[ ص: 15 ] المسألة الخامسة من التحديد  
[ غسل اليدين ]  
اتفق العلماء على أن  غسل اليدين والذراعين   من فروض الوضوء لقوله تعالى : (  وأيديكم إلى المرافق      ) واختلفوا في إدخال المرافق فيها ; فذهب الجمهور  ومالك   والشافعي  وأبو حنيفة  إلى وجوب إدخالها ، وذهب بعض أهل الظاهر وبعض متأخري أصحاب  مالك   والطبري  إلى أنه لا يجب إدخالها في الغسل .  
والسبب في اختلافهم في ذلك : الاشتراك الذي في حرف ( إلى ) وفي اسم اليد في كلام العرب ، وذلك أن حرف ( إلى ) مرة يدل في كلام العرب على الغاية ، ومرة يكون بمعنى ( مع ) واليد أيضا في كلام العرب تطلق على ثلاثة معان على الكف فقط ، وعلى الكف والذراع ، وعلى الكف والذراع والعضد .  
فمن جعل ( إلى ) بمعنى ( مع ) أو فهم من اليد مجموع الثلاثة الأعضاء أوجب دخولها في الغسل ، ومن فهم من ( إلى ) الغاية ومن اليد ما دون المرفق ولم يكن الحد عنده داخلا في المحدود لم يدخلهما في الغسل .  
وخرج  مسلم  في صحيحه  عن   أبي هريرة     : " أنه غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ، ثم اليسرى كذلك ، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق ، ثم غسل اليسرى كذلك ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ "  وهو حجة لقول من أوجب إدخالها في الغسل ; لأنه إذا تردد اللفظ بين المعنيين على السواء وجب أن لا يصار إلى أحد المعنيين إلا بدليل ، وإن كانت ( إلى ) في كلام العرب أظهر في معنى الغاية منها في معنى ( مع ) وكذلك اسم اليد أظهر فيما دون العضد منه فيما فوق العضد ، فقول من لم يدخلها من جهة الدلالة اللفظية أرجح ، وقول من أدخلها من جهة هذا الأثر أبين ، إلا أن يحمل هذا الأثر على الندب ، والمسألة محتملة كما ترى ، وقد قال قوم : إن الغاية إذا كانت من جنس ذي الغاية دخلت فيه ، وإن لم تكن من جنسه لم تدخل فيه .  
				
						
						
