فصل :
[ ] الحكمة في الفرق بين بنت الأخ وبنت العم ونحوها
وأما قوله : " وحرم عليه ، وأباح له نكاح بنت أخيه وأخته ، وهما سواء " فالمقدمة الأولى صادقة ، والثانية كاذبة ; فليستا سواء في نفس الأمر ، ولا في العرف ، ولا في العقول ، ولا في الشريعة ، وقد فرق الله سبحانه بين القريب والبعيد شرعا وقدرا وعقلا وفطرة ، ولو تساوت القرابة لم يكن فرق بين البنت وبنت الخالة وبنت العمة ، وهذا من أفسد الأمور ، والقرابة البعيدة بمنزلة الأجانب ; فليس من الحكمة والمصلحة أن تعطى حكم القرابة القريبة ، وهذا مما فطر الله عليه العقلاء ، وما خالف شرعه في ذلك فهو إما مجوسية تتضمن التسوية بين البنت والأم وبنات الأعمام والخالات في نكاح الجميع ، وإما حرج عظيم على العباد في تحريم نكاح بنات أعمامهم وعماتهم وأخوالهم وخالاتهم ; فإن الناس - ولا سيما العرب - أكثر بنو عم بعضهم لبعض أما بنوة عم دانية أو قاصية ، فلو منعوا من ذلك لكان عليهم فيه حرج عظيم وضيق ; فكان ما جاءت به الشريعة أحسن الأمور وألصقها بالعقول السليمة والفطر المستقيمة ، والحمد لله رب العالمين نكاح بنت أخي أبيه وبنت أخت أمه