[ ص: 29 ] من ناحية رضوى غزوة بواط
قال ابن إسحاق : ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول - يعني من السنة الثانية - يريد قريشا .
قال ابن هشام : واستعمل على المدينة . السائب بن عثمان بن مظعون
وقال الواقدي : استخلف عليها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتي راكب وكان لواؤه مع سعد بن معاذ ، وكان مقصده أن يعترض لعير سعد بن أبي وقاص قريش وكان فيه أمية بن خلف ومائة رجل وألفان وخمسمائة بعير .
قال ابن إسحاق : حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا ، فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى .
ثم غزا قريشا . يعني بذلك الغزوة التي يقال لها : . وبالمهملة والعشير وبالمهملة والعشيراء وبالمهملة . غزوة العشيرة
قال ابن هشام : واستعمل على المدينة . أبا سلمة بن عبد الأسد قال الواقدي : وكان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب . قال : وخرج ، عليه [ ص: 30 ] السلام ، يتعرض لعيرات قريش ذاهبة إلى الشام .
قال ابن إسحاق فسلك على نقب بني دينار ، ثم على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها : ذات الساق . فصلى عندها فثم مسجده ، فصنع له عندها طعام ، فأكل منه وأكل الناس معه ، فرسوم أثافي البرمة معلوم هنالك ، واستسقى له من ماء يقال له : المشيرب . ثم ارتحل فترك الخلائق بيسار ، وسلك شعبة عبد الله ثم صب لليسار حتى هبط يليل ، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة ثم سلك فرش ملل حتى لقي الطريق بصخيرات اليمام ، ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع ، فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة ، ووادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا .
وقد قال : حدثنا البخاري عبد الله ثنا وهب ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : كنت إلى جنب ، فقيل له : زيد بن أرقم صلى الله عليه وسلم من [ ص: 31 ] غزوة ؟ قال تسع عشرة . قلت : كم غزوة أنت معه ؟ قال سبع عشرة غزوة ، قلت فأيهم كانت أول ؟ قال : العشير ، أو العسيرة ، فذكرت كم غزا النبي لقتادة ، فقال العشيرة . وهذا الحديث ظاهر في أن أول الغزوات العشيرة ويقال بالسين . وبهما مع حذف التاء . وبهما مع المد اللهم إلا أن يكون المراد غزاة شهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم ، العشيرة ، وحينئذ لا ينفي أن يكون قبلها غيرها لم يشهدها زيد بن أرقم ، وبهذا يحصل الجمع بين ما ذكره محمد بن إسحاق وبين هذا الحديث . والله أعلم .
قال محمد بن إسحاق : ويومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ما قال ، فحدثني يزيد بن محمد بن خثيم عن ، حدثني محمد بن كعب القرظي أبو يزيد محمد بن خثيم ، ، قال : كنت أنا عمار بن ياسر وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع ، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بها شهرا ، فصالح بها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ، فوادعهم ، فقال لي علي بن أبي طالب : هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء النفر من بني مدلج ، يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون ؟ فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة فغشينا النوم ، فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض [ ص: 32 ] فنمنا فيه ، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا بقدمه فجلسنا ، وقد تتربنا من تلك الدقعاء ، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : " يا أبا تراب " لما عليه من التراب ، فأخبرناه بما كان من أمرنا ، فقال : " ألا أخبركم بأشقى الناس رجلين ؟ " قلنا : بلى يا رسول الله . فقال : " أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه - ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسه حتى يبل منها هذه " . ووضع يده على لحيته . وهذا حديث غريب من هذا الوجه وله شاهد من وجه آخر في تسمية علي عن أبا تراب ، كما في صحيح البخاري عليا خرج مغاضبا فاطمة ، فجاء المسجد فنام فيه فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عنه ، فقالت خرج مغاضبا ، فجاء إلى المسجد فأيقظه وجعل يمسح التراب عنه ويقول : " قم أبا تراب قم أبا تراب . أن