قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم الآية .
[ ص: 564 ] أخرج ، ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد والعدني، وابن منيع، في (مسانيدهم)، والحميدي ، وأبو داود وصححه، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأبو يعلى والكجي في "سننه"، ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان في (الأفراد)، والدارقطني ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه في (شعب الإيمان)، والبيهقي في (المختارة)، عن والضياء قيس قال : فحمد الله وأثنى عليه، وقال : يا أيها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية : أبو بكر، يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنكم تضعونها على غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب) . قام
وأخرج ، عن ابن جرير قال : صعد قيس بن أبي حازم منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : أيها الناس، إنكم لتتلون آية من كتاب الله وتعدونها رخصة، والله ما أنزل الله في كتابه أشد منها : أبو بكر يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم والله لتأمرن بالمعروف، [ ص: 565 ] ولتنهون عن المنكر، أو ليعمنكم الله منه بعقاب .
وأخرج ، عبد الرزاق ، عن وعبد بن حميد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : جرير البجلي : (ما من قوم يكون بين أظهرهم رجل يعمل بالمعاصي، هم أمنع منه وأعز، ثم لا يغيرون عليه، إلا أوشك أن يعمهم الله منه بعقاب) .
وأخرج وصححه، الترمذي ، وابن ماجه ، وابن جرير في (معجمه)، والبغوي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، وصححه، والحاكم ، وابن مردويه في (الشعب)، عن والبيهقي أبي أمية الشعباني قال : أتيت فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية؟ قال : أية آية؟ قلت : قوله : أبا ثعلبة الخشني يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم) . [ ص: 566 ] وأخرج أحمد، ، وابن أبي حاتم ، والطبراني وابن مردويه، أبي عامر الأشعري أنه كان فيهم شيء فاحتبس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه، فقال : (ما حبسك؟) قال : يا رسول الله، قرأت هذه الآية : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال : فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (أين ذهبتم؟ إنما هي : لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم) . عن
وأخرج ، عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، عن وأبو الشيخ ، أن الحسن سأله رجل عن قوله : ابن مسعود عليكم أنفسكم فقال : أيها الناس، إنه ليس بزمانها، فإنها اليوم مقبولة، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمان تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال : فلا يقبل منكم فحينئذ : عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم .
وأخرج ، سعيد بن منصور ، عن وعبد بن حميد في قوله : ابن مسعود عليكم أنفسكم الآية، قال : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، ما لم يكن من دون ذلك السوط والسيف، فإذا كان ذلك كذلك [ ص: 567 ] فعليكم أنفسكم .
وأخرج ، عبد بن حميد في (الفتن)، ونعيم بن حماد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه في (الشعب)، عن والبيهقي قال : كانوا عند أبي العالية ، فوقع بين رجلين بعض ما يكون بين الناس، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه، فقال رجل من جلساء عبد الله : ألا أقوم فآمرهما بالمعروف وأنهاهما عن المنكر؟ فقال آخر إلى جنبه : عليك بنفسك، فإن الله تعالى يقول : عبد الله بن مسعود عليكم أنفسكم فسمعها فقال : مه، لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، إن القرآن أنزل حيث أنزل، ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن، ومنه ما وقع تأويلهن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه آي يقع تأويلهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنين، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آي يقع تأويلهن عند الساعة، ما ذكر من أمر الساعة، ومنه آي يقع تأويلهن عند الحساب، ما ذكر من أمر الحساب والجنة والنار، فما دامت قلوبكم واحدة، وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعا، ولم يذق بعضكم بأس بعض، فمروا وانهوا، فإذا اختلفت القلوب والأهواء، وألبستم شيعا، وذاق بعضكم بأس بعض، فامرؤ ونفسه، فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية . [ ص: 568 ] وأخرج ابن مسعود ، ابن جرير ، وابن مردويه عن ، أنه قيل له : لو جلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه، فإن الله قال : ابن عمر عليكم أنفسكم فقال : إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ألا فليبلغ الشاهد الغائب)، فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا لم يقبل منهم .
وأخرج ، عبد الرزاق ، من طريق وابن جرير ، عن رجل قال : كنت في خلافة قتادة عثمان بالمدينة في حلقة فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فيهم شيخ حسبت أنه قال : فقرأ : أبي بن كعب عليكم أنفسكم فقال : إنما تأويلها في آخر الزمان .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، من طريق وأبو الشيخ ، عن قتادة أبي مازن قال : انطلقت على عهد إلى عثمان المدينة، فإذا قوم جلوس، فقرأ أحدهم : عليكم أنفسكم فقال : أكثرهم : لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم .
وأخرج ، عن ابن جرير قال : كنت في حلقة فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإني لأصغر القوم، فتذاكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقلت : أليس الله يقول : جبير بن نفير عليكم أنفسكم ؟ فأقبلوا علي بلسان واحد فقالوا : تنزع آية [ ص: 569 ] من القرآن لا تعرفها ولا تدري ما تأويلها، حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت، ثم أقبلوا يتحدثون، فلما حضر قيامهم قالوا : إنك غلام حدث السن، وإنك نزعت آية لا تدري ما هي، وعسى أن تدرك ذلك الزمان، إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، لا يضرك من ضل إذا اهتديت .
