[ ص: 120 ] ذكر خوارزم شاه بخراسان ما فعله
قد ذكرنا قبل قصد السلطان سنجر خوارزم ، وأخذها من خوارزم شاه أتسز وعوده إليها ، وقتل ولد خوارزم شاه ، وأنه هو الذي راسل الخطا ، وأطمعهم في بلاد الإسلام ، فلما لقيهم السلطان سنجر ، وعاد منهزما سار خوارزم شاه إلى خراسان ، فقصد سرخس في ربيع الأول من السنة .
فلما وصل إليها لقيه الإمام أبو محمد الزيادي ، وكان قد جمع بين الزهد والعلم ، فأكرمه خوارزم شاه إكراما عظيما ، ورحل من هناك إلى مرو الشاهجان ، فقصده الإمام أحمد الباخرزي ، وشفع في أهل مرو ، وسأل ألا يتعرض لهم أحد من العسكر ، فأجابه إلى ذلك ، ونزل بظاهر البلد ، واستدعى وأعيان أهلها ، فثار عامة أبا الفضل الكرماني الفقيه مرو ، وقتلوا بعض أهل خوارزم شاه ، وأخرجوا أصحابه من البلد ، وأغلقوا أبوابه ، واستعدوا للامتناع ، فقاتلهم خوارزم شاه ، ودخل مدينة مرو سابع عشر ربيع الأول من السنة ، وقتل كثيرا من أهلها .
وممن قتل :
إبراهيم المروزي الفقيه الشافعي ، وعلي بن محمد بن أرسلان ، وكان ذا فنون كثيرة من العلم ، وقتل الشريف علي بن إسحاق الموسوي ، وكان رأس فتنة وملقح شر ، وقتل كثيرا من أعيان أهلها وعاد إلى خوارزم ، واستصحب معه علماء كثيرين من أهلها منهم :
، أبو الفضل الكرماني وأبو منصور العبادي ، والقاضي الحسين بن محمد الأرسابندي ، وأبو محمد الخرقي الفيلسوف ، وغيرهم .
ثم سار في شوال من السنة إلى نيسابور ، فخرج إليه جماعة من فقهائها وعلمائها [ ص: 121 ] وزهادها ، وسألوه أن لا يفعل بأهل نيسابور ما فعل بأهل مرو ، فأجابهم إلى ذلك لكنه استقصى في البحث عن أموال أصحاب السلطان فأخذها ، وقطع خطبة السلطان سنجر أول ذي القعدة ، وخطبوا له ، فلما ترك الخطيب ذكر السلطان سنجر ، وذكر خوارزم شاه صاح الناس وثاروا ، وكادت الفتنة تثور والشر يعود جديدا ، وإنما منع الناس من ذلك ذوو الرأي والعقل ؛ نظرا في العاقبة ، فقطعت إلى أول المحرم سنة سبع وثلاثين وخمسمائة ، ثم أعيدت خطبة السلطان سنجر .
ثم سير خوارزم شاه جيشا إلى أعمال بيهق ، فأقاموا بها يقاتلون أهلها خمسة أيام ، ثم سار عنها ذلك الجيش ينهبون البلاد ، وعملوا بخراسان أعمالا عظيمة ، ومنع السلطان سنجر من مقاتلة خوفا من قوة الخطا أتسز خوارزم شاه بما وراء النهر ، ومجاورتهم خوارزم وغيرها من بلاد خراسان .