ : إِنْ كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ فَهُوَ مِنْهَا مُظَاهِرٌ ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَهِيَ يَمِينٌ ، وَفِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ; وَقَالَ
عَطَاءٌ : هُوَ مُظَاهِرٌ لَكِنْ عَلَيْهِ نِصْفُ كَفَّارَةٍ .
فَدَلِيلُ مَنْ أَوْقَعَ ظِهَارَ الْأَمَةِ عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ) وَالْإِمَاءُ مِنَ النِّسَاءِ .
وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ ظِهَارًا أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ النِّسَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) ، هُنَّ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ ، فَكَذَلِكَ اسْمُ النِّسَاءِ فِي آيَةِ الظِّهَارِ .
فَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ قِيَاسِ الشَّبَهِ لِلْعُمُومِ ( أَعْنِي : تَشْبِيهَ الظِّهَارِ بِالْإِيلَاءِ ، وَعُمُومُ لَفْظِ النِّسَاءِ ، أَعْنِي : أَنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي دُخُولَ الْإِمَاءِ فِي الظِّهَارِ ، وَتَشْبِيهُهُ بِالْإِيلَاءِ يَقْتَضِي خُرُوجَهُنَّ مِنَ الظِّهَارِ ) .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12055هَلْ مِنْ شَرْطِ الظِّهَارِ كَوْنُ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا فِي الْعِصْمَةِ أَمْ لَا ؟ فَمَذْهَبُ
مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ ، وَأَنَّ مَنْ عَيَّنَ امْرَأَةً مَا بِعَيْنِهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا بِشَرْطِ التَّزْوِيجِ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا ، وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ، وَقَالَ : كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ . وَبِقَوْلِ
مَالِكٍ فِي الظِّهَارِ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ .
وَقَالَ قَائِلُونَ : لَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ الرَّجُلُ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وَأَبُو ثَوْرٍ ،
وَدَاوُدُ .
وَفَرَّقَ قَوْمٌ ، فَقَالُوا : إِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ : كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي ، فَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ : إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةً أَوْ سَمَّى قَرْيَةً أَوْ قَبِيلَةً ، وَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى ،
وَالْحَسَنُ بْنُ حُيَيٍّ .
وَدَلِيلُ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ؛ وَلِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَى شَرْطِ الْمِلْكِ فَأَشْبَهَ إِذَا مَلَكَ ، وَالْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ
عُمَرَ .
وَأَمَّا حُجَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006525لَا طَلَاقَ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ ، وَلَا عِتْقَ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ ، وَلَا بَيْعَ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ ، وَلَا وَفَاءَ بِنَذْرٍ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ " خَرَّجَهُ
أَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَالظِّهَارُ شَبِيهٌ بِالطَّلَاقِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَأَمَّا الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ التَّعْمِيمِ وَالتَّعْيِينِ ، فَإِنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ التَّعْمِيمَ فِي الظِّهَارِ مِنْ بَابِ الْحَرَجِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) .
[ ص: 483 ] وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي :
nindex.php?page=treesubj&link=12031هَلْ تُظَاهِرُ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ ؟ فَعَنِ الْعُلَمَاءِ فِي ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : أَشْهَرُهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْهَا ظِهَارٌ ، وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ . وَالثَّانِي أَنَّ عَلَيْهَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ . وَالثَّالِثُ أَنَّ عَلَيْهَا كَفَّارَةَ الظِّهَارِ . وَمُعْتَمَدُ الْجُمْهُورِ تَشْبِيهُ الظِّهَارِ بِالطَّلَاقِ ، وَمَنْ أَلْزَمَ الْمَرْأَةَ الظِّهَارَ فَتَشْبِيهًا لِلظِّهَارِ بِالْيَمِينِ; وَمَنْ فَرَّقَ فَلِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ أَقَلَّ اللَّازِمِ لَهَا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ . وَسَبَبُ الْخِلَافِ تَعَارُضُ الْأَشْبَاهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى .