الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة الثالثة ]

[ الصلاة داخل الكعبة ]

وقد اختلفوا في ذلك ، فمنهم من منعه على الإطلاق ، ومنهم من أجازه على الإطلاق ، ومنهم من فرق بين النفل في ذلك والفرض .

وسبب اختلافهم : تعارض الآثار في ذلك ، والاحتمال المتطرق لمن استقبل أحد حيطانها من داخل هل يسمى مستقبلا للبيت كما يسمى من استقبله من خارج أم لا ؟ أما الأثر ، فإنه ورد في ذلك حديثان متعارضان كلاهما ثابت : أحدهما حديث ابن عباس قال : " لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتى خرج ، فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال : هذه القبلة " والثاني حديث عبد الله بن عمر : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح ، فأغلقها عليه ومكث فيها ، فسألت : بلالا حين خرج ماذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه ، وثلاثة أعمدة وراءه ، ثم صلى " فمن ذهب مذهب الترجيح أو النسخ قال : إما بمنع الصلاة مطلقا إن رجح حديث ابن عباس ، وإما بإجازتها مطلقا إن رجح حديث ابن عمر ، ومن ذهب مذهب الجمع بينهما حمل حديث ابن عباس على الفرض وحديث ابن عمر على النفل ، والجمع بينهما فيه عسر ، فإن الركعتين اللتين صلاهما - عليه الصلاة والسلام - خارج الكعبة ، وقال " هذه القبلة " هي نفل ، ومن ذهب مذهب سقوط الأثر عند التعارض ، فإن كان ممن يقول باستصحاب حكم الإجماع والاتفاق لم يجز الصلاة داخل البيت أصلا ، وإن كان ممن لا يرى استصحاب حكم الإجماع عاد النظر في انطلاق اسم المستقبل للبيت على من صلى داخل الكعبة ، فمن جوزه أجاز الصلاة ، ومن لم يجوزه ، وهو الأظهر ، لم يجز الصلاة في البيت ،

التالي السابق


الخدمات العلمية