لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون
لهم فيها فاكهة ... إلخ، بيان لما يتمتعون به في الجنة من المآكل والمشارب، ويتلذذون به من الملاذ الجسمانية والروحانية، بعد بيان ما لهم فيها من مجالس الأنس، ومحافل القدس، تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة، أي: لهم فيها فاكهة كثيرة من كل نوع من الفواكه، و(ما) في قوله تعالى: ولهم ما يدعون موصولة أو موصوفة عبر بها عن مدعو عظيم الشأن معين أو مبهم؛ إيذانا بأنه الحقيق بالدعاء دون ما عداه، ثم صرح به؛ روما لزيادة التقرير بالتحقيق بعد التشويق - كما ستعرفه - أو هي باقية على عمومها قصد بها التعميم بعد تخصيص بعض المواد المعتادة بالذكر، وأيا ما كان فهو مبتدأ، و"لهم" خبره، والجملة معطوفة على الجملة السابقة، وعدم الاكتفاء بعطف "ما يدعون" على "فاكهة" لئلا [ ص: 174 ] يتوهم كون "ما" عبارة عن توابع الفاكهة وتتماتها.
والمعنى: ولهم ما يدعون به لأنفسهم من مدعو عظيم الشأن، أو كل ما يدعون به كائنا ما كان من أسباب البهجة وموجبات السرور، وأيا ما كان ففيه دلالة على أنهم في أقصى غاية البهجة والغبطة، و(يدعون) يفتعلون من الدعاء - كما أشير إليه - مثل اشتوى واجتمل إذا شوى وجمل لنفسه، وقيل: بمعنى يتداعون كالارتماء بمعنى الترامي، وقيل: بمعنى يتمنون، من قولهم: ادع علي ما شئت بمعنى تمنه علي.
وقال هو من الدعاء، أي: ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم، فيكون الافتعال بمعنى الفعل كالاحتمال بمعنى الحمل والارتحال بمعنى الرحلة، ويعضده القراءة بالتخفيف كما ذكره الكواشي. الزجاج:
وقوله تعالى: