: اسم استفهام عن المكان ، نحو : أين فأين تذهبون [ التكوير : 26 ] . وترد شرطا عاما في الأمكنة ، وأينما أعم منها ، نحو : أينما يوجهه لا يأت بخير [ النحل : 76 ] .
الباء المفردة : حرف جر له معان :
أشهرها : الإلصاق ، ولم يذكر لها غيره . سيبويه
وقيل : إنه لا يفارقها ، قال في شرح " اللب " : وهو تعلق أحد المعنيين بالآخر .
ثم قد يكون حقيقة ، نحو : وامسحوا برءوسكم [ المائدة : 6 ] أي ألصقوا المسح برءوسكم فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه [ المائدة : 6 ] . وقد يكون مجازا ، نحو : وإذا مروا بهم [ المطففين : 30 ] أي : بمكان يقربون منه .
الثاني : التعدية كالهمزة ، نحو : ذهب الله بنورهم [ البقرة : 17 ] ، ولو شاء الله لذهب بسمعهم [ البقرة : 20 ] أي : أذهبه ، كما قال ليذهب عنكم الرجس [ الأحزاب : 33 ] .
وزعم المبرد والسهيلي : أن بين تعدية الباء والهمزة فرقا ، وأنك إذا قلت : ذهبت بزيد ، كنت مصاحبا له في الذهاب . ورد بالآية .
الثالث : الاستعانة ، وهي الداخلة على آلة الفعل ، كباء البسملة .
الرابع : السببية ، وهي التي تدخل على سبب الفعل ، نحو : فكلا أخذنا بذنبه [ العنكبوت : 40 ] ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل [ البقرة : 54 ] ، ويعبر عنها أيضا بالتعليل .
الخامس : المصاحبة كمع ، نحو : اهبط بسلام [ هود : 48 ] ، قد جاءكم الرسول بالحق [ النساء : 170 ] ، فسبح بحمد ربك [ الحجر : 98 ] .
السادس : الظرفية كفي ، زمانا ومكانا ، نحو : نجيناهم بسحر [ القمر : 34 ] ولقد نصركم الله ببدر [ آل عمران : 123 ] .
السابع : الاستعلاء كعلى ، نحو : من إن تأمنه بقنطار [ آل عمران : 75 ] . أي عليه ، بدليل : إلا كما أمنتكم على أخيه [ يوسف : 64 ] .
[ ص: 486 ] الثامن : المجاوزة كعن ، نحو : فاسأل به خبيرا [ الفرقان : 59 ] ، أي : عنه ، بدليل : يسألون عن أنبائكم [ الأحزاب : 20 ] .
ثم قيل : تختص بالسؤال ، وقيل : لا ، نحو : نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم [ التحريم : 8 ] ، أي : وعن أيمانهم . ويوم تشقق السماء بالغمام [ الفرقان : 25 ] ، أي : عنه .
التاسع : التبعيض كمن ، نحو : عينا يشرب بها عباد الله [ الإنسان : 6 ] أي منها .
العاشر : الغاية كإلى ، نحو : وقد أحسن بي [ يوسف : 100 ] ، أي : إلى .
الحادي عشر : المقابلة ، وهي الداخلة على الأعواض ، نحو : ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون [ النحل : 32 ] ، وإنما لم نقدرها باء السببية - كما قال المعتزلة - ; لأن المعطي بعوض قد يعطي مجانا ، وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب .
الثاني عشر : التوكيد ، وهي الزائدة :
فتزاد في الفاعل وجوبا في نحو : أسمع بهم وأبصر [ مريم : 38 ] ، وجوازا غالبا في نحو : كفى بالله شهيدا [ النساء : 79 ] ، فإن الاسم الكريم فاعل ، و ( شهيدا ) نصب على الحال أو التمييز ، والباء زائدة ، ودخلت لتأكيد الاتصال ; لأن الاسم في قوله : وكفى بالله متصل بالفعل اتصال الفاعل .
قال : وفعل ذلك إيذانا بأن الكفاية من الله ليست كالكفاية من غيره في عظم المنزلة ، فضوعف لفظها لتضاعف معناها . وقال ابن الشجري : دخلت لتضمن ( كفى ) معنى ( أكتفي ) . الزجاج
قال ابن هشام : وهو من الحسن بمكان .
وقيل : الفاعل مقدر ، والتقدير : كفى الاكتفاء بالله ، فحذف المصدر وبقي معموله دالا عليه .
ولا تزاد في فاعل ( كفى ) بمعنى وقى ، نحو : فسيكفيكهم الله [ البقرة : 137 ] ، وكفى الله المؤمنين القتال [ الأحزاب : 25 ] .
وفي المفعول ، نحو : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [ البقرة : 195 ] ، وهزي إليك بجذع النخلة [ مريم : 25 ] . فليمدد بسبب إلى السماء [ الحج : 15 ] ، ومن يرد فيه بإلحاد [ الحج : 25 ] .
وفي المبتدإ ، نحو : بأييكم المفتون [ القلم : 6 ] أي : أيكم . وقيل : هي ظرفية ، أي : في أي طائفة منكم .
[ ص: 487 ] وفي اسم ليس ، في قراءة بعضهم : ليس البر أن تولوا [ البقرة : 177 ] ، بنصب البر .
وفي الخبر المنفي ، نحو : وما الله بغافل [ البقرة : 74 ] ، قيل : والموجب ، وخرج عليه : جزاء سيئة بمثلها [ يونس : 27 ] .
وفي التوكيد ، وجعل منه : يتربصن بأنفسهن [ البقرة : 228 ] .
فائدة : اختلف في الباء ، من قوله : وامسحوا برءوسكم فقيل : للإلصاق .
وقيل : للتبعيض .
وقيل : زائدة .
وقيل : للاستعانة . وإن في الكلام حذفا وقلبا ، فإن ( مسح ) يتعدى إلى المزال عنه بنفسه ، وإلى المزيل بالباء ، فالأصل : امسحوا رءوسكم بالماء .