بسم الله الرحمن الرحيم .
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما .
nindex.php?page=treesubj&link=16599كتاب الكفالة .
واختلف العلماء في نوعها وفي وقتها ، وفي الحكم اللازم عنها ، وفي شروطها ، وفي صفة لزومها ، وفي محلها .
ولها أسماء : كفالة ، وحمالة ، وضمانة ، وزعامة .
فأما أنواعها : فنوعان : حمالة بالنفس ، وحمالة بالمال .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=16633الحمالة بالمال : فثابتة بالسنة ، ومجمع عليها من الصدر الأول ومن فقهاء الأمصار . وحكي عن قوم أنها ليست لازمة تشبيها بالعدة وهو شاذ . والسنة التي صار إليها الجمهور في ذلك هي قوله عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006712الزعيم غارم " .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16649الحمالة بالنفس ( وهي التي تعرف بضمان الوجه ) : فجمهور فقهاء الأمصار على جواز وقوعها شرعا إذا كانت بسبب المال . وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجديد أنها لا تجوز ، وبه قال
داود ، وحجتهما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=79معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ) [ يوسف : 79 ] . ولأنها كفالة بنفس; فأشبهت
[ ص: 636 ] الكفالة في الحدود . وحجة من أجازها عموم قوله عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006712الزعيم غارم " . وتعلقوا بأن في ذلك مصلحة ، وأنه مروي عن الصدر الأول .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16668الحكم اللازم عنها : فجمهور القائلين بحمالة النفس متفقون على أن المتحمل عنه إذا مات لم يلزم الكفيل بالوجه شيء . وحكي عن بعضهم لزوم ذلك . وفرق
ابن القاسم بين أن يموت الرجل حاضرا أو غائبا ، فقال : إن مات حاضرا لم يلزم الكفيل شيء ، وإن مات غائبا نظر ، فإن كانت المسافة التي بين البلدين مسافة يمكن الحميل فيها إحضاره في الأجل المضروب له في إحضاره ( وذلك في نحو اليومين إلى الثلاثة ) ، ففرط : غرم ، وإلا لم يغرم .
واختلفوا إذا
nindex.php?page=treesubj&link=16651غاب المتحمل عنه ما حكم الحميل بالوجه على ثلاثة أقوال :
القول الأول : إنه يلزمه أن يحضره أو يغرم ، وهو قول
مالك ، وأصحابه ،
وأهل المدينة .
والقول الثاني : إنه يحبس الحميل إلى أن يأتي به أو يعلم موته ، وهو قول
أبي حنيفة ،
وأهل العراق .
والقول الثالث : إنه ليس عليه إلا أن يأتي به إذا علم موضعه ، ومعنى ذلك أن لا يكلف إحضاره إلا مع العلم بالقدرة على إحضاره ، فإن ادعى الطالب معرفة موضعه على الحميل ، وأنكر الحميل ؛ كلف الطالب بيان ذلك . قالوا : ولا يحبس الحميل إلا إذا كان المتحمل عنه معلوم الموضع ، فيكلف حينئذ إحضاره ، وهذا القول حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه في الفقه عن جماعة من الناس واختاره .
وعمدة
مالك : أن المتحمل بالوجه غارم لصاحب الحق فوجب عليه الغرم إذا غاب ، وربما احتج لهم بما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "
أن رجلا سأل غريمه أن يؤدي إليه ماله أو يعطيه حميلا ، فلم يقدر حتى حاكمه إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، فتحمل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أدى المال إليه " . قالوا : فهذا غرم في الحمالة المطلقة .
وأما
أهل العراق فقالوا : إنما يجب عليه إحضار ما تحمل به وهو النفس ، فليس يجب أن يعدى ذلك إلى المال إلا لو شرطه على نفسه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : "
المؤمنون عند شروطهم " . فإنما عليه أن يحضره أو يحبس فيه ، فكما أنه إذا ضمن المال فإنما عليه أن يحضر المال ، أو يحبس فيه ، كذلك الأمر في ضمان الوجه .
وعمدة الفريق الثالث : أنه إنما يلزمه إحضاره إذا كان إحضاره له مما يمكن ، وحينئذ يحبس إذا لم يحضره ، وأما إذا علم أن إحضاره له غير ممكن فليس يجب عليه إحضاره كما أنه إذا مات ليس عليه إحضاره . قالوا : ومن ضمن الوجه فأغرم المال فهو أحرى أن يكون مغرورا من أن يكون غارا .
