المسألة الخامسة  
[  وقت الصبح      ]  
واتفقوا على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس ، إلا ما روي عن  ابن القاسم  ، وعن بعض أصحاب   الشافعي  من أن آخر وقتها الإسفار .  
واختلفوا في وقتها المختار ، فذهب الكوفيون ،  وأبو حنيفة  ، وأصحابه ،   والثوري  ، وأكثر العراقيين إلى أن الإسفار بها أفضل ، وذهب  مالك  ،   والشافعي  ، وأصحابه ،   وأحمد بن حنبل  ،   وأبو ثور  ،  وداود  إلى أن التغليس بها أفضل ، وسبب اختلافهم : اختلافهم في طريقة جمع الأحاديث المختلفة الظواهر في ذلك ، وذلك أنه ورد عنه - عليه الصلاة والسلام - من طريق   رافع بن خديج  أنه قال : "  أسفروا بالصبح ، فكلما أسفرتم ، فهو أعظم للأجر     " ، وروي عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال وقد سئل : أي الأعمال أفضل ؟ قال : "  الصلاة لأول ميقاتها     " وثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه كان يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس " وظاهر الحديث أنه كان عمله في الأغلب ، فمن قال : إن حديث  رافع  خاص وقوله "  الصلاة لأول      [ ص: 85 ] ميقاتها     " عام ، والمشهور أن الخاص يقضي على العام إذا هو استثنى من هذا العموم صلاة الصبح ، وجعل حديث  عائشة  محمولا على الجواز ، وأنه إنما تضمن الإخبار بوقوع ذلك منه لا بأنه كان ذلك غالب أحواله - صلى الله عليه وسلم - قال :  الإسفار أفضل من التغليس      .  
ومن رجح حديث العموم لموافقة حديث  عائشة  له ، ولأنه نص في ذلك أو ظاهر ، وحديث   رافع بن خديج  محتمل ; لأنه يمكن أن يريد بذلك تبين الفجر ، وتحققه ، فلا يكون بينه وبين حديث  عائشة  ، ولا العموم الوارد في ذلك تعارض - قال : أفضل الوقت أوله .  
وأما من ذهب إلى أن آخر وقتها الإسفار فإنه تأول الحديث في ذلك أنه لأهل الضرورات ( أعني قوله - عليه الصلاة والسلام - : "  من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح     " ) وهذا شبيه بما فعله الجمهور في العصر ، والعجب أنهم عدلوا عن ذلك في هذا ووافقوا أهل الظاهر ، ولذلك لأهل الظاهر أن يطالبوهم بالفرق بين ذلك .  
				
						
						