وأخرج ، عن ابن مردويه أنه قال : معاذ بن جبل، يا رسول الله، أخبرني عن قول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال : (يا معاذ، فهو من ورائكم أيام صبر، المتمسك فيها بدينه مثل القابض على الجمر، فللعامل منهم يومئذ مثل عمل أحدكم اليوم كأجر خمسين منكم)، قلت : يا رسول الله، خمسين منهم؟ قال : (بل خمسين منكم أنتم) . مروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، فإذا رأيتم شحا مطاعا، وهوى متبعا، وإعجاب كل امرئ برأيه، فعليكم أنفسكم، لا يضركم ضلالة غيركم،
وأخرج ، عن ابن مردويه قال : أبي سعيد الخدري ذكرت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : (لم يجئ تأويلها، لا يجيء تأويلها حتى يهبط عيسى ابن مريم عليه السلام) . [ ص: 570 ] وأخرج ، عن ابن مردويه محمد بن عبد الله التيمي، عن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أبي بكر الصديق : (ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بذل، ولا أقر قوم المنكر بين أظهرهم إلا عمهم الله بعقاب)، وما بينكم وبين أن يعمكم الله بعقاب من عنده، إلا أن تأولوا هذه الآية على غير أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم .
وأخرج ، عن ابن مردويه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : خطب الناس فكان في خطبته قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أيها الناس، لا تتكلوا على هذه الآية : أبو بكر يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إن الداعر ليكون في الحي فلا يمنعوه، فيعمهم الله بعقاب) .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وأبو الشيخ ، أنه تلا هذه الآية : الحسن عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فقال : يا لها من سعة ما أوسعها، ويا لها من ثقة ما أوثقها .
وأخرج ، عن أبو الشيخ عثمان الشحام أبي سلمة قال : حدثني شيخ من أهل البصرة، وكان له فضل وسن، قال : بلغني أن داود سأل ربه قال : يا رب، كيف لي أن أمشي لك في الأرض، وأعمل لك فيها بنصح؟ قال : يا داود، تحب من [ ص: 571 ] أحبني من أحمر وأبيض، ولا تزال شفتاك رطبتين من ذكري، واجتنب فراش المغيب، قال : أي رب، فكيف أن يحبني أهل الدنيا، البر والفاجر؟ قال : يا داود، تصانع أهل الدنيا لدنياهم، وتحب أهل الآخرة لآخرتهم، وتجتان إليك دينك بيني وبينك، فإنك إذا فعلت ذلك فلا يضرك من ضل إذا اهتديت .
وأخرج ، عن ابن مردويه ، أنه جاءه رجل فقال : يا ابن عمر أبا عبد الرحمن، نفر ستة كلهم قرأ القرآن، وكلهم مجتهد، لا يألو، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك، فقال : لعلك ترى أني آمرك أن تذهب إليهم تقاتلهم، عظهم وانههم، فإن عصوك فعليك نفسك، فإن الله تعالى يقول : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم حتى ختم الآية .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم أنه أتاه رجل من أصحاب الأهواء، فذكر له بعض أمره، فقال له صفوان بن محرز، صفوان : ألا أدلك على خاصة الله التي خص الله بها أولياءه : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل .
وأخرج ، ابن جرير من طريق وابن أبي حاتم عن علي، في قوله : ابن عباس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم يقول : أطيعوا أمري [ ص: 572 ] واحفظوا وصيتي .
وأخرج ، ابن جرير ، من طريق وابن أبي حاتم العوفي ، عن في قوله : ابن عباس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم يقول : إذا ما أطاعني العبد فيما أمرته من الحلال والحرام، فلا يضره من ضل بعده إذا عمل بما أمرته به .
وأخرج ، من طريق جويبر، عن ابن جرير ، عن الضحاك قال : ابن عباس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ما لم يكن سيف أو سوط .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم أن رجلا سأله عن قول الله : مكحول، عليكم أنفسكم الآية، فقال : إن تأويل هذه الآية لم يجئ بعد، إذا هاب الواعظ، وأنكر الموعوظ، فعليك بنفسك، لا يضرك حينئذ من ضل إذا اهتديت .
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم عمر مولى غفرة قال : إنما أنزلت هذه الآية لأن الرجل كان يسلم ويكفر أبوه، ويسلم الرجل ويكفر أخوه، فلما دخل قلوبهم حلاوة الإيمان دعوا آباءهم وإخوانهم، فقالوا : حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وأبو الشيخ أنه سئل عن هذه الآية فقال : نزلت في أهل الكتاب، يقول : سعيد بن جبير يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل من أهل الكتاب إذا اهتديتم .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : حذيفة عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال : إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر .
وأخرج عن ابن جرير في قوله : سعيد بن المسيب لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال : إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر لا يضرك من ضل إذا اهتديت .
وأخرج ، عن ابن جرير ، أنه تلا هذه الآية : الحسن يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم فقال : الحمد لله بها، والحمد لله عليها، ما كان مؤمن فيما مضى، ولا مؤمن فيما بقي، إلا وإلى جانبه منافق يكره عمله . [ ص: 574 ] وأخرج أحمد، ، وابن ماجه في (الشعب)، عن والبيهقي قال : أنس قيل : يا رسول الله، متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال : (إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل قبلكم)، قالوا : وما ذاك يا رسول الله؟ قال : (إذا ظهر الإدهان في خياركم، والفاحشة في كباركم، وتحول الملك في صغاركم، والفقه - وفي لفظ : والعلم - في رذالكم) .