فأما إذا اشترط الوجه دون المال وصرح بالشرط فقد قال
مالك : إن المال لا يلزمه ، ولا خلاف في هذا فيما أحسب; لأنه كان يكون قد ألزم ضد ما اشترط ، فهذا هو حكم ضمان الوجه .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16634حكم ضمان المال : فإن الفقهاء متفقون على أنه إذا عدم المضمون أو غاب أن الضامن غارم .
واختلفوا إذا حضر الضامن والمضمون وكلاهما موسر : فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأبو حنيفة ، وأصحابهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
وأحمد ،
وإسحاق : للطالب أن يؤاخذ من شاء من الكفيل ، أو المكفول . وقال
مالك في أحد قوليه : ليس له أن يأخذ الكفيل مع وجود المتكفل عنه . وله قول آخر مثل قول الجمهور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور :
[ ص: 637 ] الحمالة ، والكفالة واحدة ، ومن ضمن عن رجل مالا لزمه وبرئ المضمون ، ولا يجوز أن يكون مال واحد على اثنين ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة .
ومن الحجة لما رأى أن الطالب يجوز له مطالبة الضامن; كان المضمون عنه غائبا ، أو حاضرا ، غنيا ، أو عديما : حديث
قبيصة بن المخارقي قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006715تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عنها ، فقال : تخرجها عنك من إبل الصدقة يا قبيصة ، إن المسألة لا تحل إلا في ثلاث ، وذكر رجلا تحمل حمالة رجل حتى يؤديها " . ووجه الدليل من هذا النبي صلى الله عليه وسلم أباح المسألة للمتحمل دون اعتبار حال المتحمل عنه .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16632محل الكفالة : فهي الأموال عند جمهور أهل العلم لقوله عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006712الزعيم غارم " ( أعني : كفالة المال وكفالة الوجه ) ، وسواء تعلقت الأموال من قبل أموال ، أو من قبل حدود ، مثل المال الواجب في قتل الخطإ ، أو الصلح في قتل العمد ، أو السرقة التي ليس يتعلق بها قطع ، وهي ما دون النصاب ، أو من غير ذلك . وروي عن
أبي حنيفة إجازة الكفالة في الحدود والقصاص ، أو في القصاص دون الحدود وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي ( أعني كفالة النفس ) .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16633وقت وجوب الكفالة بالمال ( أعني مطالبته بالكفيل ) : فأجمع العلماء على أن ذلك بعد ثبوت الحق على المكفول إما بإقرار وإما ببينة .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16651وقت وجوب الكفالة بالوجه : فاختلفوا هل تلزم قبل إثبات الحق أم لا ؟ فقال قوم : إنها لا تلزم قبل إثبات الحق بوجه من الوجوه ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح القاضي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون من أصحاب
مالك . وقال قوم : بل يجب أخذ الكفيل بالوجه على إثبات الحق ، وهؤلاء اختلفوا متى يلزم ذلك ؟ وإلى كم من المدة يلزم ؟
فقال قوم : إن أتى بشبهة قوية مثل شاهد واحد لزمه أن يعطي ضامنا بوجهه حتى يلوح حقه ، وإلا لم يلزمه الكفيل إلا أن يذكر بينة حاضرة في المصر ، فيعطيه حميلا من الخمسة الأيام إلى الجمعة ، وهو قول
ابن القاسم من أصحاب
مالك ، وقال
أهل العراق : لا يؤخذ عليهم حميل قبل ثبوت الحق إلا أن يدعي بينة حاضرة في المصر نحو قول
ابن القاسم ، إلا أنهم حدوا ذلك بالثلاثة الأيام يقولون : إنه : من أتى بشبهة لزمه أن يعطيه حميلا حتى يثبت دعواه أو تبطل ، وقد أنكروا الفرق في ذلك والفرق بين الذي يدعي البينة الحاضرة والغائبة ، وقالوا : لا يؤخذ حميل على أحد إلا ببينة ، وذلك إلى بيان صدق دعواه أو إبطالها .
