ولما كان التقدير تعليلا للأمر بهذا القول : إنا أنزلنا كتبهم إلى رسلهم ، عطف عليه قوله مخاطبا للرأس تخصيصا له لئلا يتطرق لمتعنت طعن [ ص: 452 ] إلى عموم أو اتهام في المنزل عليه : وكذلك أي : ومثل ذلك الإنزال الذي أنزلناه إلى أنبيائهم أنـزلنا إليك الكتاب أي : هذا ، في نظمه ومقاله ، مصدقا لما بين يديه : القرآن الذي هو الكتاب في الحقيقة ، لا كتاب غيره في علو كماله فالذين أي : فتسبب عن إنزالنا له على هذا المنهاج أن الذين آتيناهم [أي : ] إيتاء يليق بعظمتنا ، فصاروا يعرفون الحق من الباطل الكتاب أي : من قبل يؤمنون به أي : بهذا الكتاب حقيقة كعبد الله بن سلام ومخيريق رضي الله عنهما ، أو مجازا بالمعرفة به مع الكفر كحيي بن أخطب وخلق كثير منهم ومن هؤلاء أي : العرب من يؤمن به أي : كذلك في الحقيقة والمجاز في المعرفة بالباطن بأنه حق لما أقامه من البرهان على ذلك بعجزهم عن معارضته مع الكفر به ، وأدل دليل على ما أردته من الحقيقة والمجاز قوله : وما يجحد أي : ينكر من الفريقين بعد المعرفة ، قال : قال البغوي : الجحود إنما يكون بعد المعرفة . قتادة
بآياتنا التي حازت أقصى غايات العظمة حتى استحقت الإضافة إلينا إلا الكافرون أي : العريقون في ستر المعارف بعد ظهورها طمعا في إطفاء نورها.