ذكر غزوة فحل
فلما فتحت دمشق سار أبو عبيدة إلى فحل ، واستخلف على دمشق ، وبعث يزيد بن أبي سفيان خالدا على المقدمة ، وعلى الناس شرحبيل بن حسنة ، وكان على المجنبتين أبو عبيدة ، وعلى الخيل وعمرو بن العاص ضرار بن الأزور ، وعلى الرجال ، وكان أهل عياض بن غنم فحل قد قصدوا بيسان ، فهم بها ، فنزل شرحبيل بالناس فحلا ، وبينهم وبين الروم تلك المياه والأوحال ، وكتبوا إلى عمر ، وكانت العرب تسمي تلك الغزاة ذات الردغة وبيسان وفحل . وأقام الناس ينتظرون كتاب عمر ، فاعترهم الروم ، فخرجوا وعليهم سقلار بن مخراق ، فأتوهم والمسلمون حذرون ، وكان شرحبيل لا يبيت ولا يصبح إلا على تعبية ، فلما هجموا على المسلمين لم يناظروهم فاقتتلوا أشد قتال كان لهم ليلتهم ويومهم إلى الليل ، وأظلم الليل عليهم وقد حاروا ، فانهزم الروم وهم حيارى ، وقد أصيب رئيسهم سقلار والذي يليه فيهم نسطورس ، وظفر المسلمون بهم وركبوهم ، ولم تعرف الروم مأخذهم ، فانتهت بهم الهزيمة إلى الوحل فركبوه ، ولحقهم المسلمون فأخذوهم ، ولا يمنعون يد لامس ، فوخزوهم بالرماح ، فكانت الهزيمة بفحل والقتل بالرداغ ، فأصيب الروم وهم ثمانون ألفا ، لم يفلت منهم إلا الشريد ، وقد كان الله [ ص: 271 ] يصنع للمسلمين وهم كارهون ، كرهوا البثوق والوحل ، فكانت عونا لهم على عدوهم ، وغنموا أموالهم فاقتسموها . وانصرف أبو عبيدة بخالد ومن معه إلى حمص .
وممن قتل في هذه الحرب السائب بن الحارث بن قيس بن عدي السهمي ، له صحبة .
( فحل بكسر الفاء ، وسكون الحاء المهملة ، وآخره لام ) .