قالوا :
تظل جيادنا متمطرات يلطمهن بالخمر النساء
فلما انتهى - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة فرآها ومعه المسلمون تقدم على راحلته ، واستلم الركن بمحجنه ، وكبر ، فكبر المسلمون بتكبيره ، فرجعوا التكبير حتى ارتجت مكة تكبيرا حتى جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير إليهم أن اسكتوا - والمشركون فوق الجبال ينظرون - وطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت ، آخذا بزمام الناقة محمد بن مسلمة ، فأقبل على الحجر فاستلمه ، ثم طاف بالبيت . وكان طوافه على راحلته ، ولم يكن محرما يومئذ فاقتصر على الطواف مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم في منزله ساعة من النهار حتى اطمأن الناس ، فاغتسل ، ثم دعا براحلته القصواء ، فأدنيت إلى باب قبته ، وعاد للبس السلاح والمغفر على رأسه ، وقد حف الناس به ، فركب راحلته والخيل تمعج بين الخندمة إلى الحجون ، ومر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى جنبه أبو بكر الصديق يسير معه يحادثه ، فمر ببنات أبي أحيحة وقد نشرن شعورهن - يلطمن وجوه الخيل بالخمر ، فنظر رسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر فتبسم وذكر بيت حسان بن ثابت ، فأنشده أبو بكر رضي الله عنه :وروى أبو نعيم ، والبيهقي من طريق عبد الله بن دينار ، وأبو نعيم من طريق نافع كلاهما عن ابن عمر - رضي الله عنهما - وأبو نعيم والبيهقي من طريق سعيد بن جبير وابن إسحاق والبيهقي وأبو نعيم ، وابن مندة ، ومحمد بن عمر عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -
فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما مر بصنم منها يشير إليه ويطعن في عينه ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا [الإسراء 81]
فما يشير إلى صنم إلا سقط لوجهه . وفي لفظ لقفاه ، من غير أن يمسه . وفي ذلك يقول تميم بن أسد الخزاعي .
ففي الأصنام معتبر وعلم لمن يرجو الثواب أو العقابا
وعند ابن أبي شيبة عن ابن عمر ، قال :
ثم انصرف إلى زمزم فاطلع فيها وقال : «لولا أن تغلب بنو عبد المطلب لنزعت منها دلوا” ،
فنزع له العباس بن عبد المطلب - ويقال الحرث بن عبد المطلب - دلوا ، فشرب منه وتوضأ والمسلمون يبتدرون وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبونه على وجوههم ، والمشركون ينظرون إليهم ويتعجبون ويقولون : ما رأينا ملكا قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به .
وأمر بهبل فكسر وهو واقف عليه ، فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان بن حرب : يا أبا سفيان قد كسر هبل ، أما إنك قد كنت منه يوم أحد في عزور حين تزعم أنه أنعم ، فقال أبو سفيان : دع عنك هذا يا ابن العوام ، فقد أرى لو كان مع إله محمد غيره لكان غير ما كان ، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس ناحية من المسجد والناس حوله . وعن أبي هريرة رضي الله عنه - قال : فما وجدنا مناخا في المسجد حتى أنزل على أيدي الرجال ، ثم خرج بها ، قالوا : وجاء معمر بن عبد الله بن نضلة - بالنون ، والضاد المعجمة - فأخرج الراحلة فأناخها بالوادي ، ثم انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إلى المقام - وهو لاصق بالكعبة ، والدرع عليه والمغفر وعمامته بين كتفيه ، فصلى ركعتين رواه البزار . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح قاعدا ، وأبو بكر قائم على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف .