( قال ) وإن حلق أو قصر فحسن ، وهذا قول وليس على المحصر حلق إذا حل أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وقال ومحمد أبو يوسف رحمه الله تعالى أرى عليه الحلق ، وإن لم يفعل فلا شيء عليه ، واحتج أبو يوسف رحمه الله تعالى بالحديث { بالحديبية مع أصحابه فأمرهم بالحلق بعد بلوغ الهدايا محلها ، وكره لهم تأخير ذلك حتى ذكر ذلك رضي الله عنها فقالت ابدأ بنفسك يا رسول الله فإنهم يظنون أن في نفسك رجاء الوصول إلى البيت للحال فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا ذلك منه بادروا إلى الحلق لأم سلمة } ، ولأنه لو لم يحصر لكان يتحلل بالحلق عند أداء الأعمال فكذلك بعد الإحصار ينبغي أن يتحلل بالحلق لقدرته على أن يأتي به ، وإن عجز عن سائر الأفعال فإن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 72 ] أحصر وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى قالا الحلق إنما يكون نسكا بعد أداء الأفعال فأما قبل أداء الأفعال فهو جناية فإذا تحقق عجزه عن ترتيب الحلق على سائر الأفعال لا يلزمه أن يأتي به وإنما تحلله بالهدي هنا ، والدليل عليه أن الله تعالى نهى المحصر عن الحلق حتى يبلغ الهدي محله بقوله تعالى { ومحمد ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } فذلك دليل الإباحة بعد بلوغ الهدي محله لا دليل الوجوب فأما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية فقد ذكر أن عند أبو بكر الرازي أبي حنيفة رحمهما الله تعالى إنما لا يحلق المحصر إذا أحصر في الحل أما إذا أحصر في الحرم يحلق ; لأن الحلق ومحمد عندهما مؤقت بالحرم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان محصرا بالحديبية ، وبعض الحديبية من الحرم على ما روي أن مضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في الحل ، ومصلاه في الحرم فإنما حلق في الحرم ، وبه نقول على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالحلق ليحقق به عزمهم على الانصراف ، ويأمن المشركون من جانبهم ، ولا يشتغلون بمكيدة أخرى بعد الصلح