وسبب هذا الاختلاف : تعارض وجه العدل بين الخصمين في ذلك ، فإنه إذا لم يؤخذ عليه ضامن بمجرد الدعوى لم يؤمن أن يغيب بوجهه فيعنت طالبه ، وإذا أخذ عليه لم يؤمن أن تكون الدعوى باطلة فيعنت المطلوب ، ولهذا فرق من فرق بين دعوى البينة الحاضرة والغائبة .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16560عراك بن مالك قال : "
أقبل نفر من الأعراب معهم ظهر ، فصحبهم رجلان فباتا معهم ، فأصبح القوم وقد فقدوا كذا وكذا من إبلهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الرجلين : اذهب واطلب ، وحبس الآخر ، فجاء بما ذهب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الرجلين : استغفر لي ، فقال : غفر الله لك ، قال : وأنت فغفر الله لك وقتلك في سبيله " خرج هذا الحديث
أبو عبيد في كتابه بالفقه ، قال : وحمله بعض العلماء على أن ذلك كان من رسول الله حبسا قال : ولا يعجبني ذلك; لأنه لا يجب الحبس بمجرد الدعوى ،
[ ص: 638 ] وإنما هو عندي من باب الكفالة بالحق الذي لم يجب إذا كانت هنالك شبهة لمكان صحبتهما لهم .
فأما أصناف المضمونين : فليس يلحق من قبل ذلك اختلاف مشهور لاختلافهم في
nindex.php?page=treesubj&link=26739ضمان الميت إذا كان عليه دين ولم يترك وفاء بدينه ، فأجازه
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وقال
أبو حنيفة : لا يجوز .
واستدل
أبو حنيفة من قبل أن الضمان لا يتعلق بمعلوم قطعا ، وليس كذلك المفلس . واستدل من رأى أن الضمان يلزمه بما روي : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006717أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في صدر الإسلام لا يصلي على من مات وعليه دين حتى يضمن عنه " . والجمهور يصح عندهم كفالة المحبوس والغائب ، ولا يصح عند
أبي حنيفة .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16694شروط الكفالة : فإن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يشترطان في وجوب رجوع الضامن على المضمون بما أدى عنه أن يكون الضمان بإذنه ،
ومالك لا يشترط ذلك .
ولا تجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كفالة المجهول ، ولا الحق الذي لم يجب بعد ، وكل ذلك لازم وجائز عند
مالك ، وأصحابه .
وأما ما تجوز فيه الحمالة بالمال مما لا تجوز : فإنها لا تجوز عند
مالك بكل مال ثابت في الذمة إلا الكتابة ، وما لا يجوز فيه التأخير ، وما يستحق شيئا فشيئا مثل النفقات على الأزواج ، وما شاكلها .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا .
nindex.php?page=treesubj&link=16599كِتَابُ الْكَفَالَةِ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَوْعِهَا وَفِي وَقْتِهَا ، وَفِي الْحُكْمِ اللَّازِمِ عَنْهَا ، وَفِي شُرُوطِهَا ، وَفِي صِفَةِ لُزُومِهَا ، وَفِي مَحِلِّهَا .
وَلَهَا أَسْمَاءٌ : كَفَالَةٌ ، وَحَمَالَةٌ ، وَضَمَانَةٌ ، وَزَعَامَةٌ .
فَأَمَّا أَنْوَاعُهَا : فَنَوْعَانِ : حَمَالَةٌ بِالنَّفْسِ ، وَحَمَالَةٌ بِالْمَالِ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16633الْحَمَالَةُ بِالْمَالِ : فَثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ ، وَمُجْمَعٌ عَلَيْهَا مِنَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَمِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ . وَحُكِيَ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً تَشْبِيهًا بِالْعِدَّةِ وَهُوَ شَاذٌّ . وَالسُّنَّةُ الَّتِي صَارَ إِلَيْهَا الْجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ هِيَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006712الزَّعِيمُ غَارِمٌ " .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16649الْحَمَالَةُ بِالنَّفْسِ ( وَهِيَ الَّتِي تُعْرَفُ بِضَمَانِ الْوَجْهِ ) : فَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِهَا شَرْعًا إِذَا كَانَتْ بِسَبَبِ الْمَالِ . وَحُكِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ ، وَبِهِ قَالَ
دَاوُدُ ، وَحُجَّتُهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=79مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ ) [ يُوسُفَ : 79 ] . وَلِأَنَّهَا كَفَالَةٌ بِنَفْسٍ; فَأَشْبَهَتِ
[ ص: 636 ] الْكَفَالَةَ فِي الْحُدُودِ . وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَهَا عُمُومُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006712الزَّعِيمُ غَارِمٌ " . وَتَعَلَّقُوا بِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً ، وَأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16668الْحُكْمُ اللَّازِمُ عَنْهَا : فَجُمْهُورُ الْقَائِلِينَ بِحَمَالَةِ النَّفْسِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ إِذَا مَاتَ لَمْ يَلْزَمِ الْكَفِيلَ بِالْوَجْهِ شَيْءٌ . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ لُزُومُ ذَلِكَ . وَفَرَّقَ
ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا ، فَقَالَ : إِنْ مَاتَ حَاضِرًا لَمْ يَلْزَمِ الْكَفِيلَ شَيْءٌ ، وَإِنْ مَاتَ غَائِبًا نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةً يُمْكِنُ الْحَمِيلَ فِيهَا إِحْضَارُهُ فِي الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لَهُ فِي إِحْضَارِهِ ( وَذَلِكَ فِي نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ إِلَى الثَّلَاثَةِ ) ، فَفَرَّطَ : غَرِمَ ، وَإِلَّا لَمْ يَغْرَمْ .
وَاخْتَلَفُوا إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16651غَابَ الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ مَا حُكْمُ الْحَمِيلِ بِالْوَجْهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ :
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : إِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْضِرَهُ أَوْ يَغْرَمَ ، وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ ، وَأَصْحَابِهِ ،
وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّهُ يَحْبِسُ الْحَمِيلَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ أَوْ يَعْلَمَ مَوْتَهُ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ ،
وَأَهْلِ الْعِرَاقِ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِذَا عَلِمَ مَوْضِعَهُ ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُكَلَّفَ إِحْضَارَهُ إِلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى إِحْضَارِهِ ، فَإِنِ ادَّعَى الطَّالِبُ مَعْرِفَةَ مَوْضِعِهِ عَلَى الْحَمِيلِ ، وَأَنْكَرَ الْحَمِيلُ ؛ كُلِّفَ الطَّالِبُ بَيَانَ ذَلِكَ . قَالُوا : وَلَا يُحْبَسُ الْحَمِيلُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُتَحَمَّلُ عَنْهُ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ ، فَيُكَلَّفُ حِينَئِذٍ إِحْضَارَهُ ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ فِي كِتَابِهِ فِي الْفِقْهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ وَاخْتَارَهُ .
وَعُمْدَةُ
مَالِكٍ : أَنَّ الْمُتَحَمِّلَ بِالْوَجْهِ غَارِمٌ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ إِذَا غَابَ ، وَرُبَّمَا احْتَجَّ لَهُمْ بِمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : "
أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ غَرِيمَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ مَالَهُ أَوْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا ، فَلَمْ يَقْدِرْ حَتَّى حَاكَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَتَحَمَّلَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَدَّى الْمَالَ إِلَيْهِ " . قَالُوا : فَهَذَا غُرْمٌ فِي الْحَمَالَةِ الْمُطْلَقَةِ .
وَأَمَّا
أَهْلُ الْعِرَاقِ فَقَالُوا : إِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْضَارُ مَا تَحَمَّلَ بِهِ وَهُوَ النَّفْسُ ، فَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ يُعَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْمَالِ إِلَّا لَوْ شَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ " . فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَهُ أَوْ يُحْبَسَ فِيهِ ، فَكَمَا أَنَّهُ إِذَا ضَمِنَ الْمَالَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَ الْمَالَ ، أَوْ يُحْبَسَ فِيهِ ، كَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي ضَمَانِ الْوَجْهِ .
وَعُمْدَةُ الْفَرِيقِ الثَّالِثِ : أَنَّهُ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ إِحْضَارُهُ إِذَا كَانَ إِحْضَارُهُ لَهُ مِمَّا يُمْكِنُ ، وَحِينَئِذٍ يُحْبَسُ إِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ ، وَأَمَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّ إِحْضَارَهُ لَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ كَمَا أَنَّهُ إِذَا مَاتَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِحْضَارُهُ . قَالُوا : وَمِنْ ضَمِنَ الْوَجْهَ فَأُغْرِمَ الْمَالَ فَهُوَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مَغْرُورًا مِنْ أَنْ يَكُونَ غَارًّا .
فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَطَ الْوَجْهَ دُونَ الْمَالِ وَصَرَّحَ بِالشَّرْطِ فَقَدْ قَالَ
مَالِكٌ : إِنَّ الْمَالَ لَا يَلْزَمُهُ ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا فِيمَا أَحْسَبُ; لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ قَدْ أَلْزَمَ ضِدَّ مَا اشْتَرَطَ ، فَهَذَا هُوَ حُكْمُ ضَمَانِ الْوَجْهِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16634حُكْمُ ضَمَانِ الْمَالِ : فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَدِمَ الْمَضْمُونُ أَوْ غَابَ أَنَّ الضَّامِنَ غَارِمٌ .
وَاخْتَلَفُوا إِذَا حَضَرَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ وَكِلَاهُمَا مُوسِرٌ : فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُمَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
وَأَحْمَدُ ،
وَإِسْحَاقُ : لِلطَّالِبِ أَنْ يُؤَاخِذَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْكَفِيلِ ، أَوِ الْمَكْفُولِ . وَقَالَ
مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ مَعَ وُجُودِ الْمُتَكَفَّلِ عَنْهُ . وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11956أَبُو ثَوْرٍ :
[ ص: 637 ] الْحَمَالَةُ ، وَالْكَفَالَةُ وَاحِدَةٌ ، وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ مَالًا لَزِمَهُ وَبَرِئَ الْمَضْمُونُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالَ وَاحِدٍ عَلَى اثْنَيْنِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16438وَابْنُ شُبْرُمَةَ .
وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَا رَأَى أَنَّ الطَّالِبَ يَجُوزُ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ; كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ غَائِبًا ، أَوْ حَاضِرًا ، غَنِيًّا ، أَوْ عَدِيمًا : حَدِيثُ
قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِيِّ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006715تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : تُخْرِجُهَا عَنْكَ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ يَا قَبِيصَةُ ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ ، وَذَكَرَ رَجُلًا تَحَمَّلَ حَمَالَةَ رَجُلٍ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا " . وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ الْمَسْأَلَةَ لِلْمُتَحَمِّلِ دُونَ اعْتِبَارِ حَالِ الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16632مَحِلُّ الْكَفَالَةِ : فَهِيَ الْأَمْوَالُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006712الزَّعِيمُ غَارِمٌ " ( أَعْنِي : كَفَالَةَ الْمَالِ وَكَفَالَةَ الْوَجْهِ ) ، وَسَوَاءٌ تَعَلَّقَتِ الْأَمْوَالُ مِنْ قِبَلِ أَمْوَالٍ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ حُدُودٍ ، مِثْلُ الْمَالِ الْوَاجِبِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ ، أَوِ الصُّلْحِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ ، أَوِ السَّرِقَةِ الَّتِي لَيْسَ يَتَعَلَّقُ بِهَا قَطْعٌ ، وَهِيَ مَا دُونَ النِّصَابِ ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ . وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ إِجَازَةُ الْكَفَالَةِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ، أَوْ فِي الْقِصَاصِ دُونَ الْحُدُودِ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16542عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ ( أَعْنِي كَفَالَةَ النَّفْسِ ) .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16633وَقْتُ وُجُوبِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ ( أَعْنِي مُطَالَبَتَهُ بِالْكَفِيلِ ) : فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى الْمَكْفُولِ إِمَّا بِإِقْرَارٍ وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16651وَقْتُ وُجُوبِ الْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ : فَاخْتَلَفُوا هَلْ تَلْزَمُ قَبْلَ إِثْبَاتِ الْحَقِّ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّهَا لَا تَلْزَمُ قَبْلَ إِثْبَاتِ الْحَقِّ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ الْقَاضِي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ مِنْ أَصْحَابِ
مَالِكٍ . وَقَالَ قَوْمٌ : بَلْ يَجِبُ أَخْذُ الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ عَلَى إِثْبَاتِ الْحَقِّ ، وَهَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا مَتَى يَلْزَمُ ذَلِكَ ؟ وَإِلَى كَمْ مِنَ الْمُدَّةِ يَلْزَمُ ؟
فَقَالَ قَوْمٌ : إِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ قَوِيَّةٍ مِثْلِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَ ضَامِنًا بِوَجْهِهِ حَتَّى يَلُوحَ حَقُّهُ ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْكَفِيلُ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً فِي الْمِصْرِ ، فَيُعْطِيهِ حَمِيلًا مِنَ الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ إِلَى الْجُمُعَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ
مَالِكٍ ، وَقَالَ
أَهْلُ الْعِرَاقِ : لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِمْ حَمِيلٌ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً فِي الْمِصْرِ نَحْوَ قَوْلِ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، إِلَّا أَنَّهُمْ حَدُّوا ذَلِكَ بِالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ يَقُولُونَ : إِنَّهُ : مَنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ حَمِيلًا حَتَّى يُثْبِتَ دَعْوَاهُ أَوْ تَبْطُلَ ، وَقَدْ أَنْكَرُوا الْفَرْقَ فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقَ بَيْنَ الَّذِي يَدَّعِي الْبَيِّنَةَ الْحَاضِرَةَ وَالْغَائِبَةَ ، وَقَالُوا : لَا يُؤْخَذُ حَمِيلٌ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ ، وَذَلِكَ إِلَى بَيَانِ صِدْقِ دَعْوَاهُ أَوْ إِبْطَالِهَا .
