[ ص: 8 ] ثم دخلت سنة أربع ومائة
فيها قاتل سعيد بن عمرو الحرشي نائب خراسان أهل الصغد ، وحاصر أهل خجندة ، وقتل خلقا كثيرا ، وأخذ أموالا جزيلة ، وأسر رقيقا كثيرا جدا ، وكتب بذلك إلى أمير المؤمنين ، فوجد عليه أمير يزيد بن عبد الملك العراق عمر بن هبيرة إذ لم يكتب إليه فيكتب هو إلى أمير المؤمنين ، لأنه هو الذي ولاه .
وفي ربيع الأول منها عزل عن إمرة يزيد بن عبد الملك الحرمين عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس ، وكان سببه أنه خطب فاطمة بنت الحسين ، فامتنعت من قبول ذلك ، فألح عليها وتوعدها ، فأرسلت إلى يزيد تشكوه إليه ، فبعث إلى عبد الواحد بن عبد الله النضري نائب الطائف ، فولاه المدينة ، وأن يضرب عبد الرحمن بن الضحاك حتى يسمع صوته أمير المؤمنين وهو متكئ على فراشه بدمشق وأن يأخذ منه أربعين ألف دينار ، فلما بلغ ذلك عبد الرحمن ركب إلى دمشق فاستجار بمسلمة بن عبد الملك فدخل على أخيه فقال : إن لي إليك حاجة . فقال : كل حاجة تقولها فهي لك إلا أن تكون ابن الضحاك . فقال : هو والله حاجتي . فقال : والله لا أقبلها ولا أعفو عنه . فرده إلى المدينة ، فتسلمه عبد الواحد فضربه وأخذ ماله حتى تركه في جبة صوف ، فسأل الناس [ ص: 9 ] بالمدينة ، وكان قد باشر نيابة المدينة ثلاث سنين وأشهرا ، وكان الزهري قد أشار عليه برأي سديد ; وهو أن يسأل العلماء إذا أشكل عليه أمر ، فلم يقبل ولم يفعل ، فأبغضه الناس ، وذمه الشعراء ، ثم كان هذا آخر أمره .
وفيها عزل عمر بن هبيرة ، سعيد بن عمرو الحرشي وذلك أنه كان يستخف بأمر ابن هبيرة ، فلما عزله أحضره بين يديه ، وعاقبه وأخذ منه أموالا كثيرة ، وأمر بقتله ثم عفا عنه ، وولى على خراسان مسلم بن سعيد بن أسلم بن زرعة الكلابي ، فسار إليها ، فاستخلص أموالا كانت منكسرة في أيام سعيد بن عمرو الحرشي .
وفيها غزا الجراح بن عبد الله الحكمي نائب إرمينية وأذربيجان أرض الترك ، ففتح بلنجر وهزم الترك ، وغرقهم وذراريهم في الماء ، وسبى منهم خلقا كثيرا ، وافتتح عامة الحصون التي تلي بلنجر ، وأجلى عامة أهلها .
وحج بالناس في هذه السنة عبد الواحد بن عبد الله النضري أمير الحرمين والطائف ، وعلى نيابة العراق وخراسان عمر بن هبيرة ، ونائبه على خراسان مسلم بن سعيد يومئذ .
وفي هذه السنة ولد أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وهو الملقب بالسفاح بني العباس وقد بايع أباه في الباطن جماعة من أول خلفاء أهل العراق .