بسم الله الرحمن الرحيم .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما .
nindex.php?page=treesubj&link=15509كتاب الصلح .
والأصل في هذا الكتاب : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128والصلح خير ) . وما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام مرفوعا وموقوفا على
عمر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006711nindex.php?page=treesubj&link=15442_15561_15562إمضاء الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما ، أو حرم حلالا " . واتفق المسلمون على جوازه على الإقرار ، واختلفوا في جوازه على الإنكار : فقال
مالك ،
وأبو حنيفة : يجوز على الإنكار . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز على الإنكار; لأنه من أكل المال بالباطل من غير عوض .
والمالكية تقول فيه عوض ، وهو سقوط الخصومة واندفاع اليمين عنه .
ولا خلاف في مذهب
مالك أن الصلح الذي يقع على الإقرار يراعى في صحته ما يراعى في البيوع ، فيفسد بما تفسد به البيوع من أنواع الفساد الخاص بالبيوع ، ويصح بصحته ، وهذا هو مثل أن يدعي إنسان
[ ص: 635 ] على آخر دراهم فيصالحه عليها بعد الإقرار بدنانير نسيئة ، وما أشبه هذا من البيوع الفاسدة من قبل الربا والغرر .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=15483الصلح على الإنكار : فالمشهور فيه عن
مالك ، وأصحابه أنه يراعى فيه من الصحة ما يراعى في البيوع ، مثل أن يدعي إنسان على آخر دراهم فينكر ، ثم يصالحه عليها بدنانير مؤجلة ، فهذا لا يجوز عند
مالك ، وأصحابه . وقال أصبغ : هو جائز; لأن المكروه فيه من الطرف الواحد ، وهو من جهة الطالب; لأنه يعترف أنه أخذ دنانير نسيئة في دراهم حلت له . وأما الدافع فيقول : هي هبة مني .
وأما إن ارتفع المكروه من الطرفين ، مثل أن يدعي كل واحد منهما على صاحبه دنانير ، أو دراهم فينكر كل واحد منهما صاحبه ، ثم يصطلحان على أن يؤخر كل واحد منهما صاحبه فيما يدعيه قبله إلى أجل ، فهذا عندهم هو مكروه .
أما كراهيته : فمخافة أن يكون كل واحد منهما صادقا ، فيكون كل واحد منهما قد أنظر صاحبه لإنظار الآخر إياه ، فيدخله أسلفني ، وأسلفك .
وأما وجه جوازه : فلأن كل واحد منهما إنما يقول : ما فعلت إنما هو تبرع مني ، وما كان يجب علي شيء ، وهذا النحو من البيوع قيل : إنه يجوز إذا وقع ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون : يفسخ إذا وقع عليه أثر عقده ، فإن طال مضى .
فالصلح الذي يقع فيه مما لا يجوز في البيوع هو في مذهب
مالك على ثلاثة أقسام : صلح يفسخ باتفاق ، وصلح يفسخ باختلاف ، وصلح لا يفسخ باتفاق إن طال ، وإن لم يطل فيه اختلاف .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا .
nindex.php?page=treesubj&link=15509كِتَابُ الصُّلْحِ .
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْكِتَابِ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) . وَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا عَلَى
عُمَرَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006711nindex.php?page=treesubj&link=15442_15561_15562إِمْضَاءُ الصُّلْحِ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا ، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا " . وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ : فَقَالَ
مَالِكٌ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ عَلَى الْإِنْكَارِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ عَلَى الْإِنْكَارِ; لِأَنَّهُ مَنْ أَكَلَ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ .
وَالْمَالِكِيَّةُ تَقُولُ فِيهِ عِوَضٌ ، وَهُوَ سُقُوطُ الْخُصُومَةِ وَانْدِفَاعُ الْيَمِينِ عَنْهُ .
وَلَا خِلَافَ فِي مَذْهَبِ
مَالِكٍ أَنَّ الصُّلْحَ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْإِقْرَارِ يُرَاعَى فِي صِحَّتِهِ مَا يُرَاعَى فِي الْبُيُوعِ ، فَيُفْسَدُ بِمَا تَفْسَدُ بِهِ الْبُيُوعُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ الْخَاصِّ بِالْبُيُوعِ ، وَيَصِحُّ بِصِحَّتِهِ ، وَهَذَا هُوَ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ إِنْسَانٌ
[ ص: 635 ] عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ فَيُصَالِحُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِدَنَانِيرَ نَسِيئَةً ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ قِبَلِ الرِّبَا وَالْغَرَرِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15483الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ : فَالْمَشْهُورُ فِيهِ عَنْ
مَالِكٍ ، وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ مِنَ الصِّحَّةِ مَا يُرَاعَى فِي الْبُيُوعِ ، مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ إِنْسَانٌ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ فَيُنْكِرُ ، ثُمَّ يُصَالِحُهُ عَلَيْهَا بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ
مَالِكٍ ، وَأَصْحَابِهِ . وَقَالَ أَصْبَغُ : هُوَ جَائِزٌ; لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ فِيهِ مِنَ الطَّرَفِ الْوَاحِدِ ، وَهُوَ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ; لِأَنَّهُ يَعْتَرِفُ أَنَّهُ أَخَذَ دَنَانِيرَ نَسِيئَةً فِي دَرَاهِمَ حَلَّتْ لَهُ . وَأَمَّا الدَّافِعُ فَيَقُولُ : هِيَ هِبَةٌ مِنِّي .
وَأَمَّا إِنِ ارْتَفَعَ الْمَكْرُوهُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ ، مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَنَانِيرَ ، أَوْ دَرَاهِمَ فَيُنْكِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ، ثُمَّ يَصْطَلِحَانِ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ قَبِلَهُ إِلَى أَجَلٍ ، فَهَذَا عِنْدَهُمْ هُوَ مَكْرُوهٌ .
أَمَّا كَرَاهِيَتُهُ : فَمَخَافَةُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَادِقًا ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَنْظَرَ صَاحِبَهُ لِإِنْظَارِ الْآخَرِ إِيَّاهُ ، فَيَدْخُلُهُ أَسْلِفْنِي ، وَأُسْلِفْكَ .
وَأَمَّا وَجْهُ جَوَازِهِ : فَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّمَا يَقُولُ : مَا فَعَلْتُ إِنَّمَا هُوَ تَبَرُّعٌ مِنِّي ، وَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ ، وَهَذَا النَّحْوُ مِنَ الْبُيُوعِ قِيلَ : إِنَّهُ يَجُوزُ إِذَا وَقَعَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابْنُ الْمَاجِشُونِ : يُفْسَخُ إِذَا وَقَعَ عَلَيْهِ أَثَرُ عَقْدِهِ ، فَإِنْ طَالَ مَضَى .
فَالصُّلْحُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ هُوَ فِي مَذْهَبِ
مَالِكٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : صُلْحٌ يُفْسَخُ بِاتِّفَاقٍ ، وَصُلْحٌ يُفْسَخُ بِاخْتِلَافٍ ، وَصُلْحٌ لَا يُفْسَخُ بِاتِّفَاقٍ إِنْ طَالَ ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ فِيهِ اخْتِلَافٌ .