وَسَبَبُ هَذَا الِاخْتِلَافِ : تَعَارُضُ وَجْهِ الْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِ ضَامِنٌ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَغِيبَ بِوَجْهِهِ فَيَعْنَتَ طَالِبُهُ ، وَإِذَا أُخِذَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى بَاطِلَةً فَيَعْنَتَ الْمَطْلُوبُ ، وَلِهَذَا فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ دَعْوَى الْبَيِّنَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16560عَرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : "
أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنَ الْأَعْرَابِ مَعَهُمْ ظَهْرٌ ، فَصَحِبَهُمْ رَجُلَانِ فَبَاتَا مَعَهُمْ ، فَأَصْبَحَ الْقَوْمُ وَقَدْ فَقَدُوا كَذَا وَكَذَا مِنْ إِبِلِهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ : اذْهَبْ وَاطْلُبْ ، وَحَبَسَ الْآخَرَ ، فَجَاءَ بِمَا ذَهَبَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ : اسْتَغْفِرْ لِي ، فَقَالَ : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ، قَالَ : وَأَنْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَقَتَلَكَ فِي سَبِيلِهِ " خَرَّجَ هَذَا الْحَدِيثَ
أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ بِالْفِقْهِ ، قَالَ : وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ حَبْسًا قَالَ : وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ; لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَبْسُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى ،
[ ص: 638 ] وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدِي مِنْ بَابِ الْكَفَالَةِ بِالْحَقِّ الَّذِي لَمْ يَجِبْ إِذَا كَانَتْ هُنَالِكَ شُبْهَةٌ لِمَكَانِ صُحْبَتِهِمَا لَهُمْ .
فَأَمَّا أَصْنَافُ الْمَضْمُونِينَ : فَلَيْسَ يَلْحَقُ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مَشْهُورٌ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=26739ضَمَانِ الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً بِدَيْنِهِ ، فَأَجَازَهُ
مَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَجُوزُ .
وَاسْتَدَلَّ
أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ قَبْلُ أَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَعْلُومٍ قَطْعًا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُفْلِسُ . وَاسْتَدَلَّ مَنْ رَأَى أَنَّ الضَّمَانَ يَلْزَمُهُ بِمَا رُوِيَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006717أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَتَّى يُضْمَنَ عَنْهُ " . وَالْجُمْهُورُ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ كَفَالَةُ الْمَحْبُوسِ وَالْغَائِبِ ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16694شُرُوطُ الْكَفَالَةِ : فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبَا حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيَّ يَشْتَرِطَانِ فِي وُجُوبِ رُجُوعِ الضَّامِنِ عَلَى الْمَضْمُونِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ بِإِذْنِهِ ،
وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ .
وَلَا تَجُوزُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ كَفَالَةُ الْمَجْهُولِ ، وَلَا الْحَقُّ الَّذِي لَمْ يَجِبْ بَعْدُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَازِمٌ وَجَائِزٌ عِنْدَ
مَالِكٍ ، وَأَصْحَابِهِ .
وَأَمَّا مَا تَجُوزُ فِيهِ الْحَمَالَةُ بِالْمَالِ مِمَّا لَا تَجُوزُ : فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ عِنْدَ
مَالِكٍ بِكُلِّ مَالٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ إِلَّا الْكِتَابَةَ ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ ، وَمَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فَشَيْئًا مِثْلَ النَّفَقَاتِ عَلَى الْأَزْوَاجِ ، وَمَا شَاكَلَهَا .