[ ص: 57 ] من قال : لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين
حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع قال : دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس ، فقال له شداد بن معقل : أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء ؟ قال : ما ترك إلا ما بين الدفتين . قال : ودخلنا على فسألناه فقال : ما ترك إلا ما بين الدفتين . محمد ابن الحنفية
تفرد به ومعناه : أنه - عليه السلام - ما ترك مالا ولا شيئا يورث عنه ، كما قال البخاري عمرو بن الحارث أخو : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا . وفي حديث جويرية بنت الحارث : إن أبي الدرداء ، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر . ولهذا قال الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ابن عباس : وإنما ترك ما بين الدفتين يعني القرآن ، والسنة مفسرة له ومبينة وموضحة له ، فهي تابعة له ، والمقصود الأعظم كتاب الله تعالى ، كما قال تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) الآية [ فاطر : 32 ] ، فالأنبياء - عليهم السلام - لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها ، إنما خلقوا للآخرة يدعون إليها ويرغبون فيها ؛ ولهذا وكان أول من أظهر هذه المحاسن من هذا الوجه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، لما سئل عن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبر عنه بذلك ، ووافقه على نقله عنه - عليه السلام - غير واحد من الصحابة ؛ منهم عمر وعثمان وعلي والعباس وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبو هريرة وغيرهم ، وهذا وعائشة ابن عباس يقول - أيضا - عنه عليه السلام ؟ رضي الله عنهم أجمعين .